لم ينسَ الرئيس الأميركي دونالد ترامب كيف حاربته "الدولة العميقة"، خلال ولايته الأولى، والتي فتحت عليه أبواب الدعاوى القضائية وغيرها، حيث لم تكتف بهذا الحدّ بل ذهبت أبعد من ذلك، إلى حدّ إسقاطه في الانتخابات الرئاسية في العام 2020. اليوم، عاد ترامب إلى البيت الأبيض، ولا شكّ أنه يضع نصب عينيه كيفية "كبح أجنحة" تلك "الدولة"، التي تضم عددا كبيرا من الأشخاص والجمعيات الموجودين والمؤثّرين في دوائر القرار، والتي قيّدت سياساته في العام 2016.
ومن ينظر من بعيد في القرارات التي يأخذها ترامب، منذ توليه الرئاسة، يكاد لا يفهم سببها، فلماذا مثلاً قام بإيقاف المساعدات للجمعيات والمتمولين حول العالم. حتماً هذا القرار أثار لغطاً كبيراً، ولكن الأكيد أن من يريد أن يفهم كل أسباب هذه القرارات عليه أن يعود إلى ما هو أعمق من الأموال ومصادرها وتخفيف الصرف عن الولايات المتحدة. في الحقيقة، هو صراعه ضد "الدولة العميقة" في أميركا، التي حاربته في الماضي وهو اليوم يريد محاربتها، على حدّ تأكيد مصادر متابعة.
وترى المصادر أن "سبب توقيف المساعدات يعود إلى أن ترامب يرغب بدرسها، وإيقاف الصرف الكبير لتحسين الأوضاع داخل بلاده، خصوصا وأن الطبقة المتوسطة تعاني كثيراً في حين أن أموال الشعب الأميركي صُرفت في أمكنة أخرى من العالم، مثل الحرب الأوكرانية وغيرها".
وأضافت المصادر: "جزء كبير من الخطوات التي يقوم بها ترامب هي في إطار حربه مع الدولة العميقة في الولايات المتحدة، التي لم تتركه يحكم طيلة ولايته السابقة، وفي الفترة الأخيرة منها إنتزعت صلاحياته ونقلته من حرب قضائية إلى أخرى، وهذا ما دفعه اليوم للقيام بكل هذه الخطوات، والهدف لديه فقط هو تحقيق إستمرارية في الحكم".
وتلفت المصادر إلى أن "الوكالة الأميركية للتنمية الدوليّة جزء أساسي من الدولة العميقة، التي حاربته، أوFederal Agency أي المؤسسة الفيدرالية، بالمختصر تلك الوكالة كانت تسيّر مشروعاً عكس مشروعه بشكل كامل"، وتوضح أن "هناك وجهتي نظر في الولايات المتحدة، الأولى يقودها المحافظون بحرب القيم، وهنا الوكالة الدولية دعمت "الجندرة" وفي الواقع كان يتم وضع عنوان تنموي للمشروع في حين أن باطنه سياسي"، كذلك ترى المصادر أن "ترامب بحربه الداخليّة يقوم بتوقيف كل هذه المشاريع وElon Mask هو جزء كبير من الحرب الداخليّة، وعبره وجّه أول ضربة قوية لأجنحة الدولة العميقة التي تعمل ضده".
تشرح أيضاً المصادر أن "ترامب يسعى إلى تجفيف أموال المشاريع التي تفرض أجندة مختلفة عن المشاريع والقيم التي يريدها، وبهذا الشكل يستطيع أن يخفّف من قدرة تلك المؤسسات على الحرب ضده".
في المحصّلة لا تزال الحرب التي يخوضها ترامب ضد "الدولة العميقة" في بدايتها، فهل ينجح في تقويض وكبح جناحها وجموحها، أم أنه ورغم كل المحاولات ستفوز هي في النهاية؟!.