في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تقصف أهدافاً داخل سوريا، كان الجيش السوري الجديد يقصف الأراضي اللبنانية بالقذائف المدفعية والهاون، ويُطلق وابلاً من الرصاص بشكل عشوائي، ويدخل الأراضي اللبنانية في بلدة حوش السيد علي فاتحاً، بعد تهجير السكان اللبنانيين منها، وهو ما تدخل الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية لحلّه خلال الساعات الماضية.
مساء الإثنين بدأت الإتصالات بين وزارة الدفاع اللبنانية ونظيرتها السورية، تقول مصادر متابعة، مشيرة إلى أن الإتصالات توصلت إلى وقف مبدئيّ لإطلاق النار، مع اتفاق على بحث ملف بلدة حوش السيد علي يوم الثلاثاء، وهو ما حصل ولكن بعد دخول العناصر السوريّة إلى البلدة بشقّها السوري، بعد تهجير ما تبقى من سكان منها.
يوم الثلاثاء تكثفت المشاورات بين الوزارتين، والجيشين، ووُضعت الخرائط على الطاولة لتحديد الحدود بشكل دقيق، وتم الإتفاق على انسحاب الجيش السوري من المناطق التي تُعتبر داخل الأراضي اللبنانية، وبعد سقوط الإتفاق لأول مرة الثلاثاء مساء ورفض مسلحي هيئة تحرير الشام الخروج من البلدة، عاد الإتفاق للتطبيق فدخل الجيش الأربعاء وبدأ عملية التمركز داخل حدود البلدة اللبنانيّة تمهيداً لعودة السكان إليها.
تكشف المصادر أن الإتفاق الذي تم بين وزارتي الدفاع في البلدين لم يتطرق للبنانيين الذين يسكنون بلدة حوش السيد علي الموجودة داخل الأراضي السوريّة، علماً أن هذه البلدة هي إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء الهرمل في محافظة بعلبك الهرمل، وتُعد من الأراضي التي يتشاركها لبنان مع سوريا، بحيث يتواجد حوالي ثلثها داخل الحدود اللبنانيّة والبقية داخل الحدود السوريّة، وتُشير المصادر إلى أن اللبنانيين الذين كانوا يسكنون في الشق السوري من البلدة لن يعودوا إليها في المرحلة الحالية، وربما لن يعودوا مطلقاً لأن هذا الأمر هو في صلب الخطة التي تعمل عليها الإدارة السوريّة الجديدة، ومصيرهم سيكون كمصير اللبنانيين الذين كانوا يسكنون قرى كاملة في الجهة السوريّة من الحدود، وبحسب الإتفاق تم إغلاق معابر غير شرعيّة في المنطقة، وسيكون لهيئة تحرير الشام تسيير دوريات امنيّة في الجزء السوري من البلدة.
أهميّة بلدة حوش السيد علي هو التداخل بالحدود القائم فيها، فهي مختلفة عن بلدات "لبنانية" داخل الأراضي السوريّة، وبالتالي، وبحسب المصادر، يتحدث الإتفاق بين وزارتي الدفاع اللبنانية والسورية عن محاولة تقليص مظاهر التسلّح في البلدة لمنع الإستفزازات، وهذا ما طلبه الجيش اللبناني من ابناء العشائر في الجزء اللبناني من البلدة، لأنّ استمرار الاستفزازات المتبادلة من شأنه أن يُعيد الإشتباكات ويجعلها دائمة، علماً أن الحلّ لما يجري على الحدود لن يكون سهلاً وما حصل من اشتباكات سيتكرر في أكثر من مناسبة.
كان لافتاً خلال دخول الجيش اللبناني إلى البلدة انتشار بعض المشاهد والعبارات التحريضيّة والتخوينيّة بحق الجيش، وتكشف المصادر أنّ الأسباب كانت حصول إشكال بين الأهالي والجيش حول السلاح واعتقاد العشائر أن الجيش يُريد مصادرة سلاحهم، وهو ما يعتبرونه بمثابة حكم إعدام بحقهم بظلّ وجود المجموعات المتطرّفة بالقرب منهم، وترى المصادر أنّ حصر السلاح في تلك المنطقة لا يكون في ظروف كهذه، بل المطلوب تواجد العشائر خلف الجيش وخلف قراره بالدفاع والتصدي متى كان هناك حاجة.
بحسب مصادر سياسية لبنانية فإن مشكلة التنسيق والتواصل بين لبنان وهيئة تحرير الشام تكمن بعدم قدرة الأخيرة على ضمان كل المسلحين والمجموعات المسلحة، وبالتالي تتوقع المصادر ألاّ تنتهي الإشكالات المسلّحة على الحدود في وقت قريب، علماً أنّ وقف كل ما يجري يحتاج إلى قرار سياسي قبل التدخل العسكري.