أصدرت الحكومة اللبنانية موازنة 2025 بمشروع مرسوم معجّل في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، وإذا أردنا التحدث بالشكل فإن ما قامت به الحكومة عبر إصدارها هذا المرسوم ليس مخالفاً للقانون، ولكنه بنفس الوقت ليس منطقياً، خصوصاً وأن الموازنة أقرت في الثالث والعشرين من أيلول، أي تقريباً مع بداية الحرب الاسرائيلية على لبنان، وهي لا تتضمن او تأخذ بالاعتبار ما جرى على الساحة الداخلية منذ ذلك الحين حتّى اليوم.

لا يخفي المحامي نجيب فرحات أن ليس منطقياً ما فعلته الحكومة بالأمس، إذ لا يمكننا أن نضع الناس أمام ضرائب مرتفعة بهذا الشكل وبعدها نرسل مشروع قانون الى مجلس النواب، وتابع: "مهلة الأسبوع التي تمّ الحديث عنها هي فقط لارسال مشروع قانون التعديلات على الرسوم والضرائب، ولكنها ليست لاقرار القانون والتجربة أثبتت أنه لم يتمّ رفع أي ضريبة ومن ثمّ إعادة تخفيضها من جديد".

بالمختصر يرى المحامي نجيب فرحات أن "موازنة 2025 التي صدرت بمرسوم مبنيّة على تقديرات معيّنة للواردات وإذا تم تخفيضها فحتماً هذا التقدير سيُخفّض وبالتالي ليس منطقياً إجراء التعديلات". ويشير الى أن "كلّ الضرائب ارتفعت في الموازنة مع العلم أن لا مبرر لرفعها، كذلك لم يحصل أيّ تغيير من 2024 الى 2025 حتى يحصل هذا الارتفاع"، ويضيف: " في العام 2022 تم زيادة بعض الضرائب ولم تُطَبَّق على سبيل المثال تحديد التحديد والتحرير (العقارات غير الممسوحة) تم طلب رسم معيّن عن كل عقار بـ2022 ولم تتم المباشرة بتطبيقه أي لم يتم استيفاء الرسم، واليوم يعودون لرفع هذا الرسم بشكل كبير".

بدوره الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أشار الى أن "الأرقام بعيدة عن الحقيقة والعدوان الاسرائيلي خلط كل شيء، خصوصا الايرادات داخل الموازنة، وهناك أناس خسرت منازلها جراء العدوان الاسرائيلي، فكيف ستحصّل الدولة منها"؟ وأضاف: "إذا الشخص جنى أول ستة أشهر أموال وفي الأشهر الستة الاخرى تأذّى جراء العدوان الاسرائيلي، هل يكون الشخص أمام خسارة أم ربح؟ فكيف ستحصّل الدولة منه"؟.

"هناك صعوبة كبيرة في تحقيق الإيرادات". هذا ما أكّده عجاقة، مشيراً الى أن "الموازنة لم تأخذ بعين الاعتبار المرحلة المقبلة، ولا موازنة 2024 أو 2025 أخذت بعين الاعتبار العدوان الاسرائيلي وذيوله". واضاف: "اللافت بالموازنة هو موضوع الكهرباء مثلاً، هناك مليار دولار وضعت بالليرة اللبنانية في مصرف لبنان وهي مستحقات للدولة العراقيّة ثمن الفيول، ليقدّم لبنان فيهم خدمات للدولة العراقية لا نعلم ماهيّتها حتى اليوم". وشدد على أن "العجز الموجود في الموازنة لا يعكس حقيقة الواقع، كما انها لا تعكس الارقام الحقيقية، وما يجب فعله كان تعديل الأرقام قبل اصدارها بمرسوم".

بدوره نجيب فرحات يشير الى أن "الموازنة لم تأخذ بعين الاعتبار ظروف الحرب والآن سندخل بمشاريع متتالية لفتح اعتمادات لها اضافة الى مشروع لتعديل الواردات والضرائب وما فعلته الحكومة هو أنها وضعت الناس أمام الامر الواقع، فأصبحوا مضطرين للدفع وهي قالت بعدها سنرى كيف سنعدل"!.

حاولنا الغوص في التعديلات التي يمكن أن تطرأ على الضرائب والرسوم، فبادرنا الى الاتصال بأحد النواب الذي رفض التصريح. لكنه أكد أن "الموازنة لم توزّع عليهم بعد"، وتابع: "كيف يمكن أن أعلّق أو أتحدث عن الضرائب والرسوم والتعديلات ونحن كنواب لم تصلنا الموازنة بعد".

في المحصّلة، موازنة 2025 أصبحت نافذة، وحتى يقر قانون تعديل الرسوم والضرائب، فإنّ اللبنانيين أصبحوا مضطرين لدفعها، والأهمّ من هذا كلّه إذا أرادت الحكومة إجراء تعديلات وهي تدرك أنه يجب القيام بذلك، فلماذا لم تقم به أولا ومن ثم تقر الموازنة بمرسوم بعدها؟!.