أشار وزير الماليّة ياسين جابر، بعد اجتماع اختتمت فيه بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة أرنستو ريغا، زياتها إلى لبنان، عارضةً للتّصوّر الّذي كوّنته عن الوضع في لبنان، بعد الجولة الّتي قام بها على الرّؤساء الثّلاثة والوزراء المختصّين، وبعد الاجتماعات المتخصّصة الّتي عُقدت مع المدراء والخبراء المختّصين في وزارة الماليّة، إلى أنّ "اليوم كانت الجلسة الختاميّة للزّيارة الّتي يقوم بها مسؤول صندوق النّقد إلى لبنان مع وفد من اختصاصيّي الصّندوق، وتمّ استعراض كلّ المعطيات الّتي استحصلوا عليها عن الوضع في لبنان وإلى أين نحن ذاهبون في الفترة المقبلة، وبعد أن نعيّن حاكمًا لمصرف لبنان قد يكون قبل نهاية الشّهر الحالي".
وكشف أنّه "ستكون هناك زيارة أخرى في بداية شهر نيسان المقبل، ومن ثمّ سيغادر وفد لبناني إلى اجتماع الصّندوق في الرّبيع في واشنطن"، لافتًا إلى أنّ "في جلسة مجلس الوزراء اليوم، تمّت الموافقة على سفر وفد سيضم وزيري المالية والاقتصاد وبعض المسؤولين المعنيين بغية إتمام البحث في ما بدأنا به، ولتكون للبنان إطلالة جديدة أمام الوفود المشاركة من كل دول العالم. وستكون فرصة للبنان ليقول إنه عاد مع رئيس جمهورية وحكومة جديدين ومع برنامج إصلاحي كبير، وستكون لقاءاتنا مهمة من أجل تقدّم البحث مع الصندوق".
وأعرب جابر عن أمله في أن "نتقدم أكثر فأكثر في المستقبل، حتى توقيع اتفاق جديد مع الصندوق". وعمّا إذا كان الصّندوق قد وضع مواصفات محددة لهوية حاكم مصرف مركزي جديد، أوضح أنّ "المواصفات معروفة: ان يكون شخصاً مؤهلاً ويمتلك طلة دولية وصاحب خبرة وجاهزا للقيام بكل الاصلاحات المطلوبة في مصرف لبنان والقطاع المصرفي. كما نعلم جميعاً أن الهيئة الناظمة للمصارف في لبنان هو مصرف لبنان كمجلس مركزي وحاكم وهيئة الرقابة على المصارف والهيئة المصرفية العليا وغيرها".
وذكّر بأنّ "هناك ما يسمى الحاكم للعلاقة مع البنك الدولي هو وزير المالية والحاكم للعلاقة مع صندوق النقد الدولي ولبنان هو حاكم مصرف لبنان، ولذلك ان وجود الحاكم اساسي، وهذا لا يعني ان اداء الحاكم بالإنابة لم يكن جيداً، لا بل حقق انجازات جيدة، إنما فترة الولاية تنتهي بعد شهرين، ونحن اليوم نؤسس لمرحلة جديدة مطلوب لاستمراريتها ان يكون هناك حاكم جديد".
كما بيّن أنّ "هناك العديد من القوانين التي لم تنفذ، ونحن لا نقوم بالاصلاحات المطلوبة لاجل صندوق النقد، انما نقوم بها من أجل لبنان والشعب اللبناني، كي نحسّن البلد والحياة فيه. فمثلاً حين نعالج ملف الكهرباء الذي رتب على لبنان الكثير من المبالغ المالية ولم يؤمن خدمة الناس، وكذلك ملف المصارف، انما يكون ذلك خدمة للناس وحل مشاكلهم".
وركّز جابر على "أنّنا بدأنا منذ 33 يوماً وبنية طيبة، ولدى رئيس الجمهورية دفع قوي للحكومة ولكل الوزراء لتسريع كل ما هو اصلاحي، والحكومة ملتزمة برئيسها وكل اعضائها ان كل الملفات الاصلاحية ستتم معالجتها في الفترة المقبلة"، مشيرًا إلى "أنّنا بدأنا اليوم بالتعيينات الامنية، والأسبوع المقبل قد تكون هناك تعيينات قضائية ومن ثم أمور الحاكم وغيره، وستعقد جلسة خاصة يوم الاثنين المقبل لاطلاق آلية التعيينات لكل الوظائف والهيئات الناظمة ومجالس الادارة، حتى يكون هناك آلية شفافة لهذه التعينات".
وشدّد على أنّ "المرحلة بدأت ونأمل ان تكون رحلة سريعة، ونحن مضطرون من اليوم وحتى مغادرتنا الى واشنطن في نيسان المقبل وبعدها، أن نكون قد أعطينا اشارات إيجابية، وهناك نية لدى العهد والحكومة بالسير قدماً بتطبيق كل القوانين".
ولفت إلى "أنّني أحضرت معي من مجلس النواب لائحة بـ73 قانوناً لم ينفذوا الى الآن منذ صدورهم. وسيدعو رئيس الحكومة الاسبوع المقبل الى جلسة خاصة لمجلس الخصخصة والشراكة، خصوصاً وأن القانون مقرّ منذ آب 2017. علينا أن نباشر بالمشاريع كمطار الرّئيس الراحل رينيه معوّض في القلعيات وتأهيل المدينة الرياضية"، متسائلًا: "هل يعقل أن نترك قطاعاتنا تهترئ ولا نستعين بالقطاع الخاص لتشغيلها كما يجب؟ هناك الكثير من الأفكار لم تطبق اليوم حان الوقت لتطبيقها".
وعمّا إذا كان صندوق النّقد قد اقتنع بعدم شطب الودائع أو اقتطاع جزء منها، أكّد وزير المالية أنّ "هذا قرار سيادي ووطني، ومفهوم شطب الودائع هو مفهوم خاطئ، وحين طرح هذا الموضوع في العام 2020 كنا من اوائل من عارضه وتحدثوا يومها عن تفشيلنا لخطة. الموضوع الذي عرضناه هو كيف نبدأ بدارسة موضوع الودائع بهدف اعادتها وليس بهدف شطبها، وهذا هو العنوان الاساس".
وأضاف: رئيس الجمهورية قد عبّر عن ذلك في خطاب القسم وكذلك رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب ملتزم بهذا الموضوع، فالعملية انه قد يستحيل اعادة جميع الودائع غداً صباحاً، فليس من نظام مصرفي في العالم يستطيع أن يعيد كل الودائع لكل الناس في الوقت نفسه".
وأوضح أنّ "هناك خطة وصندوق النقد متوافق معها ويشجع عليها، وتبدأ بصغار المودعين الذين يشكلون 84% من المودعين، وبجدولة اعادة الودائع لجميع المودعين الذين لا فرق بين مودع وآخر سواء كان لبنانياً أو أجنبياً أو عربياً، فكل المودعين هم مودعون مهما كانت جنسيتهم".
وركّز على أنّ "لا مطلب لدى الصندوق بخصخصة القطاع العام بمعنى بيع وبالتأكيد لا. خطتنا واضحة ونحن ممن يشجع مواضيع الشراكة، ولبنان من أوائل الدول التي ادخلت الشركة بين القطاعين العام والخاص، فمثلاً مرفأ بيروت ولغاية العام 1990 كان بشراكة مع القطاع الخاص، وكذلك الكهرباء في عدد من المناطق وبعضها يعود للعام 1920، فلبنان قد يكون من اوائل من اخترع الشراكة".
وبيّن أنّ "عمليًّا، لدينا قانون ينظم هذه الشراكة ومطلوب اليوم تطبيقه، إذ لا شهية لدى العالم أن يمنحك تبرعات لكن هناك شهية الدخول باستثمارات. والمطلوب منا أن نحافظ على ملك الدولة وان نستعين لبعضها بالقطاع الخاص بادارتها ليس فقط، لتأمين مردود للدولة انما ايضاً لتقديم خدمة للناس".
حضر الاجتماع بالإضافة إلى جابر، كلّ من: وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط، حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري، رئيسة هيئة الرقابة على المصارف مايا دباغ، مدير المالية العامة جورج معراوي، المستشارون من رئاسة الجمهورية فرحات فرحات وفاروج نرغيزيان وتانيا كلاب، رئيسة المعهد المالي (باسل فليحان) لمياء مبيض، الخبراء في وزارة المالية كلودين كركي وزينة قاسم، إضافة الى ممثل الصندوق في لبنان فريدريكوليما والفريق التقني.