تم تنظيم ندوة علمية تحت عنوان "إعادة النظر في التقسيم الجندري للعمل المنزلي في ضوء انسحاب العمالة المنزلية" بحضور ممثّلة اللبنانية الأولى السيّدة نعمت عون الدكتورة جلنار محسن، وبرعاية وحضور عميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية البروفسورة مارلين حيدر، وبدعوة من مؤسّسة فريدريش إيبرت في لبنان، وبالتعاون مع معهد العلوم الاجتماعية (الفرع الأول) في الجامعة اللبنانية، ومركز أبحاث المعهد في الجامعة اللبنانية (مختبر علم اجتماع العائلة)، حضر الندوة كل من عميدة المعهد البروفسورة مارلين حيدر، وممثّل فريدريش إيبرت في لبنان السيّد ميرين عبّاس، ومدير مركز الأبحاث في المعهد البروفسور حسين أبو رضا، ومدير المعهد في الفرع الأول الدكتور علي زعيتر، وممثّلة منظّمة الأسكوا في لبنان السيدة ربى عرجا، وممثّلة المجلس النسائي اللبناني السيّدة دنيا فيّاض، وممثّلة مجلس كنائس الشرق الأوسط البروفسورة لور أبي خليل، ورئيسة الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية البروفسورة ماريز يونس. كما حضر الندوة شخصيات أكاديمية وأساتذة ومحاضرين جامعيين، وباحثين من مراكز دراسات، وطلاّب طالبات من المعهد، وفعاليات وجهات تربوية وثقافية وإعلامية ومهتمّين.
قدّمت للندوة وأدارت جلسة النقاش الأستاذة المساعدة في الجامعة اللبنانية ومسؤولة الإعلام في مركز أبحاث معهد العلوم الاجتماعية الدكتورة ليلى شمس الدين.
واستهلت عميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية مرحّبة بممثّلة السيّدة الأولى، وبجميع الحضور "في جامعتنا الوطنية، وفي معهد العلوم الاجتماعية الفرع الاول ... لا سيما المهتمين بقضايا المرأة وبالدراسات المتعلقة بها .. " وأضافت "إنّنا نشعر بسعادة كبيرة لرؤية هذا التجمّع اليوم تحت رعاية وتمثيل رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، السيدة نعمت عون، التي تعتبر وفق ظروفنا الراهنة المتقدّمة في تراتبية الاهتمام بشأن المرأة". وتطرّقت العميدة إلى "تزامن هذه الندوة مع ورشة اقليمية أقيمت مؤخّرًا في الرباط، كانت الجامعة اللبنانية حاضرة فيها، حول "دراسات وابحاث المرأة في الجامعات في المنطقة العربية: واقع وآفاق مستقبلية، بهدف إنشاء شبكة إقليمية رسمية من الجامعات في المنطقة العربية، لتعزيز دراسات المرأة والتدريس والبحث في هذا المجال". واعتبرت البروفسورة حيدر أنّه و "وفق تجربتنا في المعهد أنّ الاهتمام بمواضيع المرأة، وتشعبها ضمن تخصّصاتنا المتنوّعة، البحثية والمهنية، (كعلم اجتماع الاسرة، التربية، التنمية، الارشاد والتوجيه النفس – اجتماعي، ..) يطال شريحة طلابية كبيرة، ويؤسس بالتالي لوعي أوسع بين طلابنا على المستويين المعرفي والبحثي في آن".
كما ذكرت أنّ معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية "كما عادته حاضرة دائماً للتشبيك مع المؤسّسات الوطنية والاقليمية والدولية لتعميق الأبحاث في مجالات التنمية، وخصوصًا منها ما يطال المرأة في مجتمعنا، فنشر الوعي لأهمية المساواة بين الجنسين نعتبره راهناً ضرورة مجتمعية ووطنية هامّة". ونوهّت بـالبحث موضوع الندوة، معنبرة إياه "أكبر دليل على مدى اهتمام معهدنا بهذا النوع من الإنتاج البحثي الذي يطال المرأة في لبنان". وهو يقع في ميدان "علم اجتماع العائلة، ويطال مسألة واقع العمل المنزلي في لبنان بعد الازمة الاقتصادية التي أظهرت ضرورات جديدة في المجتمع المحلي لجهة تعاون الشريكين في العمل المنزلي، لا سيما بعد تراجع عادة الاستعانة بالعاملة في الخدمة المنزلية (مقيمة أو مياومة)". واختتمت العميدة كلمتها بالقول "ندرك أن المسائل التي قد تبدو للبعض أنّها ثانوية على المستوى العلمي، هي مسائل جوهرية لحفظ المجتمع في سيرورة تحوّلاته ولتأمين استقراره ورفاهه".
بدورها، أعرب مدير مؤسّسة فريدريش إيبرت في لبنان "نحن ملتزمون بتعزيز المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية. يعدّ معالجة التقسيم الجندري للعمل، لا سيما في المجال المنزلي، أمرًا جوهريًا لتحقيق هذا الهدف. نحن ندرك أن التغيرات في أسواق العمل، والضغوط الاقتصادية، والتحوّلات في المعايير الاجتماعية تعيد تشكيل الطريقة التي يُنظر بها إلى العمل المنزلي وتوزيعه" واضاف أنّ هذا الأمر"أدّى انسحاب العمالة المنزلية إلى خلق واقع جديد للأسر، مما يتطلّب منا تقييمًا نقديًا للأدوار الجندرية الحالية وانعكاساتها على السياسة الاجتماعية". معتبرًا أنّ هذه الندوة "ستسلط الضوء على هذه الديناميات من خلال عرض دراسة شاملة أعدّتها الدكاترة هلا عواضة، مريم الحاصباني، وسناء كيال"، آملاً أن "تعزز ندوة اليوم حوارًا هادفًا، وتشجّع على استكشاف آفاق جديدة، وتلهم توصيات عمليّة لتعزيز المساواة بين الجنسين في كل من المجالين المنزلي والعام"، واختتم كلامه بالقول أنّهم "في مؤسّسة فريدريش إيبرت، نؤمن بشدّة بأنّ التحوّلات الاجتماعية تبدأ بالتأمّل النقدي والعمل الجماعي. معًا، ومن خلال البحث والمناقشة والمناصرة، يمكننا تحدّي المعايير الجندرية الراسخة والعمل نحو مجتمع أكثر عدلاً ومساواة".
وتناول مدير معهد العلوم الاجتماعية في كلمته امرين، تمحور الأوّل "حول أهمية التعاون مع مراكز الأبحاث ودور ذلك في تطوير مهارات البحث التطبيقي ورسم السياسات" واعتبر أنّ الدراسة التي "قامت بها كل من الدكاترة هلا عواضة ومريم الحاصباني وسناء كيّال بتمويل من مؤسّسة فريدريش إيبرت، بتوضيح الصورة حول ما تتركه الأزمة الاقتصادية وحتى الأمنية والسياسية من نتائج على تقسيم العمل داخل الأسرة وبغض النظر عن المصطلحات والتعريفات فإنّ هكذا نوع من الدراسات والابحاث الكمية التطبيقية يفيد بشكل اكيد راسمي وواضعي السياسات الاجتماعية والاقتصادية وهو ما نحتاجه اليوم لأجل النهوض الاجتماعي والاقتصادي في بلدنا الحبيب لبنان" وتطرّق إلى أنّنا بذلنا لأجل تحريره الغالي والنفيس، داعيًا "إلى تكثيف الجهود العلمية والبحثية سواء النظرية او التطبيقية للخروج من مأزق الاستنسابية والذوقية في رسم السياسات العامّة ووضع البرامج، لتصبح إدارة الدولة وخططها وبرامجها التنموية قائمة على اساس المنطق والبحث العلمي بشقيه النظري والتطبيقي". أمّا الأمر الثاني، فتمحور حول دور الفرع الأول في معهد العلوم الاجتماعية في الفرع الأوّل، والذي يضم ٦٩ أستاذا يتوزعون على سبعة اختصاصات بحثيّة ومهنيّة، منوّهًا بـ "الدكتورة هلا عواضة كنموذج لروحية أساتذة المعهد الذين يشكّلون في اغلبيتهم طبقة من الباحثين أو المرشدين أو المديرين في مراكز بحث ودراسات تطبيقية"، واختتم مدير المعهد الفرع الأوّل) كلمته بالتركيز على دور وعمل إدارة المعهد التي تدعو وتشجّع هذا النوع من التعاون بين المعهد ومراكز الأبحاث، "لسببين أساسيين الأول لوجود أساتذة باحثين ولديهم التجربة العلمية والعملية، ويستطيعون أن يعطوا قيمة علمية ومعرفية مضافة، والثاني نحو إطلاق مسارا موجّه للدراسات التطبيقية يكون قاعدة معرفية لصناعة القرار، بحيث يستفاد منه في رسم السياسات ووضع البرامج". معربًا عن استعداد إدارة المعهد للتعاون الدائم فيما يخدم تطوّر وتقدّم بلدنا العزيز ومجتمعنا الحبيب.
وأنجزت الدراسة موضوع الندوة من قِبل الدكتورة هلا عواضة، وهي أستاذة مساعدة في معهد العلوم الاجتماعية الجامعة اللبنانية، والأمينة العامة لتجمع الباحثات اللبنانيات، الدكتورة مريم الحاصباني، وهي عضوة في هيئة التدريس في كلية الآداب والعلوم في جامعة البلمند، والدكتورة سناء كيّال الباحثة ومعالجة بيانات إحصائية.
وتطرّق العرض إلى حاجة الأسر التي تعمل فيها الزوجة إلى التوفيق بين متطلبات العمل المأجور ومسؤوليات الرعاية المنزلية، وإلى اللجوء إلى أشكال الاستعانة المختلفة (أهل، عاملة مياومة في الخدمة المنزلية أو مقيمة)، دون إغفال انفجار الأزمة الاقتصادية المالية، الذي نسف الترتيبات السابقة فيما بين النساء اللبنانيات، وذلك في سوق العمل المأجور و"بدائلهن المنزلية" نظرًا إلى عودة آلاف العاملات الأجنبيات المستخدمات في الخدمة المنزليةإلى بلادهن وذلك بحسب المنظّمة الدولية للهجرة .وأشارت اتلباحثات الثلاث إلى هدف هذا البحث المتمحور حول دراسة أثر تراجع العمالة المنزلية على التقسيم الجندري للعمل المنزلي في لبنان، من خلال تحليل التحوّلات التي طرأت على توزيع الأدوار بين الشريكين في ظل الأزمة الاقتصادية. كما هدف إلى استكشاف مدى مساهمة الاعتماد على عاملات المنازل في تأجيل أو إخفاء الصراع حول تقسيم العمل المنزلي، وما إذا كان انسحاب هذه الفئة من سوق العمل قد ساهم في تحقيق توزيع أكثر عدالة للأعباء المنزلية. واستعرضت الباحثات منهجية البحث وعيّنته، ومحاور المقابلة والاستمارة الخاصّة به، وصعوبات البحث. كما استعرضن الخصائص السوسيوديموغرافية للمشاركين/ات في الاستطلاع، وأسباب وأثر الاستعانة كما عدم الاستعانة بالعمالة المنزلية المأجورة قبل وخلال الأزمة الاقتصادية، وتوزّع أفراد العيّنة بحسب الاستعانة بأحد للمساعدة في الأعمال المنزلية و/أو رعاية الأطفال قبل 2020 إلى حين الانتهاء من البحث، واختتمن العرض بالاستنتاجات التي خلص إليها هذا البحث.
وتناولت حلقة نقاشية "تقسيم الأدوار الجندرية والحركة النسوية" ثلاثة طروحات تمحورت حول الحواجز الاجتماعية والقانونية التي تمنع إعادة التفاوض العادلة حول المسؤوليات المنزلية بين الزوجين، وكيفية مساهمة الاقتصادات الرأسمالية والسياسات النيوليبرالية في تقسيم العمل المنزلي، وفي تعزيز الأدوار الجندرية التقليدية، وتطرّقت هذه الحلقة إلى الخطاب النسوي وغمكانية تجاوزه للمفهوم الأبوي للـ "المشاركة"، بهدف تحقيق تحوّل حقيقي للأدوار الجندرية داخل الأسر. شارك في حلقة النقاش كل من سامانثا إليا، مديرة برنامج السياسة النسوية والجندر الإقليمي في مؤسسة فريدريش إيبرت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والدكتورة هلا عواضة الباحثة الرئيسية للدراسة. قدّمت وأدرات هذه الحلقة الدكتورة ليلى شمس الدين.
تضمّنت الندوة فتح باب النقاش للحاضرين الذي أغنى اللقاء وذلك بعد عرض نتائج البحث، وأيضًا عقب جلسة النقاش.
إشارة إلى أنّ الندوة عُقدت في قاعة المعلوماتية في مبنى معهد العلوم الاجتماعية (الفرع الأوّل) في الجامعة اللبنانية، واختتمت بحفل كوكتيل.