يُقال أنه خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان استغل العدو التفوق التكنولوجي الكبير والواضح لينال من قادة حزب الله، وأكثر، حتى أن بعض الحزبيين يؤكدون أن رجل التكنولوجيا الاول إيلون ماسك وضع كل إمكاناته بيد الإسرائيليين خلال هذه الحرب فكانت الخروقات التي حققها العدو لا تُعد ولا تُحصى.

بمعزل عن ملف "البيجيرات" والاجهزة اللاسلكية والتي فُخخت بعملية أمنية إستخباراتية طويلة ومعقدة بدأت منذ أكثر من عشر سنوات، كان للتفوق التكنولوجي الإسرائيلي أثره البالغ خلال الحرب الأخيرة، فالعدو تمكن أكثر من مرة من اختراق شبكات الإتصال الداخلي للحزب، واختراق ما هو أكبر وأخطر عندما تمكن من الوصول إلى رؤوس الصواريخ الذكيّة، فألزم الحزب بتحويلها من ذكية إلى صواريخ غبية، بمعنى أن العدو أفشل القدرة على التحكم بها بسبب الاختراق التكنولوجي، وهو ما تكرر أيضاً مع عدد من المسيّرات.

كذلك للتكنولوجيا الخطيرة والجديدة أثرها بمسألة البحث عن الاهداف وتحديدها، فقيل الكثير عن بصمات العيون وبصمات الصوت، فلعبت المسيرات المجهّزة بقدرات تكنولوجيّة فائقة، ومربوطة ببرامج حديثة من الذكاء الإصطناعي من مراقبة وتحديد واستهداف الكثير من القادة دون تدخل بشري يُذكر، حتى ولو صدرت تقارير إسرائيلية أو غربية عن احتمالات الخطأ التي تقع بها هذه البرامج، إلا أنها كانت أساسية في الحرب الإسرائيلية على لبنان وعلى غزة أيضاً.

هذا التفوق التكنولوجي الذي كان يعلم حزب الله بوجوده، كان اكبر بكثير مما هو معلوم أو متوقّع، إذ أثبتت التكنولوجيا أن بإمكانها قلب الموازين في أيّ معركة، ناهيك عن الخرق الأمني الذي كان موجوداً داخل بنية الحزب والذي لن يُكشف عنه ربما لأسباب أمنيّة خاصة، ولكن السؤال الأساسي اليوم هو ما إذا كانت المقاومة قد تعلّمت من دروس الحرب أم لا.

من أجل مواجهة التكنولوجيا الحديثة والمتطورة لا يوجد سوى خيارين، الأول هو الوصول إلى نفس المستوى من التقدّم التكنولوجي أو تخطّي العدو بمستوى التطور، وهذا قد يكون مستحيلاً بظلّ الإمكانات الهائلة الموضوعة بخدمة الجيش الإسرائيلي، أو الثاني المتمثل باللجوء إلى زمن "اللا تكنولوجيا" وبالتالي الابتعاد قدر الإمكان عن كل ما هو "ذكيّ" وإبعاد الإنترنت والكاميرات والهواتف الذكية.

من هذين الخيارين يجب الإختيار، لكن ليس هذا كل شيء، فللإستفادة من دروس وعبر الحرب، يجب على المعنيين بالعمل المقاوم الحذر، وتحديداً الأشخاص الذين قد يكونوا من الاهداف المحتملة للعدو الإسرائيلي، فلا يجوز العودة لاستعمال الهاتف، فالإبتعاد عنه فقط في زمن الحرب تبيّن فشله في تحقيق النتيجة المرجوة، فهذا الإجراء يجب أن يكون دائماً ومستمراً في كل الظروف، ولا ينفع ابتعاد الشخص كفرد عن الهاتف بل كل من هم في محيطه، كذلك لا يجوز التغافل عن التطور الكبير في برامج تحديد هوية الأشخاص، فعلى سبيل المثال كان لافتاً خلال تشييع السيّدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين ظهور عناصر بغطاء للوجه مع إبقاء للعيون، وهذا ما لن يكون عائقاً امام برامج الذكاء لتحديد الهوية الحقيقية للشخص وصورته الكاملة، كذلك كان لافتاً وجود صور لهؤلاء الأشخاص مع "تمويه الصورة" مع العلم أن هناك برامج ذكية قادرة على إزالة التمويه وتوضيح الصورة.

يُفترض أن تكون الحرب الأخيرة بمثابة جرس إنذار جدّي، لا يمكن لما بعدها أن يكون قبلها، وفي الشأن التكنولوجي، التعلم هو ضرورة قصوى.