لفتت صحيفة "الخليج" الإمارتية إلى أنه بينما يقترب موعد الاحتفال بمرور ثمانين عاماً على إنشاء الأمم المتحدة، يتحدث الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش عن أفكار تهدف إلى جعل المنظمة "أقوى وأكثر فعالية، تخدم الناس، وتتوافق مع القرن الحادي والعشرين"، موضحة أن غوتيريش أشار إلى مقترحات ثلاثة ستعكف لجنة داخلية على التباحث بشأنها، ومن ثم تقدم للدول الأعضاء، وتتمثل في تحسين طريقة عمل المنظمة، والقيام بمراجعة شاملة فيما يتعلق بالمهام الموكلة لها، وإجراء مراجعة استراتيجية للتغييرات الهيكلية الأعمق وإعادة تنظيم البرامج.
واعتبرت أن مثل هذه الأفكار ليست بالجديدة، فغوتيريش نفسه كانت له مقترحات سابقة على هذا الصعيد، كما أنه وعلى مدار عقود كانت هناك مبادرات ودراسات تناقش كيفية الوصول بعمل الأمم المتحدة إلى أعلى درجات الكفاءة والفعالية، في إطار عمليات إصلاح شاملة أو جزئية. لكن ما جعل الأمر أكثر إلحاحاً في مناسبة بلوغ الأمم المتحدة الثمانين أن هناك تساؤلات كثيرة باتت تطرح ليس فقط حول بعض جوانب القصور في عمل المنظمة، وإنما تتعلق بجدوى استمرار المنظمة الدولية أيضاً.
وأوضحت أن التشكيك في جدوى الأمم المتحدة جاء بالأساس من الفشل الذي يتكرر مع اندلاع النزاعات المسلحة، وخاصة تلك التي تكون القوى الخمس صاحبة حق النقض في مجلس الأمن طرفاً فيها أو منحازة إلى أحد أطراف النزاع. ومن ثم يبدو الجهاز المنوط به التعامل مع قضايا السلم والأمن الدوليين عاجزاً. فيرى الناس استمرار إراقة الدماء واستهداف المدنيين وارتكاب جرائم حرب، ومع ذلك لا تصدر القرارات حتى لو كان هناك إجماع عليها ما عدا عضو واحد. كما أن بعض الدول الكبرى باتت تشكك في جدوى بعض مكونات الأمم المتحدة، وتوجه لها الاتهامات، وتنسحب من بعض وكالاتها المتخصصة.
وأشارت إلى أن الأمم المتحدة ليست فقط ما يدور في مجلس الأمن، وإنما هناك أجهزة رئيسية أربعة أخرى ممثلة في الجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوصاية، قامت وما زالت بأدوار مهمة في مجالات تصفية الاستعمار، والتنمية، والتعامل مع التداعيات الإنسانية للأزمات والكوارث.
وأوضحت أن المنظمة الدولية الأم تواجه تحديات كثيرة. وفي الوقت نفسه فإن القضايا التي عليها أن تتعامل معها تزداد اتساعاً وتعقيداً. وإذا كانت مسائل من قبيل الوفاء بتسديد الدول مساهماتها المالية في ميزانية المنظمة، وتحسين آليات مراقبة الصرف مهمة. فإن هناك مسائل أكثر أهمية تتعلق بآليات صنع القرار في المنظمة، وهي مسائل حكمها منطق المنتصرين في الحرب العالمية الثانية. اليوم، من المفترض أن يكون هناك منطق آخر في ظل التحولات الهيكلية التي يشهدها العالم.
ورأت أن بقاء الأمم المتحدة فيه فائدة كبيرة للعالم. لكن استمرار الهجوم عليها من قبل بعض الدول، وتقليص وتأخير مساهماتها المالية، وتعطيل عمل آلياتها، والأهم من ذلك ازدواج المعايير عند التعامل مع حالات مشابهة معروضة على جدول أعمالها، قد يعجل بتآكل مشروعيتها. وعلى دول العالم ألا تنسى ما حدث عندما تعرضت عصبة الأمم لضربات مشابهة من أعضائها.
وأضافت: "قناعة أرسخ وعدالة أكثر وشفافية أوضح وإرادة أصلب، أمور لا غنى عنها إن أراد العالم للأمم المتحدة أن تستمر في خدمته قاطبة".