اشارت مصادر الوزارية لصحيفة "الجمهورية"، حول موضوع المساعدات، إلى أنّ "الترجمة العملية للمهمّة الحكومية تتطلّب وقتاً طويلاً، يتجاوز عمرها، مرجّحةً التركيز على مجموعة عناوين أولها إنجاز موازنة العام 2025، السعي الجدّي وعلى وجه السرعة، لإتمام الجزء الواسع من التعيينات في كل الفئات الوظيفية، وإصدار المراسيم التطبيقية لمجموعة القوانين المجمّدة، مع تعيين الهيئات الناظمة لبعض القطاعات المنتجة. وكل تلك الأمور، تحتل الأولوية، لكن في صدارتها أولوية إعادة الإعمار، وهذا مرتبط بالتأكيد بتوفّر المساعدات".

الأولوية

ولفتت الصحيفة الى أن "الأكيد في هذا السياق أنّ ملف الإعمار وتوفير أكلافه يشكّل الأزمة الكبرى التي تثقل لبنان في هذه المرحلة. وإذا كانت زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى السعودية ومشاركته في القمة العربية في القاهرة، قد أبرزتا حضور لبنان مع الأسرة العربية، وعكستا احتضاناً لافتاً له"، فإنّ مصدراً سياسياً رفيعاً أبلغ إلى "الجمهورية"، قوله إنّه "يعوّل على ما وصفها التفاتة عربية واسعة تجاه لبنان في هذه المرحلة، وتوفير المساعدات التي تمكّن لبنان من مواجهة تحدّيات أزمته الاقتصادية والمالية وإعادة الإعمار".

ولفت المصدر إلى "وعود والتزامات للبنان بتوفير الدعم وحشده، جرى التعبير عنها من مستويات عربية (خليجية تحديداً) وغربية. ورفض تأكيد أو نفي ما يُقال حول ربط المساعدات، وخصوصاً المتصلة بملف الإعمار، بشروط سياسية وعسكرية متصلة تحديداً بـ"حزب الله" وسلاحه، وقال: "لا أحد يتحدث عن شروط، هناك التزامات عربية ودولية تجاه لبنان، وفي المقابل يُقال صراحة إنّ هناك خطوات وإجراءات إدارية ومالية وإصلاحية مطلوب من لبنان القيام بها وهذا أمر طبيعي".

وعن الحديث عن مقايضة المساعدات بسلاح "حزب الله"، وبإجراءات تتخذها الحكومة اللبنانية لنزع هذا السلاح، قال المصدر الرفيع: "كل العالم عبّر عن رغبة في الحفاظ على الاستقرار في لبنان وعدم تعريضه لما يخلّ به، وكل الخارج، من دون استثناء يدرك الوضع الداخلي في لبنان من كل جوانبه. ومن هنا، وبمعزل عمّا يُقال من هنا وهناك أعتقد أنّ ما هو مطلوب من لبنان لقاء المساعدات، من الطبيعي أن تكون خطوات وإجراءات مقدور عليها كالإصلاحات الإدارية والمالية الموعودة التي التزم بها لبنان أمام المجتمع الدولي، وليس على شاكلة ما يُروّج له من خطوات أو إجراءات فوق طاقته أو قدرته على تنفيذها".

في السياق عينه، كشفت مصادر مالية لـ"الجمهورية"، أنّ "النقاشات التي بوشر فيها مع المستويات الدولية، أبرزت إيجابيات واعدة في إمكان تشكيل مروحة مساعدات خارجية واسعة للبنان في المرحلة المقبلة".

وإذ اشارت المصادر إلى "الحضور الفرنسي القوي على خط توفير المساعدات للبنان - وكما هو معلوم في هذا الإطار أنّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بصدد عقد مؤتمر دولي لحشد الدعم للبنان - لفتت إلى ليونة ملحوظة بدأت تتبدّى منذ بداية العهد الرئاسي في تعاطي المؤسسات المالية الدولية مع لبنان، حيث أكّدت النقاشات التي جرت وتجري مع كبار المسؤولين في هذه المؤسسات، وجود رغبة واستعداد واضح لديها لتقديم المساعدة للبنان".

ورداً على سؤال عمّا اذا كانت هذه المساعدات مشروطة، قالت المصادر: "المؤسسات الدولية بشكل خاص، ودول الخارج بشكل عام ليست "كاريتاس"، هناك بالتأكيد شروط مرتبطة بالإصلاحات ومكافحة الفساد، والمنحى الإصلاحي الذي أكّدت الدولة اللبنانية بأنّها ستنتهجه، بعث برسالة خارجية مشجعة في هذا المجال".

وكشفت المصادر "أنّ البنك الدولي يُحضّر لبرنامج مساعدات للبنان، وبداية هذا البرنامج ستكون في ما أعلنه وزير المال ياسين جابر عن توجّه لدى البنك الدولي لتأسيس صندوق بنحو مليار دولار لدعم لبنان في مجال الإعمار، إلى جانب مساعدات موازية في مجالات أخرى. فيما تجري التحضيرات في المالية لتوقيع اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي في المدى المنظور، عبر وفد رفيع المستوى من صندوق النقد، يُنتظر أن يزور لبنان في وقت قريب".

وأوضحت المصادر، أنّ "الاتفاق الجديد المنوي توقيعه، ليس بديلاً لاتفاق الإطار الموقّع بين لبنان وصندوق النقد قبيل ثلاث سنوات بنحو 3 مليارات دولار، والذي تأخّر تطبيقه وضاع في المماحكات والمزاجيات السياسية الداخلية، بل أنّ الظروف التي سادت خلال السنوات الأخيرة، وما رافقها من تغيّرات وتحوّلات، فرضت إدخال تعديلات جذرية في مندرجات الاتفاق، بما يجعله مواكباً لتطوّرات وأولويات المرحلة المقبلة، وملبِّياً لمتطلبات الصندوق البديهية".