في ظلّ مواصلة إسرائيل اعتداءاتها على جنوب لبنان، متجاهلةً التزاماتها بالانسحاب الكامل من الأراضي الّتي احتلّتها في الحرب الأخيرة، أشار مصدر سياسي لبناني لصحيفة "الأنباء" الكويتيّة، إلى أنّ "الموقف اللبناني في مواجهة هذه الاعتداءات واضح وحاسم، إذ يرفض أي طرح يجعل من لبنان شريكا في تحديد مصير الحرب أو السلام، لأن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن قرار الحرب والسلم في هذه المنطقة لطالما كان في يد إسرائيل".

وأوضح أنّ "إسرائيل تعتمد ​سياسة​ التصعيد والتوسع والاستيطان والاعتداءات المتكررة. بينما لبنان، بطبيعته وتركيبته، هو بلد السلام القائم على التعايش والتنوع. ولبنان الكبير الذي نشأ على هذه المبادئ، لا يمكن أن يكون إلا بلدا يسعى للاستقرار والعدالة. لكن السلام لا يفرض بالإملاءات ولا يكون بقرار أحادي الجانب، بل هو مسار قائم على الحقوق والمصالح العربية المتبادلة وفق قرارات الشرعية الدولية".

ولفت المصدر إلى أنّ "أمام استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، لم يعد مقبولا ترك الجيش اللبناني في حالة ضعف أمام جيش مدجج بالسلاح والقدرات المتطورة"، مشدّدًا على أنّ "المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى هو تسليح الجيش اللبناني وتعزيز إمكانياته، بما يمكنه من الصمود والمواجهة والقيام بدوره الطبيعي في الدفاع عن السيادة الوطنية. فإسرائيل لا تحترم سوى منطق القوة، ولطالما استغلت غياب التوازن العسكري لفرض إرادتها على الدول المحيطة بها. إن تقوية الجيش ليست خيارا، بل ضرورة استراتيجية تفرضها التحديات والمخاطر التي تهدد لبنان وأمنه القومي".

وركّز على أنّ "الحديث عن السلام، لا يمكن أن يكون مجرد شعار فضفاض يخدم المصالح الإسرائيلية وحدها. فالسلام المنفرد ليس سلاما، والتجربة التاريخية أثبتت أن أي اتفاق لا يستند إلى أسس عادلة وشاملة، لا يمكن أن يكون سوى محطة جديدة لمزيد من النزاعات والاضطرابات".

كما رأى أنّ "الحل الحقيقي يجب أن يكون منطلقه المبادرة العربية للسلام التي أقرت في القمة العربية في بيروت عام 2002، والتي تضع إطارا واضحا للسلام القائم على حل الدولتين، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وضمان عودة اللاجئين إلى ديارهم. هذه المبادئ وحدها يمكن أن تشكل أساسا لسلام دائم، وليس أي تسوية مجتزأة تفرضها إسرائيل بالقوة وتحت تهديد السلاح".

وأكّد المصدر أنّ "لبنان ليس دولة تبحث عن المواجهات، لكنه أيضا ليس دولة تقبل التنازل عن حقوقها وسيادتها تحت أي ظرف"، مضيفًا: "ما دام أن إسرائيل لم تلتزم بالقرارات الدولية ولم تكف عن اعتداءاتها ولم تعترف بالحقوق المشروعة للشعوب العربية، فإن أي حديث عن السلام سيبقى ناقصا وغير قابل للتحقق".

وشدّد على أنّ "المطلوب اليوم هو موقف لبناني وعربي موحد يتمسك بالثوابت، ويرفض أي محاولات لتغيير قواعد الصراع وفق رؤية إسرائيلية أحادية، لأن التجربة أثبتت أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام الحقيقي، لا الاحتلال ولا فرض الشروط بالقوة".

مصدر أمني لـ"الأنباء": الأمور مقبولة... تعيين قائد جديد للجيش يتقدم على ما عداه لمواجهة التداعيات الإقليمية

من جهة ثانية، ومع استحواذ الأحداث الأمنية في الداخل السوري، وتحديدا في منطقة الساحل على الحدود الشمالية مع لبنان والمواقف الدولية منها، على الاهتمام اللبناني، ومع تأكيد نزوح آلاف السوريين إلى عكار وطرابلس، حذّر نائب حالي ناشط على خط الرئاستين الأولى والثانية عبر "الأنباء"، مما سماه "تفلت الأمور في مناطق سورية محددة". وكشف عن "نزوح كبير إلى شمال لبنان"، مشيرا إلى "تجاوز العدد سبعة آلاف نازح.

وطالب الحكومة بـ"التركيز على ما يحصل في الجوار السوري، وبضرورة تحصين المؤسسات الأمنية اللبنانية، خصوصا أنها تنتظرها مهام كبرى على طول الحدود من الناقورة في الساحل الجنوبي، صعودا إلى خطوط المواجهة مع إسرائيل إلى تخوم جبل الشيخ، وامتدادا من هناك على طول الحدود اللبنانية- السورية في البقاع الشمالي والهرمل وعكار؛ نزولا إلى معبر العريضة على الساحل شمالا".

وأفادت "الأنباء" بأنّ "التطورات الإقليمية المتسارعة تثير قلق الحكومة اللبنانية، الأمر الذي يفرض عليها الإسراع في تنفيذ بيانها الوزاري بدءا من موضوع التعيينات. ويتوقع أن تحسم الاتصالات لإنجاز التعيينات العسكرية والأمنية يوم الخميس المقبل في سلة واحدة، وإذا تعذر ذلك فقد يصدر تعيين قائد جديد للجيش بشكل منفرد، لإعطاء زخم جديد في مواجهة التطورات وما نتج عنها من تداعيات النزوح المستجد مع أحداث الساحل السوري".

من جهته، أشار مصدر عسكري رسمي لبناني لـ"الأنباء"، إلى أنّ "الأمور تبدو مقبولة إلى حد ما في المنطقة الحدودية". وإذ أقر بمنطقة عازلة يسعى الجيش الإسرائيلي إلى فرضها، قلل مما يثار في وسائل الإعلام، محددا "عمق المنطقة بمسافة تصل إلى 500 متر كحد أقصى من الجدار الحدودي الفاصل مع الجيش الإسرائيلي".

وأكّد "جهوزيّة الجيش اللبناني الكاملة لضمان سلامة المواطنين"، لافتًا إلى "انعدام الحركة ليلا في عدد من القرى المدمرة، إذ لا بنى تحتية من شبكات مياه وكهرباء، ولا أعمدة إنارة لمن يريد التحرك ليلا". وبيّن أنّ "الأمر يختلف في قرى وبلدات لم تتعرض للاستهداف في الحرب الإسرائيلية الأخيرة".