اشار الرئيس العام للرّهبانية الأنطونية المارونية الاباتي جوزف بو رعد بع لقائه الرئيس جوزيف عون في قصر بعبدا على راس وفد، الى اننا "جِئْنَاكُمْ اليَوْمَ يَا فَخَامَةَ الرَّئِيسِ لِلِّقَاءِ وَالتَّبْرِيكِ وَالدُّعَاءِ. جِئْنَاكُمْ مِنَ القلَيعَةِ جَنُوبًا، مِنَ المِينَاءِ طَرَابُلُسَ شَمَالًا، مِنْ حُوش حَالَا شَرْقًا، وَمَا بَيْنَهُمْ مِنْ أَدْيَارٍ وَرِسَالَاتٍ أَنْطُونِيَّةٍ عَلَى اِمْتِدَادِ الوَطَنِ. كَثَافَةُ حُضُورِنَا تَقُولُ لِوَحدِهَا مَكَانَتَكُمْ الخَاصَّةَ فِي وِجْدَانِ رُهْبَانِنَا وَرُهْبَانِيَّتِنَا. لَقَدِ انْتَزَعْتُمْ مِنَّا حَقَّ السَّبْقِ فِي الزِّيَارَاتِ. أَتَيْتُمُونَا عَلَى المـَوْعِدِ بَغْتَةً إِلَى دَيْرِ مَارْ أَنْطُونِيُّوسَ فِي عِيدِ شَفِيعِهِ وَشَفِيعِ رَهْبَانِيَّتِنَا، فِي عِزِّ إِنْشِغَالِكُمْ بِتَأْلِيفِ الحُكُومَةِ وَتَسْيِيرِ أُمُورِ الدَّوْلَةِ. هَكَذَا حوَّلتُم زِيَارَةَ التَّبرِيكِ هَذه زِيَارَةَ إِيَاب."
أضاف: "َمعَكُمْ صَارَ لِهَذَا القَصْرِ سَيِّدٌ وَلِلْوَطَنِ وَكِيلٌ حَكِيمٌ، أَمِينٌ عَلَى سِيَادَتِهِ وَعِزَّةِ أَهْلِهِ. لَا نَسُوقُ هَذِهِ الخِصَالَ فِي مَعْرَضِ الإِطْرَاءِ وَلَسْتُمْ مِمَّنْ يَسْتَسِيغُونَهُ. وَلَكِنَّ هَذَا مَا عَرَفْنَاكُمْ عَلَيْهِ أَيَّامَ قِيَادَتِكُمْ لِلْمُؤَسَّسَةِ العَسْكَرِيَّةِ، فِي الأَيَّامِ العَصِيبَةِ. أَمَّا وَقَدْ تَوَسَّعَتْ مَهَامُّكُمْ لِتَشْمَلَ رِئَاسَةَ الجُمْهُورِيَّةِ كُلَّهَا وَالدَّوْلَةَ بِكَافَّةِ مُؤَسَّسَاتِهَا، فَلَا يَسَعُنَا إِلَّا أَنْ نَأْمُلَ خَيْرًا وَنَرْجُو عُمُومَ الخَيْرِ بِمَسْعَاكُمْ فِي جِسْمِ دَوْلَتِنَا السَّقِيمِ."
وتابع: "يَجْمَعُنَا بِكُمْ حُبُّ الوَطَنِ بِكُلِّ مُوَاطِنِيهِ، وَالإِيمَانُ بِاللَّهِ وَنَبْذُ التَّقَوقُعِ وَالتَّزَمُّتِ. تَجْمَعُنَا ذِكْرَيَاتٌ وَتَضْحِيَاتٌ، وَأَحْلَامٌ أَيْضًا وَرُؤَى. وَأَبْعَدُ مِنَ المـَوَدَّةِ الأَكِيدَةِ وَالاحْتِرَامِ تَجْمَعُنَا بِكُمْ الرِّسَالَةُ. فَرِسَالَتُكُمْ الوَطَنِيَّةُ تَتَلَاقَى مَعَ رِسَالَتِنَا الرَّهْبَانِيَّةِ فتَتَكاملَانِ. وَأَكْثَرُ مَا يَجْمَعُ الرَّهْبَانِيَّةَ بِالدَّوْلَةِ هُوَ العَمَلُ مَعًا لِمَصْلَحَةِ الخَيْرٍ العَامٍّ. فَالْخَيْرُ العَامُّ مُصْطَلَحٌ وَيَا لَلْأَسَفِ أَضْحَى دَخِيلًا عَلَى لُغَتِنَا وَقِيمَةٌ بَارِدَةٌ بَاهِتَةٌ، لَا تُحَرِّكُ وِجْدَانًا وَلَا تَشْحَذُ هِمَمًا. فَنَحْنُ اللُّبْنَانِيُّونَ مُوصُوفُونَ بِتَفَوُّقِنَا كَأَفْرَادٍ وَتَقَهْقُرِنَا كَجَمَاعَةٍ. كُلُّ مِنَّا يُفَكِّرُ بِذَاتِهِ مُتَوَهِّمًا أَنَّهُ إِنْ كَانَ هُوَ أَوْ جَمَاعَتُهُ بِخَيْرٍ كَانَ الوَطَنُ بِأَلْفِ خَيْرٍ. وَالحَالُ أَنَّهُ إِنْ لَمْ تَكُنِ الدَّوْلَةُ، حَاضِنَةَ الـمُوَاطِنِينَ كُلِّهِمْ بِخَيْرٍ فَلَنْ يَسْلَمَ أَيٌّ مِنَّا وَلَنْ يَهنَأَ. وَلَنَا فِي الانْهِيَارِ المالِيِّ وَالِاقْتِصَادِيِّ الكَارِثِيِّ الأخِيرِ خَيْرُ عِبْرَةٍ، إِنْ اعْتَبَرْنَا." وقال: "نَعْلَمُ يَا صَاحِبَ الفَخَامَةِ عِلْمَ اليَقِينِ حَجْمَ التَّحَدِّيَاتِ الَّتِي تُوَاجِهُكُمْ وَتُوَاجِهُ شُرَكَاءَكُمْ فِي المَسْؤُولِيَّةِ، وَلَسْنَا مِمَّنْ يُؤْمِنُونَ بِالعَصَا السِّحْرِيَّةِ. فَنَحْنُ أَهْلُ مُؤَسَّسَاتٍ وَنَعِي جَيِّدًا أَنْ التَّنْظِيرَ وَالتَّبْسِيطَ وَرَمْيَ المَسْؤُولِيَّةِ عَلَى الآخَرِينَ مِنْ شِيَمِ العَبَثِيِّينَ وَالعَاجِزِينَ. فَمَشْرُوعُ إِصْلاحِ بِنَاءِ الدَّوْلَةِ يَبْدَأُ بِمُصَالَحَةِ المـُجْتَمَعِ مَعَهَا. فَالدَّوْلَةُ عِندَنَا كَائِنٌ غَرِيبٌ يَطْلُبُهُ الجَمِيعُ وَيَتَطَلَّبُ مِنْهُ حَتَّى تَحِينُ سَاعَةُ الوَاجِبَاتِ فَحِينَهَا يُخْرِجُ كُلٌّ مِنَّا مَطُوَّلَاتٍ لِإنْكَاَرِ أَحَقِيَّتِهَا أَوْ التَّهَرُّبِ مِنهَا. وَيَتَطَلَّبُ إِصْلاحُ الدَّوْلَةِ بَصِيرَةً وَعَزْمًا وَصَبْرًا وَتَضْحِيَاتٍ. وَالسَّبِيلُ إِلَيْهِ يَمُرُّ حَتْمًا بِالنِّضَالِ ضِدَّ الفَسَادِ عَلَى أَنْوَاعِهِ وَبِكُلِّ ظَوَاهِرِهِ. وَالفَسَادُ آفَةٌ مُتَغَلْغِلَةٌ فِي عُقُولِنَا وَسُلُوكِنَا حَتَّى كَادَ بَعْضُنَا يَرَى فِيهِ قَدَرًا وَهُوَ لَيْسَ بِقَدَرٍ. فَلَيْسَ صَحِيحًا أَنْ الإِلتِزَامَ بِالقَانُونِ غَرِيبٌ عَنْ طَبْعِنَا الشَّرْقِيِّ وَعَنْ عَقْلِيَّتِنَا وَأَنَّهُ لَا مَجَالَ لِتَسْيِيرِ أُمُورِنَا إِلَّا بِالزَّبَائِنِيَّةِ وَالمـَحْسُوبِيَّاتِ. وَالصَّحِيحُ أَنْ الصِّدْقَ وَالْعَدَالَةَ وَنُصْرَةَ الضَّعِيفِ هِيَ مِنْ صُلْبِ شِيَمِنَا وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَعُودَ إِلَيْهَا وَنَجْعَلَهَا أَسَاسًا لِاجْتِمَاعِنَا."
واردف: "مَا نَقُولُهُ، يَا فَخَامَةَ الرَّئِيسِ، لَيْسَ بِجَدِيدٍ عَلَيْكُمْ وَنَعْلَمُ أَنَّنَا فِي هَذَا اَلْمَجَالِ نُبَشِّرُ مُرْتَدًّا، عَلَى حَدِّ قَوْلِ اَلْمَثَلِ الفَرَنْسِيِّ. وَإِنَّمَا نَقُولُهُ لِنَعُودَ وَنُؤَكِّدَ مَا عَاهَدْنَاكُمْ بِهِ فِي عِيدِ أَبِ الرُّهْبَانِ بِالتزَامِنَا مَعَكُمْ بِكُلِّ مَا أُوتِينَا مِنْ عَزْمٍ لِتَحْقِيقِ هَذَا اَلهَدَفِ السَّامِي الَّذِي يَعُودُ بِالخَيْرِ عَلَى كُلِّ اللُّبْنَانِيِّينَ. فَبِاسْمِ مَجْلِسِنَا اَلعَام وَرُؤَسَاءِ أَدْيَارِنَا فِي لُبْنَانَ اَلحَاضِرِينَ هُنَا وَبِاسْمِ إِخْوَتِي الرُّهْبَانِ جَمِيعًا وَبِاسْمِي شْخَصِيًّا نُبَارِكُ اخْتِيَارَكُمْ لِرِئَاسَةِ الجُمْهُورِيَّةِ وَنَطْلُبُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُبَارِكَ سَعْيَكُمْ اَلحَمِيدَ لِرَعَايَةِ أَبْنَاءِ الوَطَنِ بِالإِنصَافِ وَالاِسْتِقَامَةِ وَالحَقِّ."