لا شكّ أن الوضع في سوريا أصبح مقلقاً للغاية نتيجة الفلتان الأمني الحاصل وتردي الأوضاع هناك، فما تتعرض له الاقليّات في تلك المناطق منذ إستلام الإدارة السوريّة الجديدة للحكم هو الاساس. ولا شك أيضا أن هناك محاولات لتسويق ما يحصل في اطار الانتقام من عناصر كانوا تابعين للنظام السوري السابق برئاسة بشار الاسد، ولكن فلنعد قليلاً بالزمن الى الوراء والى ما فعلته جبهة النصرة أو كما تسمى اليوم هيئة تحرير الشام يمكن أن نعرف أو نفهم ماذا يحدث.

كُثر يتكهنون عن الاحداث التي تجري بسوريا، والتي تسببت بمقتل المئات، والاكيد أنها ستتسبب بهجرة عدد كبير من الاقليات أي المسيحيين والعلويين، وما زيارة الموفد البابوي الى سوريا الا خير دليل على صعوبة الاوضاع هناك. وفي هذا الاطار يشير المطران بولس صياح عبر "النشرة" الى أنّ "المشكلة الأكبر لا تقتصر فقط على المسيحيين بل على الاقليّات بالاجمال، وخصوصاً العلويين منهم، والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي اجتمع مع وفد من مدينة "ربلة" السوريّة ويعمل على معالجة المسألة"، واضاف: "لا أتصور أن يتطور الوضع باتجاه لبنان لأنّ وضعنا ليس مرتبطا لهذه الدرجة بسوريا والجيش اللبناني يحاول أن يضبط الأمور وألاّ ينتقل ما يحصل في سوريا الى لبنان".

أما مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الاب عبدو أبو كسم فيرى أن لا أحد يعرف الى أين ستتجه الأمور في سوريا، والواضح أن "المجتمع الدولي تحرّك أمام الذي حصل في الساحل السوري والمجازر التي ارتكبت هناك"، مشددا على أن "الاقليّات خائفة من تفلّت الاوضاع هناك وأن يؤدي ذلك الى قتل المسيحيين وغيرهم"، مشددا على أن "زيارة الموفد البابوي الى سوريا جاءت في إطار على تأكيد الوجود المسيحي في البلد والشراكة بين مختلف المكونات".

"البطاركة في لبنان ناشدوا الشرع بوقف الاعمال التي تحصل بسوريا". هذا ما أشار اليه أبو كسم، لافتا الى "وجود كلام عن خارطة طريق جديدة وتقسيم للمنطقة وهذا الامر مقلق، خصوصا وأننا نريد أن يكون هناك أمان واستقرار في سوريا والمنطقة برمّتها وأن تبقى الشعوب موجودة في أرضها وأن يندمجوا مع بعضهم البعض حتى يتمكنوا من بناء الدولة، وجميعهم لديهم حقوق وواجبات". لافتا الى أنه "إذا ذهبت الأوضاع في سوريا الى مزيد من التوتر سيكون لذلك تداعيات على المنطقة، وهذا الجوّ القائم اليوم يستوجب منا جميعا أن نصلّي حتى يحلّ السلام في سوريا ولبنان والمنطقة".

في المحصّلة يتجه الوضع في سوريا الى مزيد من التأزم، وهذا التدهور في الاوضاع يشكل خطرا على أوضاع السوريين بالاجمال، وكذلك يساهم بشكل كبير بهجرة عدد كبير منهم وخصوصا الاقليات الذين سيشعرون بالخوف مما هو قادم وحتماً سيفضّلون المغادرة الى أمكنة آمنة أكثر.