أشارت صحيفة "الرياض" إلى أن الخطة الأميركية التي قدمها الرئيس دونالد ترامب للعالم حول غزة، أتت على هيئة مسار يبدو أنه يماثل ذات الاتجاه لوعد بلفور بحيث يمكن تسميته (وعد ترامب)، صاحب هذه الخطة هو جوزيف بيلزمان أستاذ بجامعة جورج واشنطن وهو خبير بالاقتصاد والعلاقات الدولية، وقد قدم هذه الخطة لفريق الرئيس ترامب قبل الانتخابات الأميركية الماضية وتحديداً في شهر يوليو 2024.
ولفتت إلى أن هذه الخطة، على ما يبدو، وجدت طريقها إلى قناعات الرئيس ترامب الذي قدم هذه الخطة كمنظور لفكرة الحلول على طريقة الجغرفيا الاقتصادية، خطة بيلزمان هي وثيقة من تسع وأربعين صفحة تركز على قطاعات السياحة والزراعة والتكنولوجيا، ويرى صاحب الخطة أنه من الضروري إخلاء غزة بالكامل وحفر كامل مساحة القطاع للقضاء على البنية التحتية العمودية (المقصود بذلك هدم الأنفاق) وإعادة تدوير الخرسانة الناتجة من مخلفات هدم المباني، ويقدر بيلزمان أن التكلفة الإجمالية لإعادة بناء غزة بالكامل قد تصل إلى تريليوني دولار في مدة زمنية تمتد ما بين خمس إلى عشر سنوات.
وأوضحت أن بيلزمان يستشهد في خطته معتمدا على تقديرات البنك الدولي حول غزة فهو يقول إن ما يقارب من مليون ومئتي شخص في غزة أصبحوا بلا منازل وإن (62 ٪) من المنازل غير صالحة للسكن وأنه تم تدمير (90 ٪) من الطرق الرئيسة، ولكنه لم يشر إلى من هو السبب خلف ذلك، أما الطريقة التي يقترحها بيلزمان فهي تنطوي على منح عقود إيجار مدتها خمسين عاما للدول والشركات التي تشارك في عمليات إعادة البناء على أن يجرى تطوير نموذج اقتصادي يقوم على مبدأ التوفير الخاص للخدمات العامة.
وأشارت إلى أن الخطة تستبعد أي دور لسكان غزة خلال الخمسة عقود المقترحة، لأن أرضهم ستكون مؤجرة لمستثمرين ودول، وهو يفترض تدمير غزة بأكملها وإعادتها من الصفر من منطلق استثمارها سياحيا وزراعياً وتكنولوجياً، ويقترح بيلزمان نموذجا يسمى (البناء والتشغيل والنقل) وهو نموذج يمكّن شركات القطاع الخاص ومؤسساته من بناء شراكات استثمارية مع كيانات حكومية، وفق عقود إيجار عقارية لمدة تتراوح بين خمسين ومئة عام.
ولفتت إلى أن السؤال الأهم هنا يدور حول فكرة اقتصادية تحاول أن تجد حلولاً في ركام فكرة سياسية لم تتوقف صراعاتها وأزماتها منذ منتصف القرن الماضي، ويبدو أن تأثير الترمبية ونهجها القائم على فكرة الصفقات قد وجد تقاطعا مع هذه الفكرة، في الحقيقة لا يوجد تأكيد في هذه الخطة أن الحل الاستثماري يمكنه أن يحقق النجاح السياسي لتجربة ذات أبعاد سياسية تمتد من فلسطين إلى كل أنحاء العالمين العربي والإسلامي، هذه الخطة تستعيد فكرة المدينة الفاضلة ولكن الفرق أنه مطلوب تنفيذها في مساحة مليئة بالصراع والاحتلال والدم والقتل والتهجير والهدم وإرث من الانتقام وصراع الإيديولوجيات.
واعتبرت أن هذه الفكرة التي تتطلب تهجير سكان قطاع غزة من أجل تنفيذها تبدو خيالية واحتمالات نجاح الدول العربية في إحباط هذه الخطة أو تغيير مسارها ممكن وبدرجة كبيرة، فالدول الكبرى في الشرق الأوسط هي من يقود هذه المواجهة، وذلك لعد أسباب من أهمها أن فكرة التهجير مهما كان شكلها وتصورها لن تكون مقبولة من أي فريق عربي، وقد تستدعي المواجهات المباشرة، فتهجير مليوني فلسطيني من غزة لن يتوقف عند هذا الحد وهو مؤهل لأن يمتد أيضا إلى تهجير ثلاثة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية المحتلة، لأن فكرة سيناريو الفشل الاقتصادي الذي تم استخدامه لتبرير خطة غزة قد يتم تطبيقه على الضفة أيضا، كما أن الدول العربية لديها الكثير من أدوات الضغط التي يمكن استخدامها لتغيير الاتجاهات في هذه الخطة، معتبرة أن من المستحيل وبدرجة كبير تنفيذ أي خطة تخص غزة دون موافقة عربية شاملة.