اكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون "ان من اولى واجباتنا ان نقوم بالإصلاح المطلوب بما يساهم في تغيير بعض الذهنيات". وقال اننا "سنعيد بناء لبنان الجديد وهو امر ليس بمستحيل، وعلينا من اجل ذلك الخروج من الزواريب الطائفية والمذهبية والحزبية لمصلحة الوطن"، مشددا على "ان الامر يتطلب محاربة الفساد ووجود قضاء نزيه غير مسيس، وقضاة يحكمون بالعدل وفقا لما تفرضه عليهم ضمائرهم وبناء للاثباتات التي بحوزتهم".
واشار الرئيس عون خلال استقباله وفد الرهبنة الأنطونية برئاسة الاباتي جوزف بو رعد، الى انه "إن قام كل منا بما يعود إليه من واجبات لإنتظمت حقوق الجميع. اما الفساد فبات ثقافة، ولكن ما من أمر مستحيل إذا ما صفت النوايا تجاه المصلحة العامة. واللبناني الخلاق والمبدع، والحاضر على إمتداد العالم وبمختلف أمور الحياة من السياسة الى الدبلوماسية والعالم المصرفي قادر على إستنباط الحلول لبناء دولة على أسس سليمة."
وإعتبر رئيس الجمهورية "ان من اولى واجباتنا، ان نضع الأمورعلى السكة ونقوم بالإصلاح المطلوب بما يساهم في تغيير بعض الذهنيات الامر الذي يتطلب قضاء نزيها"، مجددا القول "ما من مستحيل أمامنا، وسنسعى لتحقيق ما يجب انطلاقا من المصلحة العامة. واضاف "كل ذلك يتوقف على مدى إجابتنا على سؤال: هل سننظر الى لبنان بمفهوم الدولة للجميع، ام سيبقى كل احد ينظر إليه من منظاره الطائفي والمذهبي والحزبي؟" وتابع: "إذا ما بقينا اسرى نظرتنا الضيقة سنخسر الكثير من الفرص المفتوحة امامنا. من هنا علينا القيام بواجباتنا وبالإصلاحات المطلوبة لإصلاح بيتنا المشترك."
واردف رئيس الجمهورية: "نطلب دعمكم وصلواتكم ونتطلع الى ان تحافظوا على إمتدادكم على مستوى الوطن. لقد اكدتم خلال الأزمة الأخيرة التي مررنا بها على ثبات موقفكم وبقيت رسالتكم مستمرة. من هنا ليس من الصعب عليكم مواصلتها والمحافظة على قيمة البقاء، فأنتم نموذج عن هذه الإرادة لدى اللبنانيين."
ثم التقى رئيس الجمهورية وفدا من جامعة سيدة اللويزة برئاسة الاب بشارة الخوري الذي تحدث في مستهل اللقاء، فقال: "باسمِ جامعةِ سيّدةِ اللويزة أقِفُ في حضرتِكم، مستمدّاً مِنكُم قوّةً وعزماً وثقةً، مُسْبِغاً عليكم أفْخَم الصفاتِ والنّعوتِ التي تستحقّون وأنْتُمْ بِها جديرون، لأقولَ لكم بأحْرُفٍ واضحةٍ وكلماتٍ معبّرةٍ وصادقة: هنيئاً لنا وللأجيالِ وللبنانَ لأنّكُم هُنا ترأسون لبنانَنا الجديدَ الذي طالَما حَلِمْنا بِهِ وَوُعِدْنا بِهِ، ويبدو أنَّهُ آتٍ وها هي رياحُ التغييرِ بدأتْ بالهبوب".
واردف "فخامةَ الرئيسِ جِئْنا اليومَ نقولُ لبّيكَ لِعَهْدٍ عاهَدْتنا إيّاهُ في خطابِ قَسَمِكُم بأنْ نستَثْمِر في العِلْمِ ثُمَّ العِلْمِ ثُمَّ العِلْمِ، وكَمْ بَدَوْتُم في هذا رئيساً حكيماً، رؤيَويّاً عارِفاً مُدْرِكاً تماماً أنَّ العِلْمَ هو الثَّروَةُ الكُبرى، فكيفَ لا نُثَمّرُها ونسْتَثْمِرُها فَيَنْعَمَ بِها الوطنُ وأبناؤه وبناتُه، وهي كفيلَةٌ باستعادةِ الثقة وتمايُزِهِ في محيطِهِ وفي هذا المشرِقِ العربيّ!؟ وعليه، نحنُ هُنا يا فخامةَ الرئيسِ لِنقولَ لكم، أُسوةً بكلّ الغيارى على هذا العَهدِ وعلى هذا البلد، وعلى غِرارِ التوّاقين إلى استعادَةِ ذاكَ الزمَنِ الجميلِ الخصبِ، زمَنِ العِزِّ والإزدهارِ، نحنُ في جامعة سيّدة اللويزة، بكلّ فروعِها ذوق مصبح- كسروان، وبرسا-الكورة، ودير القمر-الشوف، على أهْبَةٍ واستعدادٍ، وفي جاهزيّةٍ عاليةٍ، لنخوضَ ورشَةَ النهضةِ والتغييرِ، وقد لَمَسْنا في خطابِكم وفي خُطَبِكُمْ أمامَ زوّارِكُم مَيلاً إلى عَمَلٍ فريقيٍّ جَماعيٍّ، ورغبةً في التعاون، ولطالَما سمعْناكُم تقولْون: "أنا لوحدي ما بقدَر"، ولهذا، نحنُ هُنا لنقولَ لكم: لَسْتُم لِوَحْدِكُم، وبإِمكانِكُم الاتّكالُ علينا في مَهامَّ متنوّعةٍ وعديدةٍ وفي غيرِ مجالٍ واتجاهٍ، فمقدّراتُ جامِعَتِنا، وعلى الرُّغَم من كُلِّ المصاعِب والتحدّياتِ التي واجَهَتْ سائِر القطاعات، لا تزالُ كبيرةً وقويّةً، وها هي تتصاعَدُ وتنمو أكثرَ فأَكْثَر لتكونَ في خِدْمَةِ الأجيالِ وتُساهِمَ في تشكيلِ هويّةَ لبنانَ الجديدِ الذي أتَيْتُم لأجلِهِ".
وتابع "فرجاءً، لا تترَدَّدوا يا صاحِبَ الفخامَةِ في إعطاءِ الإشارةِ لِتَجِدَوننا جاهزينَ لِبَدْءِ العَمَل بِوَحْيٍ من خُطابِ قَسَمِكُم الذي نعتَبِرُهُ خارِطَةَ طريقٍ إذا ما سَلَكْناها بالطريقةِ الصحيحةِ والأساليبِ القويمةِ، وإذا ما استطعنا إخراجَ التَربيةِ والتَعليمِ من زواريبِ السياسَةِ، وتحييدَهُما بَلْ وحِمايَتِهما من طاعونٍ اسْمُهُ الفسادُ بكلِّ وجوهِهِ وأشكالِهِ التي طَبَعَتْ وتَغَلْغَلَت في مفاصِلِ مُعْظَمِ القطاعاتِ على امتدادِ سَنواتٍ، نكونُ قد نجَّيْنا لبنانَ من الهلاكِ، وأنقَذْنا سُمْعَتَهُ، ولَمَّعْنا صورتَهُ في عيونِ أولادِهِ وشبابِهِ، وعَكَسْنا صورَتَهُ المضيئة في مرايا العالمِ. وعليه، بإسمي وبإسم المجلس الأعلى للجامعة، ومجلس الأمناء وأسرة الجامعة وخرّيجيها الثلاثين ألفاً، نتشرّف بدعوتكم أن تكونوا خطيب احتفاليّة تخرّج طلّابنا في الثالث عشر من حَزيران المُقبل، وأمام عَدَسات قلوبِ الوطنِ بأكمله، تتشرّف الجامعة المارونيّة التي أسّسها غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، أنتُم الذينَ تستحقّونَ الموقِعَ المارونيَّ الأوّلَ في الدولة، نفتَخِرُ بِمنحِكُم الدكتوراه الفخريّة الأولى، وذلك لكي يبقى مجدُ لبنان، وِساماً نعلِّقُهُ على صدرِ الوطنِ بأكمله من خلالكم".
اضاف "أنتُمْ قُلتُمْ: إذا صَفَتِ النوايا نَسْتطيع الكثير، نَعَمْ، نحنُ في حَضْرَتِكُم نمثّلُ واحداً من كياناتِ التعليمِ العالي في لبنان، وَقَدْ حَضَرْنا لِنُعْلِن ونُظهِرَ صفاءَ نِيَّتِنا، وَلِمدِّ يَدٍ، أَغْلَبُ ظَنّنا، أنَّها قادِرَةٌ بِذاتِها، وستكونُ أشَدَّ قدرةً إذا ما استمدّت قدرةً مِنْكُم ومِن آخرينَ من أصحابِ النوايا الصافية، لِنَرْسُمَ معاً حُلْماً، ومعاً نحقّقُهُ، لِيكونَ لنا وَطَنٌ وليعودَ إلينا لبنانُ الجميلُ وإليهِ نعودُ جميعُنا".
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد ومهنئا بعيد المعلم مشددا على أهمية ما يورثه الإباء للابناء من علم لما يشكله ثروة مستدامة لهم بشكل خاص وللبنان بشكل عام. ونوه "بالمراكز التي يتبوأها اللبنانيون في الخارج نتيجة للاستثمار في العلم والعلم ثم العلم، وهو مصدر فخر لنا جميعا بفضلكم انتم وبفضل جامعات تساهم في تخريج الأجيال لترفع اسم لبنان عاليا". أضاف: "ان الخريجين اللبنانيين العاملين في الخارج يمثلون قيمة مضاعفة للبنان الا ان واجباتنا ان نسعى أيضا للمحافظة عليهم في الداخل"، مشددا على ضرورة "صيانة مستوى العلم لتبقى المؤسسات التعليمية والجامعية اللبنانية مقصدا للعالم كما بقيتم محافظين عليها رغم كل الازمات التي مررنا بها".
وتابع الرئيس عون: "سنعيد بناء لبنان الجديد سويا وهو امر ليس بمستحيل في ظل وجود امثالكم يخرجون عباقرة بإمكان وطنهم الاستفادة منهم كما يستفيد العالم الخارجي. وعلينا من اجل ذلك الخروج من الزواريب الطائفية والمذهبية والحزبية لمصلحة الوطن"، مشددا على "ان الامر يتطلب محاربة الفساد ووجود قضاء نزيه غير مسيس، وقضاة يحكمون بالعدل وفقا لما يفرضه عليهم ضمائرهم وبناء للاثباتات التي بحوزتهم لا بموجب آراء زعمائهم. ذلك ان الإصلاح يتم اذا ما توافر قضاء نزيه".
وختم: "كما تعطون انتم صورة جميلة عن التعليم في لبنان رغم كل التحديات، سنعمل نحن على نقل صورة جيدة عن مؤسسات الدولة وعن سير لبنان على طريق بنائها وسنفعل المستحيل لذلك، مجددا القول اننا واياكم في خدمة لدى شعبنا وليس العكس".
الى ذلك، كانت للرئيس عون لقاءات سياسية ووزارية ودبلوماسية. وفي هذا السياق، استقبل نائب رئيس الحكومة الدكتور طارق متري الذي عرض معه الأوضاع العامة والتطورات في الجنوب.
وفي قصر بعبدا، استقبل الرئيس عون سفير لبنان في دولة الامارات العربية المتحدة السفير فؤاد دندن الذي عرض معه العلاقات اللبنانية-الإماراتية واوضاع الجالية هناك.
واستقبل الرئيس عون رئيس جمعية "سانت ايجيديو" الاب فيتوريو لاناري يرافقه الدكتور اندريا ترنتيني اللذين اطلعاه على نشاطات الجمعية في مجال بناء قيم السلام بين الأديان والحضارات. وخلال اللقاء سلم الاب لاناري رئيس الجمهورية دعوة للمشاركة في "اللقاء الدولي للسلام" الذي ينعقد بين 25 و27 تشرين الأول المقبل في روما، ويحضره قادة سياسيون وروحيون وشخصيات ثقافية ومن المجتمع المدني.