حمل تشييع الأمينين العامين لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله وهاشم صفي الدين رسائل سياسية كبيرة، موجّهة إلى الداخل اللبناني والخارج، في وقت تواصل اسرائيل اعتداءاتها على لبنان. في نفس الوقت، من المفترض أن يعقد مجلس النواب جلسات لمناقشة البيان الوزاري وإعطاء الثقة للحكومة الحالية، وهذا كلّه يأتي على وقع متغيّرات كثيرة تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
"المشهد الشعبي في تشييع الامينين العامين لـ"حزب الله" يحمل رسائل أساسية، مفادها أن الحزب لا يزال موجوداً، وأن قدرته على مستوى الساحة الشيعيّة نفسها، لا بل أن شعبيته قد زادت". هذا ما يراه الكاتب والمحلل السياسي جوني منيّر، لافتاً عبر "النشرة" إلى أن "هناك رسالة إيرانية مهمّة الا وهي لا نزال موجودين، ولم يستطع الاميركي إخراجنا من لبنان"، مشيراً إلى أن "كلمة الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم تتضمن رسائل مهمة، مفادها أنه لا يوجد حرب وأن الدولة اللبنانية ستكون هي الراعية، ولا يمكن اخفاء أن كلمة قاسم هي تحت الرعاية الايرانية". بدوره الكاتب والمحلل السياسي داوود رمّال يرى أنه "من الخطأ أن يدخل أي طرف داخلي وخارجي بلعبة الأرقام، لأنه حشد غير مسبوق في تاريخ لبنان الحديث".
كذلك يعتبر رمّال أنه "من الخطأ أيضاُ أن يتعاطى مؤيدو "حزب الله" مع هذا الحشد على أنه "مبايعة"، وتحديداً بالمفهوم العقائدي الذي له علاقة بولاية الفقيه، لأن من حضروا التشييع قاموا بذلك نتيجة العاطفة والحبّ الذي يكنّونه للسيّد نصرالله". بينما يلفت منيّر إلى أن "تحليق الطيران الاسرائيلي أثناء التشييع فيه رسائل، أبرزها أن الساحة أصبحت بيدنا والعودة إلى الوضع العسكري السابق لن يكون مسموحاً أو ممكناً"، ويشير إلى أنه "لأول مرّة الوفد الايراني يرى الطيران الاسرائيلي فوقه".
"لن نرى في المرحلة المقبلة سلاح "حزب الله" ظاهراً وسنرى الدولة اللبنانية أقوى". ويؤكد منير أن "هذا الأمر بدأنا نراه بالأمس من خلال تصريح رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي أشار، أمام الوفد الإيراني، إلى أننا "لا نريد حروب الآخرين على أرضنا والقضيّة الفلسطينية دفعناً ثمنها كثيراً"، ويضيف منيّر: "حتى إن الوفد الايراني وخلال زيارته لم يسأل عن خط الطيران الجوي بين بيروت وإيران". أما رمّال فيشير إلى أن "موضوع تسليم السلاح لم يعد من المحرّمات، وإلى أن "حزب الله" أصبح أمام ساعة الحقيقة، في موضوع امتلاك السلاح والوجهة التي سيستخدم بها".
خلال هذا الاسبوع، ستكون البلاد على موعد مع مناقشة في مجلس النواب لاعطاء الثقة للحكومة. وهنا يتوقع منيّر أن "تحصل الحكومة على الثقة من الأغلبيّة الساحقة، ومن بينهم الثنائي الشيعي الذي يشارك فيها، كذلك فإن البيان الوزاري تم التوافق عليه ولا سبب اقتصادي أو صياغة في البيان الوزاري أو غيره سيمنع الحكومة من نيل الثقة". هنا يشدد رمال على أن "حزب الله ممثل بالحكومة ووزراءه وافقوا على البيان الوزاري، الذي تحدث عن حصرية السلاح بيد الدولة وقرار السلم والحرب بيد الدولة"، لافتاً إلى أن "النتيجة هي ستكون بنيل الحكومة الثقة بأكثرية مريحة".
طوى "حزب الله" مع تشييع أمينه العام مرحلة سابقة، والواضح أن موضوع تسليم السلاح لم يعد من المحرمات، ليبقى الأهم كيف سينخرط الحزب في مشروع بناء الدولة!...