أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، أن "ما نسعى اليه في المرحلة المقبلة هو ان يكون الاكفاء في المراكز التي يستحقونها، بمعزل عن انتماءاتهم الطائفية والسياسية"، لافتا الى أن "لدينا فائض من الكفايات في لبنان، وعلينا أن نحسن توظيفها".
ودعا الرئيس عون خلال لقائه في قصر بعبدا وفدا من الاتحاد العمالي العام برئاسة الدكتور بشارة الأسمر، لان يكون "الجهة التي تنتقد عمل الحكومة، لكن بشكل بناء واستنادا الى المصلحة العامة وليس المصلحة الشخصية". ولفت الرئيس عون الى أن "لبنان ليس مفلسا بل هو اساء حكامه استخدام مقدراته"، وقال: "سنعمل على الإصلاح ولكن النتائج المطلوبة مرهونة بالاستقلال الأخلاقي لدى القضاة"، وأكد انه "لا يمكن محاربة الفساد بدون قضاء".
على صعيد آخر، تطرق رئيس الجمهورية الى ملف العمالة السورية، فرأى أن "المواطنين يتحملون جزءا من المسؤولية فيه، حين يفضلون اللجوء الى اليد العاملة السورية بدلا من إعطاء الفرصة لأبناء بلدهم".
في مستهل اللقاء، قال الأسمر: "فخامة رئيس الجمهورية المحترم، تحية من القلب من عمال لبنان. زيارة تهنئة بانتخابكم وبعودة الحياة الدستورية الى البلد. وبالمناسبة نضع فخامتكم في واقع الحركة العمالية التي يمثلها الإتحاد (كل نقابات لبنان موجودة فيه) وهو الهيئة الأكثر تمثيلا لكل شرائح العمال في لبنان. لقد عانت الحركة العمالية وما تزال، وهي الطبقة الأكثر تضررا وتشمل 90 بالمئة من الشعب اللبناني من الانهيار الاقتصادي ومن التهرب الضريبي والاقتصاد الأسود (الناجم عن التهريب) ومن الفساد والافساد، وعدم الانتظام المؤسساتي والصراع بين السلطات والنكد السياسي والتراشق الإعلامي. كما عانت من الحروب على لبنان من الخارج وآخرها الحرب الإسرائيلية المدمرة، والحروب في الداخل، وكنا نخشى من الحدود الجنوبية فإذا بنا نخشى ونتوجس من الحدود الشرقية والشمالية. نتوجس من الوجود الكبير للاجئين السوريين والأجانب وانعكاسه على التركيبة اللبنانية وعلى الأمن والاستقرار وعلى الحركة العمالية ايضا، فالتنافس يؤذي العمال ومن العمالة الأجنبية والعربية غير المقوننة".
اضاف: "نطلب عبر مذكرتنا اليوم، وانطلاقاً من ثقة شعبية كبيرة وعارمة رافقت انتخابكم، العمل سويا وجماعيا لكونكم الضامن الأكبر للوحدة الوطنية وفيصل الحق في هذه الظروف الصعبة التي نعيش. ونركز على استكمال تحرير الأرض التي من دونها، فإن التأثير سيكون سلبيا على الاقتصاد والعلاقات مع الدول العربية والاجنبية وعلى العمال".
وفي موضوع التعاون بين السلطات، قال: "نتطلع الى تعاون جدي ضمن مبدأ فصل السلطات والاحترام المتبادل، فالاتحاد عانى كثيرا من تداخل السلطات وخصوصا مع السلطة القضائية، ونرى ضرورة بسط سلطة القانون على كامل الأراضي اللبنانية. هناك تفلت امني نتمنى معالجته بأسرع وقت ممكن". وتابع: "اما بالنسبة الى القضاء النزيه المستقل فقد بدأنا نلمس بشائر إيجابية من خلال التعيينات. ومن المهم ان تبقى الإدارة العامة بعيدة عن المحسوبيات والزبائنية، فنحن امام مرحلة لوضع إدارة عامة فاعلة، نتمنى ان تكون بعيدة عن المحسوبيات وكل ما يمسها. وهناك ضرورة لمحاسبة الذين تسببوا بالانهيار المالي والاقتصادي، والا فلا نظرة الى المستقبل، وكذلك العمل على إعادة أموال المودعين، مع التركيز على ان غالبية الأموال هي للفقراء ومتوسطي الدخل والعسكريين والمتقاعدين، كما العمل على إنصاف العمال والموظفين فى القطاعين الخاص والعام ومنهم العسكريين. واستذكر هنا لقاءاتنا معكم حين كنتم قائدا للجيش، والمساعدة على اصدار قانون للمتقاعدين يعيد جزءا مما فقدوه، وينصف العسكريين الذين باتت مهامهم حاليا اكبر من أي وقت مضى. كما هناك ضرورة لرفع الحد الأدنى وغلاء المعيشة وما نطرحه هو ضمن الواقع الاقتصادي الذي نعيشه والحوار الذي ترعاه الدولة".
ودعا الأسمر الى "استنهاض المؤسسات الصحية والاجتماعية والضمان وتعاونية الموظفين، إعادة الحياة الى المؤسسات الاستثمارية التي تدخل الإيرادات الى الدولة ومنها المرفأ الذي نذكر جيدا وقفتكم عند الانفجار الذي شهده، ومساهمتكم الفاعلة في اعادته الى النهوض. وهناك ايضا، الاهراءات، الكهرباء، المياه، الاتصالات، أوجيرو، مؤسسة الليطاني، إدارة حصر التبغ والتنباك، ومصفاة ومصب البترول في طرابلس والزهراني، واذا استطعنا إعادة احيائهم عبر الاتصالات المشرفة التي تقومون بها مع دول الخليج، فستكون نقلة نوعية لافتة للعمال ومصدراً لفرص عمل هائلة للشباب لترسيخهم في ارضهم. كل ذلك يتم عبر استحداث الهيئات الناظمة والقوانين وحصر استيراد النفط بيد الدولة مما يساعد في خلق فرص عمل للشباب".
كما دعا الى "دعم البلديات باتجاه انماء المناطق والدفاع المدني وتفعيله خصوصاً في ظل الاحداث العديدة التي نراها في لبنان ومنها الحرائق التي تلتهم ثروة لبنان الحرجية". وختم بالقول: "نجدد الشكر لكم، فخامة الرئيس والدعوة لكم بالتوفيق، وقد كنتم في قيادة الجيش دائماً الى جانبنا واليوم نحن متأكدون انكم ستكونون على قدر التوقعات".
الى ذلك، كانت للرئيس عون لقاءات نيابية. وفي هذا الاطار، عرض مع النائب اديب عبد المسيح للأوضاع العامة في البلاد والتطورات الأخيرة وانعكاسات ما يجري في سوريا على الساحة اللبنانية، لا سيما في الشمال عموماً وطرابلس وعكار خصوصاً.
كما تطرق البحث الى الوضع في الجنوب وحاجات منطقة الكورة وضرورة إعطائها حقها في التعيينات الإدارية المرتقبة كي تتمثل بشكل عادل.
واشار عبد المسيح الى ان البحث "تناول ايضا ضرورة اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها الدستوري، إضافة الى مشاريع انمائية ذات طابع وطني شامل".
والتقى الرئيس عون النائب إيهاب مطر الذي أوضح ان البحث "تناول عدداً من المواضيع العامة، ونتائج زيارة رئيس الجمهورية الى السعودية والقاهرة، واكدنا كل الدعم والتأييد والثقة بالعهد، ونحن متفائلون بالمسيرة الراهنة كي تعود بالخير على لبنان واللبنانيين"، وأشار الى انه "تم التطرق ايضاً الى حاجات الشمال عموماً وطرابلس خصوصاً في مجالي الامن والانماء، وقد ابدى الرئيس عون كل اهتمام".
وفي قصر بعبدا، اوضح النائب وائل أبو فاعور انه "عرض مع الرئيس عون الأوضاع في الجنوب، والتطورات على الحدود الشمالية والشرقية".