مع تصدُّر ملف التّعيينات الأمنيّة والإداريّة ولاسيّما في المراكز الّتي تتّسم بالأولويّة، قائمة الملفّات المطروحة أمام الحكومة، كشفت معلومات صحيفة "الجمهورية"، أنّه "لم يدخل حتى الآن مسار اليسر المطلوب، حيث الأمر المحسوم متعلق بقيادة الجيش، والمعلوم انّ المطروح لهذا المنصب هو العميد رودولف هيكل، فيما موضوع حاكم مصرف لبنان لم يُبت حتى الآن، بل يخضع لنقاشات ومداخلات متعدّدة المصادر، واقتراحات ممن لهم علاقة وممن ليست لهم علاقة (سياسيون، إعلاميون، إراديون، تغييريون، سياديون، ومستشارون، وأصدقاء مراجع وندماؤهم)؛ تُزكَي اسماء وتضع "فيتو" على أسماء اخرى".

وأشارت إلى أنّ "المعلومات الأكيدة تفيد بوجود تباينات جوهرية حول هذا الأمر بين المراجع الرسمية، الّا أنّ اتصالات مكثفة تجري لحسم الاتفاق على الحاكم، حيث في هذه الحالة قد يُطرح هذا التعيين إلى جانب تعيين قائد الجيش في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل"، مبيّنةً أنّ "الأمر نفسه يتّصل بتعيين المدير العام للأمن العام، حيث يخضع هذا التعيين لتجاذبات ومداخلات تعطّل هذا الأمر حتى الآن".

ولفت مقرّبون من رئيس المجلس النّيابي نبيه بري لـ"الجمهوريّة"، إلى أنّه "ينتظر أن يُبت بهذا الأمر بشكل هادئ وطبيعي. فهذا الموقع شيعي، ومن الطبيعي ألّا يأتي التعيين بمعزل عن الشيعة أو رغماً عنهم، او متجاوزاً لهم، وبمعنى أوضح وأصحّ متجاوزاً للثنائي الوطني حركة "أمل" و"حزب الله"؛ فهذا الامر لا يُعدّ خطأ بل خطيئة".

وأكّد مصدر رفيع في "الثنائي" لـ"الجمهوريّة"، "أنّنا لا نعتقد أنّ ثمة في الدولة من يحاول ان يتجاوز "الثنائي"، وهناك كلام كثير عن مداخلات محلية وخارجية حول موقع الأمن العام، بمعزل عن دقته أو عدمها، فإنّها لا تغيّر في واقع الأمر شيئاً. وإن وُجدت هذه المداخلات، ننصح بعدم الإنصياع لها، لأنّ هذه المداخلات أيّاً كان مصدرها ومهما كانت قوتها وسطوتها، لن تتمكن من تحقيق ما تريده في هذا الأمر".

وشدّد على أنّ "النظرة الواقعية إلى كل الأمور، خصوصاً إلى التعيينات، هي المطلوبة، وليس أكثر من ذلك، والتعاطي باستنسابية مع هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلاً، ولا يمكن ان نقبل به؛ بل إنّه لن يستقيم أو يسري على الإطلاق".

تجاذب حول اسم مدير عام الأمن العام

في السّياق، أشارت مصادر مطلعة لصحيفة "الشّرق الأوسط"، إلى "تجاذب بعيد عن الأضواء بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي بخصوص اسم مدير عام الأمن العام، الّذي درج العرف أن يكون مارونياً، قبل أن تؤدي تسوية سياسية في عام 1998 لإعطاء الموقع للطائفة الشيعية، مقابل تخلي الشيعة عن منصب مدير عام أمن الدولة".

وركّزت على أنّ "قيادة الجيش حُسمت لصالح مدير العمليات في الجيش العميد رودولف هيكل، في حين يتنافس اسمان على المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وهما العميد محمود قبرصلي، والعميد رائد عبد الله".

التعيينات: الخلاف مستمرّ حول الأمن العام

بدورها، ذكرت صحيفة "الأخبار" أنّ "الحكومة تعقد الخميس المقبل جلسة في قصر بعبدا، في انتظار إيجاد مقر خاص ملائم لوجستياً وأمنياً، وسط أجواء تفيد بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون لم يكن مرتاحاً إلى طلب رئيس الحكومة نواف سلام الانتقال إلى المقر الخاص، باعتبار أن الأمر لا يشكّل أولوية الآن".

وبيّنت أنّ "الحكومة لا تزال تواجه معضلة في ما يتعلق بالتعيينات الخاصة في المواقع الأمنية والعسكرية، مع استمرار الخلاف بين الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري حول الاسم المُقترح للمديرية العامة للأمن العام، وإصرار كل منهما على مرشحه".

ولفتت أوساط بري لـ"الأخبار"، إلى أنه "لم يتلقّ أي ملاحظات على الاسم الذي تقدّم به، ما يعني أن سبب الرفض سياسي، مؤكّدةً أنّ "بري مدّ يد التعاون وسهّل الكثير من الأمور سابقاً في تشكيل الحكومة وإعطاء الثقة، وهو يحضّر لتعاون مستقبلي في ما خصّ التشريع وتحديث القوانين، ويتوقّع أن يبادله الآخرون بإيجابية، خصوصاً أن الاسم الذي طرحه معروف لدى رئيس الجمهورية وفريقه ولا سيما في العمل الأمني في استخبارات الجيش".

بدورها، استبعدت مصادر وزارية للصحيفة، أن "يكون الخلاف بشأن المدير العام للأمن العام عقبة أمام التعيينات الأخرى"، مشيرة إلى "توجه للبت في تعيينات أعضاء الهيئات الناظمة لقطاعات النفط والكهرباء والاتصالات، بعد انتهاء آلية التعيينات التي تعتمد إلى نحو كبير على مباريات في مجلس الخدمة المدنية، وهي آلية كانت قد اعتُمدت من قبل حكومة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري عام 2010، وعُرفت بآلية الوزير السابق محمد فنيش، بحيث تُستقبل الطلبات ويتم إجراء مقابلات شفهية مع الناجحين، ليُصار إلى اختيار اسمين، يضيف إليهما الوزير المعني اسماً؛ وتُعرض على مجلس الوزراء ليختار منها واحداً".

المساعدات مؤجّلة

أمّا في ما يتعلّق بملف المساعدات، فأوضح مسؤول رفيع لـ"الجمهورية"، أنّه "لا يوجد تمويل داخلي لإعادة الاعمار، كما لا توجد في الوقت نفسه مصادر خارجية للتمويل، فالوعود كثيرة، لكن ترجمتها لا تبدو ميسرة، او بمعنى أدق مجمّدة، وخصوصاً انّ الأجواء الدولية ضبابية قاتمة، يشي ما يورده الموفدون والسفراء بوجود موافقة مبدئية على دعم لبنان، إلّا انّ كل ما هو متعلق بالمساعدات، سواء المرتبطة بالإعمار او المرتبطة بمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية مؤجّل ربما إلى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة".

وعن موجبات هذا التأجيل، فسّر أنّ "الأمر ليس مرتبطاً بالإصلاحات، ولاسيما انّ الحكومة عازمة على الشروع فيها في القريب العاجل، بل الأمر أبعد من ذلك، له أبعاد سياسية، تعبّر عنها بعض الاصوات التي تتعالى من الآن، وتتحدث عن تحضيرات لإحداث ما يسمّونه انقلاباً سياسياً في لبنان، تكون مفاعيله مغايرة تماماً لما هو سائد في هذه المرحلة".

علاقة مضبوطة بين الثنائي والعهد تحت سقف البيان الوزاري

على صعيد آخر، ذكرت صحيفة "الديار" أنّ "موجة خطرة من التصعيد والغارات الإسرائيلية تكاد تكون الأعنف منذ 18 شباط الماضي، تعكس التوجه الإسرائيلي لتوسيع نطاق استهدافاته من دون اي رادع، يقابله التزام "حزب الله" عدم الرد العسكري تفاديا لعدم خرق القرار 1701، وافساحا للحل الدبلوماسي المتروك للدولة. إزاء هذا المشهد الجنوبي، يبرز اختلاف في مقاربة الموضوع، فثمة فريق يصر على ضرورة بقاء سلاح "حزب الله" للدفاع عن لبنان، من منطلق ألا جدوى من الدبلوماسية، فيما يفضل فريق آخر إعطاء فرصة للدولة للدفاع عن الارض واسترجاع المواقع المحتلة".

وتوقفت مصادر سياسية عبر "الديار"، عند "مواقف نواب "حزب الله" التي طالبت الدولة بتحمل مسؤوليتها، لوقف الاستهدافات الإسرائيلية. فمن وجهة نظر الحزب، ثمة خمس نقاط لا تزال محتلة، والسؤال عن كيفية تعامل الحكومة والدولة مع بقاء الاحتلال، في ظل المحاولة الدولية لفرض شروط على لبنان تتمشى مع المتغيرات الإقليمية".

مع ذلك، أكدت أنّ "مواقف "حزب الله" تلتزم ضبط النفس، مع دعوة الدولة لتحمل المسؤولية، فلا مؤشرات الى خلاف او تباعد بين "حزب الله" والعهد او الحكومة، على الرغم من الانتقادات الموجهة الى الحكومة. فقد أعاد الحزب بناء وترميم هيكليته التنظيمية، لكنه لن يكون في مواجهة مع اي فريق في الداخل، وبالتالي لن يقف عائقا امام العهد، وهو سمى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وشارك في السلطة التتفيذية، من هذا المنطلق يتجنب اي احتكاك مع العهد؛ على الرغم من ملاحظات عدد من نوابه التي حمّلت الحكومة ورئيس الجمهورية مسؤولية التقصير في التعامل مع اعتداءات العدو".

وأوضحت المصادر أنّ "العلاقة المستقرة مع العهد والحكومة، لا تعني إسقاط اللاءات التي يضعها "حزب الله"، وهي: "لا" سماح لاستمرار التجاوزات الإسرائيلية ، "لا" لمنطق ان السلاح لا يحمي الدولة، فالحزب طوى صفحة المواجهة العسكرية لكنه يضع نصب عينيه استمرار الخروقات وعدم انسحاب إسرائيل بعد، إلا ان الاستراتيجية الراهنة تقوم على عدم اعطاء إسرائيل ذريعة ومبررات استئناف الحرب، مع منح الدبلوماسية اللبنانية فترة سماح للعمل، فلا يتهم الحزب بخرق ال1701؛ أو توجه اليه انتقادات داخلية كما جرى في حرب الإسناد".

وشدّدت على أنّ "علاقة الثنائي بالعهد منضبطة ومستقرة، فالحزب ساهم في انتخاب رئيس الجمهورية واعطى الثقة ويلتزم البيان الوزاري، وقد حصل الثنائي على تمثيل غير حزبي في الحكومة، لكن ذلك لا يعني ان علاقة الثنائي بالعهد والحكومة لن تمر بمطبات، في ظل الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها رئيس الجمهورية، والشروط الدولية لإعادة الإعمار، والإفراج عن المساعدات والأموال، والتعيينات الأمنية التي تأجلت الاسبوع الماضي، لعدم حسم شخصية مدير الامن العام بعد والمحسوب من الحصة الشيعية".

وأضافت: "التعيينات ستشكل اختبارا لمستقبل العلاقة بين الجانبين، نظرا الى حساسية منصب الامن العام في المرحلة المقبلة، والمهام الموكلة اليه لضبط الحدود والعلاقة الجديدة بين العهد والنظام السوري الجديد بقيادة احمد الشرع".

تحوّل قضائي يعيد فتح التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت

في سياق منفصل، أفادت صحيفة "الشّرق الأوسط"، بأنّ "النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار أبطل قرار سلفه القاضي غسان عويدات، الذي اتخذه قبل أكثر من عامين، ويقضي بإيقاف أي تعاون مع المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار. وكان القرار جاء على خلفية ادعاء البيطار على عويدات وعدد من القضاة بملفّ تفجير مرفأ بيروت، وإصرار البيطار على استئناف التحقيق على رغم عشرات الدعاوى المقامة ضدّه".

وركّزت على أنّ "قرار الحجار شكّل تحوّلاً في مسار هذا الملفّ، وأحدث صدمة في الأوساط السياسية والقضائية، التي تتخوّف أن يقود ذلك إلى أن يستأنف البيطار إصدار مذكرات التوقيف الوجاهية والغيابية بحق المدعى عليهم، خصوصاً وأن شهري آذار الحالي ونيسان المقبل، سيشهدان جلسات تحقيق مخصصة لاستجواب القادة الأمنيين وعدد من السياسيين؛ وعلى رأسهم رئيس الحكومة السابق حسّان دياب".

ولفتت الصّحيفة إلى أنّه "ما أن تسرّب خبر استئناف التعاون بين النائب العام التمييزي والمحقق العدلي، تحوّل قصر العدل في بيروت إلى ما يشبه "خليّة نحل"، فبدأ يقصده محامون يمثلون أهالي الضحايا والمصابين، وأيضاً عدد من وكلاء المدعى عليهم السياسيين، وذلك للتثبّت من صحّة القرار وتحديد كيفية التعامل معه في الأيام المقبلة".

وأكد مصدر قضائي لـ"الشرق الأوسط"، أن "النائب العام التمييزي جمال الحجار حسم أمره باستئناف التعاون مع البيطار، والعودة إلى تسلّم المذكرات كافة التي تصدر عنه، بما فيها مذكرات تبليغ المدعى عليهم مواعيد جلسات استجوابهم والدفوع الشكلية لإبداء الرأي القانوني بشأنها، وتسلّم الاستنابات التي تصدر عن المحقق العدلي الموجهة إلى الضابطة العدلية، وكذلك إيداع البيطار الأجوبة التي وردتها عن استنابات كان سطرها المحقق العدلي قبل وقف التعاون معه".

وبيّن أن "الحجار بقي طيلة سنة كاملة منذ توليه مسؤولية النيابة العامة التمييزية (منتصف شهر شباط 2024) ينصح البيطار بأن يُخرِج السياسيين من الملفّ، لأن صلاحية محاكمتهم تعود للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء (في المجلس النيابي)، وكذلك الأمر بالنسبة إلى القضاة المدعى عليهم، حيث ينصّ القانون على آلية قضائية خاصة بمحاكمتهم".

وأشار إلى أنّ "الحجار لم يتمكن من تغيير شيء في قناعات البيطار، الذي أصرّ على بقاء الملفّ متكاملاً ودون أي تجزئة، وبالتالي بات مضطراً (الحجار) أن يستأنف التعاون معه، كي لا يتهم بأنه شريك في تعطيل التحقيق، وكشف الحقيقة في أكبر جريمة شهدها لبنان في تاريخه".

بانتظار يزيد بن فرحان

ذكرت صحيفة "الأخبار" أنّ "ضباط كبار في قوى الأمن الداخلي أبلغوا "زميلهم" أحمد الحجار، بعد تولّيه وزارة الداخلية، أنهم لن يقفوا عثرة أمام برنامجه للعمل في الوزارة وحتى في قوى الأمن الداخلي، وأنهم مستعدّون للمغادرة إلى منازلهم في حال كان وجودهم عائقاً أمام عمله".

وأوضحت أنّ "ذلك جاء رداً على شائعات بأن الحجار سيتعرّض للعرقلة من ضباط كبار لا يعتبرون أنه الأحق بهذا المنصب. أما في ما يتعلق بموقعَي المدير العام لقوى الأمن الداخلي ورئيس فرع المعلومات، فلم يتم التوصل إلى قرار نهائي بانتظار موقف الأمير السعودي المكلّف بالملف اللبناني يزيد بن فرحان".