أظهرت تطوّرات السّاحل السّوري أنّ "الجمر تحت الرّماد"، بعدما حصلت هبّة شعبيّة متواضعة، ترافقها عمليّات مسلّحة متبادلة بين السّلطات السّوريّة الجديدة، ومجموعات علويّة متمرّدة في ​ريف اللاذقية​.

وأكّدت المعطيات أنّ الاحتقان الّذي تعيشه مناطق السّاحل السّوري بسبب الأعمال الانتقاميّة الّتي تمارسها جماعات إسلاميّة متشدّدة، قادمة من إدلب وريف حلب، أدّت إلى انفجار شعبي، وسرعان ما تدخّلت السّلطات السّوريّة الجديدة مدعومةً بفصائل إسلاميّة مسلّحة لقمع الهبّة الشّعبيّة والقضاء على المسلّحين، والقيام بعمليّات أشبه بالإبادة، وإذلال أهالي القرى في ريف اللاذقية؛ كما أظهرت الفيديوهات المسرّبة.

وألصقت السّلطات السّوريّة تهمة "فلول الأسد" على المعترضين والمتمرّدين، رغم أنّ العلويّين ساخطون على الرّئيس المخلوع ​بشار الأسد​ بسبب تركه وقيادته وعائلته المواطنين ومغادرة البلاد إلى روسيا.

وبحسب المعلومات الّتي توافرت لـ"النشرة"، فإنّ الاحتقان الشّعبي ازداد، ورغم وأده حاليًّا، لكنّه يؤكّد أنّه قابل للانفجار والتّوسّع في وقت لاحق، وهو أمر يضرّ بسلطة رئيس الجمهوريّة في المرحلة الانتقاليّة ​أحمد الشرع​، الّذي يحاول منذ تسلّمه القيادة السّوريّة أن يُظهر اعتداله وانفتاحه في الشّكل والخطاب. لكن المجازر الميدانيّة والأعمال الانتقاميّة الّتي توثّقها جهات دوليّة، قد تقود إلى إحباط مشروعه الرّئاسي، لعدم قدرته على استيعاب كلّ المكوّنات. وهو ما تمّ رصده والغرض في إبعاده، في السّاحل والسويداء أيضًا.

وأضافت المعلومات أنّ "أحداث السّاحل السّوري في اليومين الماضيين، كسرت حاجز الخوف عند العلويّين تحديدًا، الّذين يعانون من ارتكابات المجموعات المسلّحة منذ سقوط النّظام، لتزيد المجازر الجماعيّة الّتي ارتكبتها المجموعات بإسم السّلطات الجديدة من عناصر الدّفع نحو التّقسيم".

وإذا كانت ​دمشق​ قد اتّهمت المتمرّدين في السّاحل بأنّهم ينسّقون مع دولة خارجيّة، وتقصد إيران، ومع الأسد، فلا أدلّةً على تلك الاتهامات، بل هي اتهامات لكسب شرعيّة القضاء على المتمرّدين.

الخطير أنّ مناطق سوريّة أخرى ترصد تطوّرات السّاحل، بينما يتقدّم الكرد نحو السّيطرة على مناطق جديدة في حلب، فيما يتثبّت الدّروز مطالبهم الفدراليّة أو التّقسيميّة في السّويداء، ويمنعون السّلطات من التّدخّل في مناطقهم. أمّا الجنوب السّوري الخارج عن سيطرة دمشق، فينقسم المشهد فيه بين نفوذ مجموعات لا تأتمر بأوامر الشّرع، بل بقرارات أحمد العودة، وبين تقدّم إسرائيلي لقضم أراض ومناطق في القنيطرة وريف درعا.

بالمحصّلة، يزداد القلق في ​سوريا​، في ظلّ أزمات اقتصاديّة ومعيشيّة كبيرة، تدفع بالبلاد نحو مزيد من المعاناة رغم كلّ الدّعم العربي والدّولي المحدّد للسّوريّين، ورفع العقوبات، لأنّ الأمور مرهونة بقدرة القيادة الجديدة على ضبط الوضع والتّخلّص من قيود المجموعات المتطرّفة الّتي يزداد عددها نتيجة الهجرة المتواصلة من إسلاميّي العالم المتشدّدين إلى بلاد الشام.