تحت الثلج وفي الصقيع والبرد سار ويسير المئات في 22 من كل شهر من تلة محبسة مار بطرس وبولس، والّتي أصبحت معروفة بمحبسة القديس شربل، إلى دير مار مارون في عنايا. وهو يوم أعجوبة مار شربل مع السيّدة نهاد الشامي، وكذلك في جبال البيرينيه في مغارة سيّدة لورد في فرنسا تحت الثلج والصقيع يصلون للسيدة العذراء.

انه الايمان في معانيه وأجمل تجليّاته. يظهر هنا مدى تعلّق الانسان واتّكاله على العناية الإلهيّة وحمايته من المرض وشفاء احبّائه من العلل.

قال أندريه مالرو ان هذا العصر سيكون عصر الدين والايمان، وإذا "كان فيكم إيمان كحبة الخردل تنقلون الجبال".

تقولون للجبل انتقل إلى البحر فيكون لكم ذلك. هذا الايمان الصارخ للناس التي تسير بالبرد والصقيع وتحت الثلج من محبسة القدّيسَين بطرس وبولس على جبل عنايا في زيّاح مهيب للقربان المقدّس وصولا الى تمثال القديس شربل في باحة مزار الدير، لا زَغَلَ فيه حيث تستعر المحبّة في قلوب المؤمنين الّذين يحجّون للصلاة.

وفي جبال البيرينيه المرتفعة حيث البرد والصقيع والرياح على مدار السنة بالكامل، اناس كُثُر يصلّون أمام مغارة سيدة لورد حيث ظهرت السيدة العذراء للقديسة برناديت سوبيرو.

هذه الصرخة من الايمان تقول للفيلسوف الألماني نيتشيه أن الله لم يمت ولا يموت لأنه هو البداية منذ الأزل والى دهر الدهور، وان المادية التاريخية والثورة الماركسية لم تقدر على محو الايمان واطفاء شعلته في قلب الانسان.

وبالرغم من قول الفيلسوف الالماني فيورباخ في نظريته أن حاجة الانسان كولد هي الّتي تخلق الله، فإن الله موجود في الكائن البشري كما هو موجود الخير والعطش والرغبات والشهوات: شهوة الجسد وشهوة السلطة والمجد وشهوة المال. وان يد الله التي لامست تراب الانسان تركت فيه ظمأ للايمان والرجاء والمحبة ليعطي معنى لمعطوبيّة وجوده ويشفى من قلقه وكآبته وغربته.

الايمان يصنع العجائب، وحب الله يجعل من قلب الانسان نارا ملتهبة وشوقا لا ينتهي، وعشقا حتى السكر بالله كما كان القديس شربل سكرانًا بالله، والقديسة برنادت مجذوبة بالسيدة "la dame" .

نصلي ونقول يا رب زدنا ايمانا. وايماني ساطع كما يقول الرحابنة، "مهما تأخر جايي" وخلاصنا وخلاص لبنان آتٍ لا محالة. هذا هو رجائي.