أشار الأمين العام لـ"حزب الله" الشّيخ نعيم قاسم، إلى أنّ "من يُراجع كيف وصلنا إلى قرار تشييع الأمينَين العامَّين السّابقَين لـ"حزب الله" السيّدَين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، يمكنه أن يقول إنّه تشييع إلهي. وبعد استشهاد السيّد نصرالله، كان هناك تواصل بيني وبين السيّد صفي الدّين، لنتّفق أي يوم يمكن أن يكون الدّفن. لكن الظّروف آنذاك كانت معقّدة جدًّا، واتّفقنا على تأجيل الدّفن، لأنّ هناك خطرًا على النّاس".
وأوضح، في مقابلة تلفزيونيّة، أنّ "الأمور تأجّلت إلى هذه اللّحظة، وتبيّن أنّه أُتيحت لنا فرصة قبل شهر من الدّفن، على إيجاد قطعة أرض على طريق المطار، وأن تكون لدينا فرصة لندعو النّاس للمشاركة في التّشييع"، معتبرًا أنّ "مشاركة النّاس في التّشييع كانت استثنائيّة، وكأنّهم يقولون إنّنا مستمرّون و"إنّا على العهد"، وإنّ المقاومة ليست فكرةً أو مرحلةً، بل طعام وشراب ودم يسري في العروق".
ورأى الشّيخ قاسم أنّ "هذا تشييع للمستقبل، وهذه صلة بين الأمينَين العامَّين السّابقَين والمستقبل، الّذي سنتابع فيه مع هؤلاء النّاس، ولست وحدي من يقول إنّه تشييع مهيب وعظيم. شعب المقاومة والجمهور المؤيّد والمناصر له، حتّى لو كان بعيدًا عن بيئة المقاومة، صلب وصادق ومستعدّ للوقوف في الملمّات".
ولفت إلى أنّ "الأعداء يحلمون بأن يهزموا هذا الشّعب، لأنّه موجود قي الميدان وسابق للجميع"، مشدّدًا على أنّ "هذا التّشييع هو إعلان للانتصار على شاكلة ما نؤمن به بأنّنا استمرّينا وثبتنا إلى آخر لحظة حتّى جرى اتفاق وقف إطلاق النّار".
كما ذكر "أنّني الآن فهمت أكثر ما هي العلاقة بين السيّد نصرالله والنّاس، لأنّهم أشرف النّاس وأنبلهم"، مجدّدًا التّأكيد أنّ "ما حصل هو إعلان انتصار، ولا يهمّني ما يقوله الآخرون، وهو تجديد للبيعة، واستمرار على عهد نصرالله، وإعلان حضور. التّشييع كان محطّة يجب أن يستفيد منها الآخرون، ليعرفوا ما هي ساحتنا، وهو رسالة، وكل ما سيأتي بعده رسائل أيضًا من الشّعب المعطاء والمقاومة الأصيلة".
وكشف قاسم أنّ "آخر مرّة كنت فيها بلقاء مباشر مع نصرالله، بمشاركة أعضاء من مجلس الشّورى، كانت في 18 أيلول 2024. وآخر اتصال هاتفي بيننا كان في 21 أيلول الماضي، حينها هو من اتصل بي، وطلب منّي الصّلاة وإلقاء كلمة خلال تشييع القيادي في "حزب الله" ابراهيم عقيل".
وبيّن أنّ "بعد اغتيال نصرالله، اتصلتُ بصفي الدين وتحدّثنا عن موضوع الدّفن، وتطرّقنا إلى موضوع الأمانة العامّة قبل الدّفن كعنصر وعامل قوّة، وطلبتُ أن يكون هو الأمين العام للحزب. وقبل أن يتمّ الإعلان عن انتخاب صفي الدين، تمّ اغتياله".
وأكّد أنّ "جسمنا كبير في "حزب الله" ولدينا قدرات كبيرة جدًّا"، مشيرًا إلى أنّ "ابتداءً من تاريخ 8 تشرين الأوّل الماضي، تغيّرت الصّورة في العداون لصالح المقاومة، وقد تمكنّا من استعدنا السّيطرة بعد 10 أيّام من العدوان". وأوضح "أنّنا أجرينا تغييرات في قلب المعركة مع العدو، ونُجري الآن تحقيقًا لتحديد التّفاصيل الّتي يجب أن نأخذ منها الدّروس والعِبر وأن نحاسب في الوقت نفسه".
وركّز قاسم على "أنّنا عندما توقّفنا يوم اتفاق وقف إطلاق النّار، توقّفنا مع قدرة موجودة"، كاشفًا أنّ "مراسلاتي مع رئيس مجلس النّواب نبيه بري كانت متكرّرة، وكنّا مهتمّين بوضعه في جوّ الجبهة". ولفت إلى "أنّنا كنّا قادرين أن نقصف أي مكان نريد، لكنّنا قررنا ضرب أهداف عسكريّة فقط وليس مدنيّة، لعدم إعطاء الإسرائيلي ذريعةً لمضاعفة إجرامه بحقّ المدنيّين اللّبنانيّين".
وجزم أنّ "المقاومة بخير ومستمرّة، لكنّها جُرحت وتأذّت وقدّمت تضحيات. لكن هل يتوقّع أحد أن تستمرّ المقاومة من دون تضحيات؟"، مبيّنًا أنّ "أميركا جمعت كلّ إمكاناتها العسكريّة والإعلاميّة والثّقافيّة، وصبّتها من خلال الإسرائيليّين بكلّ إجرامهم، لمواجهة المقاومة في فلسطين ولبنان. نحن نواجه خطرًا كبيرًا، ومن يواجه يُسأل: كيف خرجت من الخطر، وليس كم وضعت؟".
وأضاف: "نحن دفعنا كثيرًا لكن المقاومة مستمرّ، وحتّى الإسرائيلي خسر، وأكثر من 100 ألف مستوطن لم يعودوا حتّى الآن إلى الشّمال"، مشدّدًا على أنّ "اتفاق وقف إطلاق النّار واضح، وهو أُعلن وتمّ توزيعه ووردت فيه كلمة جنوب نهر الليطاني 5 مرّات، ولا يوجد اتفاق سرّي ولا بنود تحت الطّاولة؛ ولا علاقة لنا بأيّ اتفاق بين أميركا وإسرائيل. هذا الإتفاق هو جزء من القرار 1701، وواضح بأنّ على إسرائيل أن تنسحب من الأراضي اللّبنانيّة، وكلّ ما قامت به خلال الـ60 يومًا هو خروقات".
إلى ذلك، وجد قاسم "إسرائيل لديها نوايا توسعيّة، وإدخال الحاخامات على موقع العباد أكبر دليل على أنّنا أمام مشروع إسرائيلي كبير من المحيط إلى الخليج". وتوجّه إلى العدو، قائلًا: "حتّى لو بقيتم في النّقاط الخمس في لبنان، كم ستبقون؟ هذه المقاومة لن تدعكم تستمرّون".
واعتبر أنّ "ما قاله وزير الخارجيّة اللّبنانيّة حول إعطاء "حزب الله" ذريعة لإسرائيل غير مناسب أبدًا، وهو الّذي يعطي الذّريعة لإسرائيل وليس نحن. 2000 خرق قام بها العدو حتّى الآن، ويجب أن يقول الوزير إنّ على إسرائلي أن تخرج من لبنان، وأنّنا لا نقبل أن تكون محتلّة. نحن كحزب التزمنا بالاتفاق، وخرجنا من جنوب اللّيطاني".
وأعلن أنّ "حزب الله واقعي وموضوعي، ونحة مع بناء دولة عادلة وقادرة، وعندما تصدّينا للانتخابات النّيابيّة والبلديّة والمشاركة في الحكومة فقد تصدّينا لكي نمثّل النّاس وتجربتنا رائدة"، مؤكّدًا "أنّنا في مرحلة جديدة لم تتغيّر فيها الثّوابت، لكن ستتغيّر أساليب وطرق وأزمنة، وطبعًا لم ينعدم العمل المقاوم، وإذا انعدمت المقاومة فهل يبقى لبنان؟".
وتابع الأمين العام لـ"حزب الله": "أقول لشعب المقاومة إنّ علينا أن نصبر، وقيادتكم ومقاومتكم والشّباب الّذين وقفوا في المواجهة موجودون ولديهم عقل يزن بلدًا، وإيمان يحطّم الطواغيت". وركّز على "أنّنا الآن أشدّ بطولة وعزيمة من الوقت الّذي قاتلنا فيه، والصّبر ليس هزيمة بل أخذناه بقرار".
وشدّد على أنّ "الهجمة السّياسيّة علينا من قبل أميركا وإسرائيل وبعض الأدوات في المنطقة ولبنان، هي هجمة كبيرة جدًّا. هناك حصار علينا ومواجهة صعبة، لكن نحن علينا البحث عن الطّرق الّتي سنربح فيها، وأن نتخطّى بعض المصاعب"، مشيرًا إلى أنّ "جماعة التّطبيع سيدفعون أثمانًا باهظةً من قبل الإسرائيلي والأميركي".
وذكر أنّ "علاقتنا مع رئيس الجمهوريّة جوزاف عون تتّسم بحرارة إيجابيّة معيّنة، أمّا رئيس الحكومة نواف سلام فلم يستقرّ وضعه بعد، لكنّنا حريصون على التّعاون معه، وأصل دخولنا الى الحكومة وإعطاء الثقة يعني أنّنا مددنا اليد للإيجابيّة".
وأعلن قاسم "أنّنا نقول أيضًا بحصريّة السّلاح لقوى الأمن الدّاخلي والجيش اللّبناني، لضبط الأمن في لبنان وللدّفاع، ولسنا ضد أن يكونوا هم مسوؤلين، ونرفض منطق الميليشيات وأن يشارك أحد الدّولة في حماية أمنها، لكن نحن مقاومة ضدّ العدو الإسرائيلي"، شارحًا "أنّنا كمقاومة نعتبر أنّ إسرائيل خطر هي محتلّة، وهي تطلّ لكي تحتل، وهي وموجودة في فلسطين. إسرائيل خطر بكلّ المعايير، ومن حقّ المقاومة أن تستمر".
وجزم "أنّنا مع إعادة الطّيران إلى إيران لعدّة اعتبارات، أوّلها أنّها دولة صديقة، وسنتابع الموضوع مع الدّولة اللّبنانيّة"، لافتًا إلى أنّه "ليس من مصلحة لبنان أن يستمع لأيّة توجهيات أميركيّة وإسرائيليّة، والمعادلات الجديدة لن نتركها تترسّخ بطريقة إسرائيليّة، بل علينا ترسيخ معادلة تحمي مستقبلنا"، ومبيّنًا أنّ "أميركا تريد التّدخّل بكلّ التّعيينات".
وأفاد بأنّ "الإسناد لم يكن سبب الحرب على لبنان، وإسرائيل خطر بكلّ المعايير ومن حقّ المقاومة أن تستمرّ، ولا علاقة لها بإدارة الدّولة سلاحها وحفظ الأمن". وأكّد "أنّنا مع إجراء الانتخابات البلدية في وقتها"، ومنوّهًا إلى أنّ "تقييم مواقف "الحزب التقدمي الاشتراكي" إيجابي حيال العدو الإسرائيلي".
وركّز قاسم على أنّ "العلاقة مع التيار الوطني الحر لم تنقطع، ولا نعيش أزمةً مع مَن بقي على تحالف معنا، ونحن حريصون على أكبر قدر من التّفاهم أو التّحالف الدّاخلي. وبالنسّبة إلى تيار المستقبل فعوامل الإتفاق معه متوفّرة وعقل رئيس التيّار سعد الحريري منفتح، وهناك قابليّة للتّعاون مع المستقبل".
وأوضح "أنّنا سنشارك في الانتخابات البلدية المقبلة، واتفقنا مع حركة "أمل" على تجديد الإتفاق الّذي كان موجودًا بين نصرالله وبرّي". ورأى أنّ "الدّولة مسؤولة عن إعادة الإعمار، لأنّ إسرائيل اعتدت على مواطنين لبنانيّين، ونحن لم نشنّ الحرب بل صدّينا العدوان، والإسناد ليس هو سبب الحرب، بل هي كانت بقرار إسرائيلي".
وأضاف: "عمليّة الإعمار هي جزء لا يتجزّأ من عمليّة الإصلاح والإنقاذ في البلد. وإيواء النّاس هو إنجاز كبير قمنا به وتحمّلنا كلّ الوزر المتعلّق بالتّرميم والإيواء، رغم أنّ هذا جزء من مسؤوليّة الدّولة"، مؤكّدًا أنّ "على الحكومة أن تدرس بشكل دقيق كيف تقوم بعمليّة الإعمار بمواكبة خطوات الإصلاح والإنقاذ، لتنهض بالبلد".
وشدّد قاسم على أنّ "مصطلح المقاومة يعني حزب الله وحركة أمل، وإعمار لبنان والانتخابات البلدية يعني حزب الله وحركة أمل، وتحالفنا مع "أمل" تخطّى كلّ التحالفات وهو متجذّر وله علاقة بالأرض والعائلات وبرغبة بإعمار لبنان".
على الصّعيد الدّولي، اعتبر أنّ "الرّئيس الأميركي دونالد ترامب طاغوت، ويعمل بطريقة وحشيّة ويرى العالم غابةً وهو وحش يريد مصادرة العالم"، جازمًا أنّ "الاعتداء على إيران له أثمان كبيرة جدًّا وينعكس على المنطقة كلّها، ومحور المقاومة تلقّى ضربةً وهذا صحيح لكن المقاومة استمرّت".
ووجد أنّ "من المبكر القول إلى أين تتّجه الأوضاع في سوريا، لكنّ مؤشّرات التّقسيم فيها موجودة بقوّة"، كاشفًا أنّ "ليس لنا تدخل في سوريا، ولا نستبعد تشكيل مقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي".