أثارت الخيارات التي طرحها المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فيليب لازاريني، بشأن مستقبل الوكالة الأممية رفضًا رسميًا وسياسيًا وشعبيًا فلسطينيًا، على اعتبار أن أي خيار يؤدي إلى تخلي "الأونروا" عن مسؤولياتها تجاه قضية اللاجئين يخدم التوجهات الصهيونية الرامية إلى إنهاء قضية اللاجئين وتبرئة الاحتلال من مسؤوليته عن النكبة.

وطرح لازاريني خيارين خلال مشاركته في الاجتماع الرابع للتحالف العالمي من أجل تنفيذ حل الدولتين، الذي عُقد في مصر (17 شباط 2025)، بمشاركة 35 دولة ومنظمة. الأول: إمكانية السماح بانهيار "الأونروا" نتيجة تشريعات الكنيست "الإسرائيلي" وتعليق التمويل من قبل المانحين الرئيسيين.

لكنه حذر من أن انهيار الوكالة سيخلق فراغًا خطيرًا في الأرض الفلسطينية المحتلة، وستكون له تداعيات على البلدان المجاورة، مشيرًا إلى أن حرمان الأطفال من التعليم وغياب الخدمات الأساسية سيوفر بيئة خصبة للاستغلال والتطرف، مما يشكل تهديدًا للاستقرار في المنطقة وخارجها.

أما الخيار الثاني، فيتمثل في "إنهاء ولاية الأونروا تدريجيًا ضمن عملية سياسية يدعمها التحالف الدولي، بحيث يتم نقل خدماتها العامة إلى "مؤسسات فلسطينية متمكنة ومستعدة"، مؤكدًا أن "هذا هو المسار الذي يتم التحضير له".

ورفضت مصادر فلسطينية، عبر "النشرة"، بشكل قاطع تصريحات لازاريني، معتبرةً أن المطلوب منه عدم الاستسلام أو طرح خيار ترك "الأونروا" تنهار بسبب التشريعات العنصرية للكنيست الإسرائيلي أو تعليق التمويل من بعض المانحين الكبار، بل على العكس، السعي لإيجاد حلول لمواجهة الحصار السياسي والمالي الذي أقرَّ بوجوده، والبحث عن بدائل تضمن استمرار عمل الوكالة في خدمة اللاجئين الفلسطينيين.

مشروع واحد

وأكد أمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان، يوسف سرحان، في تصريح لـ"النشرة"، أن الاقتراحين المطروحين يصبان في هدف واحد، وهو إنهاء وكالة "الأونروا" خدمةً للمشروع الإسرائيلي-الأميركي، بهدف تصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة، باعتبار أن "الأونروا" تمثل الشاهد الحي على نكبة فلسطين.

وأضاف سرحان: "نخشى أن تكون مواقف وتصريحات المفوض العام لـ"الأونروا"، فيليب لازاريني، جزءًا من هذه المؤامرة، لأنها تعني الاستسلام بدلًا من إعداد خطة مواجهة والبحث عن مصادر تمويل من الدول المانحة. فبدلًا من إعطاء 500 موظف في غزة إجازات غير مدفوعة، في وقت هم بأمسّ الحاجة إلى رواتبهم ليتمكنوا من العيش بكرامة، كان الأجدر البحث عن حلول تحافظ على حقوقهم".

وأشار سرحان إلى مواقف رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، الدكتور أحمد أبو هولي، الذي رفض الاقتراحين، مؤكدًا أهمية استمرار عمل الوكالة باعتبارها مسؤولية المجتمع الدولي. كما دعا إلى وحدة الصف الفلسطيني لمواجهة هذه المؤامرة، خاصة بعد قرار الكنيست الإسرائيلي بحظر عمل "الأونروا" في الضفة الغربية وغزة، واعتبار مخيم جنين مجرد تجمع سكاني، في خطوة تهدف إلى طمس هويته ومنع تنفيذ خدمات الوكالة فيه.

تجاهل المسؤولية

ورفض مسؤول ملف وكالة "الأونروا" في "حركة الجهاد الإسلامي" جهاد محمد، تصريحات المفوض العام للوكالة، فيليب لازاريني، بشأن احتمال انهيار "الأونروا"، معتبرًا أنها تعمّق معاناة الشعب الفلسطيني وتدفع نحو الاستسلام أمام الواقع السياسي والإنساني المتدهور، بدلًا من الدفاع عن استمرار الوكالة ضمن تفويضها الأممي.

وأكد محمد في حديث خاص لـ"النشرة"، أن الحديث عن إنهاء ولاية "الأونروا" تدريجيًا يعكس تجاهلًا للمسؤولية الدولية تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين، ويزيد من المخاطر التي تواجههم، في ظل استمرار الاحتلال وغياب مؤسسات بديلة قادرة على تحمل مسؤوليات الوكالة.

وأشار إلى أن أي محاولة لتقليص دور "الأونروا" دون ضمانات لحماية حقوق اللاجئين وتأمين احتياجاتهم الأساسية تعني تقويض مستقبلهم، خاصة أن "الأونروا" ليست مجرد وكالة إغاثية، بل مؤسسة دولية أساسية توفر الخدمات الضرورية لـ 5.7 مليون لاجئ فلسطيني، في ظل غياب حلول سياسية عادلة تضمن حقهم في العودة.

ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته عبر دعم "الأونروا" ماليًا وسياسيًا، وضمان استمرار عملها في حماية حقوق اللاجئين والحفاظ على كرامتهم حتى عودتهم إلى وطنهم.