أكدت مديرة شؤون الأونروا في لبنان دوروثي كلاوس، أن "اعتماد اللاجئين الفلسطينيين على الخدمات الأساسية التي تقدمها الأونروا في لبنان يكاد يكون شاملاً بحيث تتراوح معدلات الفقر بين 70 و 80 في المئة وبالتالي فإن الخدمات التي يقدمها القطاع الخاص لا يمكن أن تتحملها إلا قلة قليلة من اللاجئين".

واشارت في حديث لـ"نداء الوطن"، الى "التمويل الذي أصبح يشكل مصدر قلق رئيسياً وقد يؤثر النقص المستمر في التمويل على البرامج الإنسانية التي تطال الفئات الأكثر حاجة"، متحدثةً عن "علاقة مرهقة بين الأونروا والمانحين الدوليين واللاجئين وهي تتآكل يوماً بعد يوم، ومن يدفعون الثمن هم مَن لا دولة لهم بحكم الأمر الواقع ويعيشون في المخيمات وجوارها ويعتمدون على خدمات الأونروا".

وفي إضاءة على التحقق الرقمي في لبنان الذي أجرته الأونروا تحت عنوان "الشفافية وتوفير المساعدات لمستحقيها" على الرغم من كل الاعتراضات التي رافقته، أشارت كلاوس إلى أن "النتائج أظهرت أعداد اللاجئين الذين لا يزالون على قيد الحياة ومن المقيمين حالياً في لبنان، فالوكالة أجرت تحققاً رقمياً لـ 222000 لاجئ فلسطيني وهذا الرقم لا يعكس عدد المسجلين لدى الأونروا في لبنان والبالغ حوالى نصف مليون أما الفرق في الأرقام فهو ناجم عن لاجئين هاجروا على مر السنوات الماضية أو توفّوا من دون إبلاغ الأونروا".

وعبّرت كلاوس عن "اعتقادها بأن أغلب العائلات الفلسطينية المقيمة في لبنان قد استكملت التحقق الرقمي لضمان الحصول على المساعدات باستثناء عدد قليل جداً من العائلات الميسورة الحال، والأمور عالقة عند التحقق الرقمي لبعض الفلسطينيين المقيمين من الذين لا أوراق ثبوتية لهم وهم على الأرجح بضع مئات لذا فإن الرقم 222000 قريب جداً من الواقع".

وردا على سؤال حول أن نتيجة التحقق الرقمي تظهر وجود 222 ألف فلسطيني في لبنان، بينهم 27 ألف فلسطيني من سوريا، فهل يعتبر ذلك بمثابة إحصاء لعدد اللاجئين؟ ولا خوف من أن يدفع، الإعلان عن هذا العدد المعاكس لرقم المسجلين ويتجاوز عددهم 500 ألف، الدول المانحة إلى تقليص حجم تبرعاتها؟

قالت كلاوس، "لا، لأن متطلبات الأونروا من الموارد المالية تستند إلى الاحتياجات الفعلية لتوفير الخدمات المقدمة لـ38000 طفل يدرسون في مدارسها، و200000 خدمة صحية سنوياً، و30000 مريض يحتاج إلى مستشفى وإلى دعم في تكلفة العلاج"، مضيفة "تستعمل الأونروا مواردها المتوفرة بأعلى درجات الكفاءة لكي تضمن تقديم استمرار خدمات نوعية حيث يمكن اعتبار الأونروا واحدة من أكثر مقدمي الخدمات العامة كفاءة في المنطقة، مع الإشارة إلى أن الدول المانحة قد طلبت من الأونروا إجراء عملية تحقق لبرامج المساعدات النقدية شأنها شأن وكالات الأمم المتحدة الأخرى مثل برنامج الأغذية العالمي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي تقوم بالتحقق من المستحقين للمساعدات منذ سنوات لضمان حصول المؤهلين فقط عليها".

وكررت أن "عملية التحقق الرقمي وسيلة موثوقة للتحقق من هويات الأشخاص الذين هم على قيد الحياة ويقيمون في البلاد وهي لا تستبعد أي شخص يستوفي معايير التسجيل لدى الأونروا وكل لاجئ أكمل عملية التحقق الرقمي يحصل على حصص غذائية خلال رمضان"، مشددة على أن "موارد الأونروا شحيحة ويجب استخدامها فقط لمن هم مؤهلون ومن هم في حاجة مع التأكيد أن عملية التحقق ليست شرطاً مسبقاً للاستفادة من مدارس الأونروا أو مراكز الرعاية الصحية".

ومع بدء المرحلة الثالثة من التحقق الرقمي، وردا على سؤال حول انه لماذا تم استبدال المساعدات النقدية بمساعدات عينية (غذائية)؟ اوضحت كلاوس، "لقد قرر المانحون الرئيسيون العام الماضي وبشكل غير متوقع التحول من تمويل المساعدات النقدية إلى تمويل المساعدات الغذائية ويبدو أن هناك قلقاً عاماً بشأن العودة إلى تمويل المساعدات النقدية باعتبار النقد قابلاً للاستعمال لأغراض غير مرغوب فيها. لكن وبالنسبة للأونروا والنظام الإنساني، تبقى المساعدات النقدية الطريقة الفضلى والأكثر كرامة، وتواصل الوكالة إلى جانب وكالات الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية الأخرى المطالبة بالمساعدات النقدية".

وعن الحصة الغذائية الواحدة التي تبلغ قيمتها 22 دولاراً أميركياً بحسب أسعار الجملة وستكون أكثر كلفة إذا تم شراؤها بشكل فردي ومع معدل أربعة أفراد لكل عائلة، فإن معظم العائلات تحصل على حصتين غذائيتين فيما تحصل العائلات المؤلفة من خمسة أشخاص أو أكثر على ثلاث حصص.

وأعلنت كلاوس عن "إطلاق الأونروا في لبنان ثلاثة نداءات طوارئ على مدى العامين الماضيين: نداء استجابة لتغطية تكاليف الاشتباكات المسلحة في مخيم عين الحلوة عام 2023، نداء للاستجابة الإنسانية الناجمة عن الصراع المسلح الذي يؤثر على لبنان عام 2024، ونداء للاستجابة للاحتياجات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين من سوريا نتيجة للأزمة السورية والمقيمين في لبنان وخاصة العائلات التي نزحت من اليرموك في دمشق".

ورأت أن "الهجمات التي تتعرض لها الأونروا بسبب خفض التمويل إنما تدلّ على أن المجتمع الدولي يتراجع حالياً ما يولِّد لدى المجتمع الفلسطيني شعوراً بأنه معرض لخطر النسيان أو ربما يُترك من دون مؤسسة كانت بمثابة المرجعية له لأكثر من 75 عاماً".