في زمن "الأمبراطور" دونالد ترامب يبدو صعباً الوقوف بوجهه والتصدي للفرامانات التي يطلقها تجاه الصديق والخصم والعدو، ولكن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان فعلها بعد التهديد الأميركي الذي وصل إلى إيران، وقد سبق الموقف الرئاسي الإيراني موقفاً شبيهاً لمرشد الجمهورية الإسلامية علي الخامنئي يؤكد على رفض التفاوض مع الأميركيين.

لم يكن موقف خامنئي بحسب مصادر متابعة موقفاً لرفض التفاوض بالمطلق، إنما رفض بظل الظروف الحالية التي يحاول ترامب صناعتها لتُحيط بالعلاقة مع إيران، بمعنى أن الرئيس الاميركي لم يكن يُريد التفاوض معها إنما توقيع أوراق إستسلامها للمطالب الأميركية–الإسرائيلية، لذلك كان لا بد من الردّ بهذه الطريقة، واستكمال الردود بتغييرات داخلية أعادت "المحافظين" إلى الواجهة، بعد تقليم أظافر الرئيس الإيراني، اقتصادياً من خلال التصويت على سحب الثقة من وزير الإقتصاد عبد الناصر همتي، الذي كان الرجل الذي يسعى من خلاله بزشكيان لإحداث التغيير الإقتصادي بحسب رؤيته، وسياسياً من خلال دفع محمد جواد ظريف للإستقالة.

بعد هذه التغييرات أعلن الرئيس الإيراني التزامه بما يقرره الخامنئي، وكان له موقفه الحازم تجاه ترامب والذي قال فيه: "لن أتفاوض معك، إفعل ما تريد"، وكان يبدو بحسب المصادر أن الإيرانيين اقتربوا من لبس لباس الحرب بمعنى أنّ الضربة الإسرائيلية–الأميركية عليهم باتت امراً واقعاً ولكنها ليست كذلك، ولو أنها من ضمن الخيارات الموضوعة على الطاولة، فللضربة حسابات كبيرة وكثيرة، ولعلّ أحد أهم شروط طهران للتفاوض مع الأميركيين هو سحب هذا الخيار عن الطاولة.

خلال الساعات الماضية تلقت الجمهورية الاسلامية رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجهة للمرشد الإيراني، سلمها وسيط إماراتي هو أنور قرقاش لوزير الخارجية الإيراني، وبحسب المصادر فإنّ مجرد وصول الرسالة من خلال الإمارات، فهذا مؤشر سلبي أول لمضمونها الذي لم يُكشف أمام الإعلام، وتُشير المصادر إلى أنّ بعض ما رشح عن فحواها لم يكن مشجعا وهو يشبه ما كان قاله ترامب سابقاً عندما هّدد إيران بالحرب ما لم تخضع بالتفاوض.

الجيد بحسب المصادر قد يكون تكرار التهديدات الأميركية لإيران، فكثرته تعني أن الطرف المُهَدد يرغب بتخفيف التوتر لا تصعيده وإلا لكان ارتكب ما يهدّد به فوراً، وتكشف المصادر أن الجمهورية الإسلامية تحاول من جهتها إزالة كل الأسباب التي قد تشكل ذريعة للهجوم عليها، تحديداً في الملف النووي الذي تؤكد دائماً على غياب أيّ نية لانتاج قنبلة نوويّة لاعتبارات دينية، وبالتالي هي قد حدّدت موقفها على الشكل التالي: لا للحرب ولا للتفاوض تحت الضغط.

لا تُريد ولا ولن تقبل إيران بمشهد شبيه بمشهد الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، لذلك هناك شروط أساسية لتقبل بالتفاوض مع الأميركيين، بشكل غير مباشر، ولو أنه من غير المستبعد في المستقبل أن يكون مباشراً، وبحسب المصادر فيمكن القول أن الشروط الأساسية هي وقف التهديد بالحرب وسحبه بشكل كامل ودائم، ورفض التفاوض بظل الضغوط التي تُمارس اليوم، والحصول على ضمانات بشأن التفاوض ونتائجه والأهم الإلتزام به في المستقبل كي لا يتكرر ما حصل مع ترامب بعد التوقيع على الإتفاق النووي السابق.