مساء أول من أمس، نجحت حكومة نواف سلام، كما كان متوقعاً، بالحصول على ثقة المجلس النيابي بأغلبية 95 صوتاً، الأمر الذي يخولها الإنطلاق بالعمل لمواجهة مجموعة واسعة من التحديات. بالرغم من أن العنوان الأهم يبقى التحضير للإنتخابات النيابية في العام 2026، على إعتبار أن هذا الإستحقاق هو الأساس في الإنتقال إلى مرحلة جديدة في البلاد.

في هذا السياق، تستطيع القوى المشاركة أو الداعمة لهذه الحكومة أن تؤمن الحماية لها، لا سيما أن ليس هناك من فريق معارض لها بإستثناء "التيار الوطني الحر"، مع العلم أن العلاقة مع "حزب الله" و"حركة أمل" ستبقى موضع متابعة يوميّة. إلا أنّه في المقابل توحي بعض المؤشّرات أنها، حتى الآن، لم تحصل على الثقة الأهم بالنسبة لها، أي تلك التي تصدر عن الجهات الخارجيّة المعنية.

"هذه الحكومة لا تزال في مرحلة الإختبار الدولي"، هذا ما تؤكد عليه مصادر سياسية متابعة لـ"النشرة"، مشيرة إلى أن القوى الخارجيّة، التي كانت قد ساهمت في إيصال كل من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام، ستراقب أي خطوة تقوم بها، خصوصاً على مستوى العلاقة مع "حزب الله"، نظراً إلى وجود مجموعة من الخطوات المطلوبة منها تحت عناوين مختلفة.

وتلفت هذه المصادر إلى أن بعض الجهات الخارجية تعتبر أن البلاد إنتقلت إلى مرحلة سياسية جديدة، من المتفرض أن تترجم عبر خطوات تقوم بها الحكومة على مستوى التعاطي مع "حزب الله"، وبالتالي هي لن تقبل العودة إلى الاسلوب الذي كان قائماً في السنوات الماضية، خصوصاً أنها تعتبر أن لديها ورقة ضغط قوية تتمثل في الأموال اللازمة لإعادة الإعمار وتحريك الحياة الإقتصادية، وتضيف: "هذه الأموال لن تأتي دون قيام الحكومة بما يجب عليها أن تفعله".

من حيث المبدأ، لا يمكن فصل ما هو مطلوب من لبنان عما يجري من تطورات في المنطقة، حيث تبدو إسرائيل، بدعم من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مطلقة اليدين من أجل القيام بما تراه مناسباً لحماية أمنها، ما يبرر الخطوات التي تقوم بها في كل من فلسطين وسوريا ولبنان، لكن السؤال يبقى حول قدرة حكومة سلام على تنفيذ ما هو مطلوب منها على هذا الصعيد.

في هذا الإطار، تلفت مصادر نيابيّة، عبر النشرة"، إلى أن الجميع يدرك طبيعة العلاقة القائمة بين الحكومة والحزب، بالرغم من أن الأخير ممثل فيها عبر وزيرين، حيث تشير إلى أن الإنتقادات التي توجه لها، من قبل البيئة الحاضنة كبيرة، خصوصاً أنها لم تبادر إلى أخذ أي موقف واضح من الإعتداءات الإسرائيليّة المتكررة، من دون تجاهل ما كانت قد تركته حادثة منع الطائرة الإيرانية من الهبوط في مطار بيروت الدولي من تداعيات، لكن، على ما يبدو، ليس هناك من رغبة لدى الحزب في المبادرة إلى أيّ مواجهة.

من وجهة نظر هذه المصادر، العلاقة بين الحكومة و"حزب الله" تعبير عن إشكالية العلاقة بين الحزب والدولة، في ظل التناقضات التي تحكم الخطابات المعلنة، من دون تجاهل المزايدات التي تقوم بها بعض القوى المعارضة له، على قاعدة أن العنوان الأبرز لمختلف المعارك السياسية التي تخاض، الأمر الذي يؤكد أن وتيرته سترتفع، بشكل أكبر، عند الإقتراب أكثر من موعد الإنتخابات النيابية، إنطلاقاً من العناوين التي رافقت تشييع كل من السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين.

في المحصلة، تشدد المصادر نفسها على أن الحكومة أمام مجموعة واسعة من التحديات التي ترتبط بهذه العلاقة، على إعتبار أن عليها الموازنة بين ما هو مطلوب من قبل الجهات الخارجية، من أجل الحصول على الدعم، وما تستطيع أن تقوم به على أرض الواقع، من دون أن يقود ذلك إلى عرقلة عملها، وتضيف: بين "المعادلتين يأتي الصراع السياسي الذي سترتفع حدته بسبب الإستحقاق الإنتخابي".