أجواء حرب حقيقية تسيطر على الجنوب اللبناني، حيث يسيطر الخوف من اندلاع الحرب من جديد بين لبنان وإسرائيل، على غرار ما يجري في قطاع غزة وما نجم عن العدوان الإسرائيلي في أيلول 2024، في حين أن العديد من المواطنين حجزوا منازل وأبقوها شاغرة في مناطق أخرى، للجوء إليها في حال حصول أي عدوان على لبنان.

في هذا السياق، يرى الممثل السابق للحكومة اللبنانية لدى قوات "اليونيفل" العميد المتقاعد منير شحادة أن "كل ما تقوم به إسرائيل، في لبنان أو غزة أو سوريا أو العراق أو إيران، يتم بضوء أخضر أميركي"، لافتاً إلى أنه "من عهد الرئيس السابق جو بايدن إلى عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب ازداد هذا الضوء الأخضر الأميركي"، مذكراً بما كان قد أدلى به الأخير، عندما تحدث عن أن أرض إسرائيل صغيرة، بمعنى أنها عليها أن تتوسع.

من هنا، يقرأ دعوة ترامب للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبد الله الثاني لتخصيص مناطق لتهجير أهالي غزة، في وقت تعلن إسرائيل أنها ستضم الضفة الغربية بموافقة أميركية، بالتزامن مع حديث المسؤولين الإسرائيليين عن البقاء في النقاط الخمس في الجنوب، التي أصبحت 7، إلى أجل غير مسمّى، معتبراً أن كل هذا يدل على أن واشنطن منحازة لتل أبيب إلى أقصى الحدود، من دون تجاهل أنها تسعى إلى تسعير الفتنة في سوريا، بالإضافة إلى حالة الترقب لإحتمال توجيه ضربة لإيران، وما حصل من قصف أميركي عنيف على اليمن.

ويعتبر أن ما حصل في اليمن يمثل رسائل بعدة اتجاهات، الأولى أن ترامب يريد ارسال رسالة للعالم أن عهده يختلف عن عهد بايدن، الثانية استكمال المشروع الأميركي للقضاء عما يسمونه أذرع ايران في المنطقة واليمن واحدة منها، الثالثة رسالة تهديدية للجهورية الاسلامية بمعنى أن ما تقوم به اليمن هو باشراف إيراني، وعلى طهران أن تضغط على اليمن لكي يوقف مساندة غزة وفتح باب المندب، مشيراً إلى أن العالم صامت صمت القبور وأميركا لن تضغط على إسرائيل لوقف الخروقات، إن كان في لبنان أو في غزة، لا بل تشجعها على ذلك.

ولفت إلى أن الولايات المتّحدة بدأت تبتز لبنان، كسلطة سياسية ومقاومة، بالتطبيع ووضعت انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس شرطاً لذلك، وهو ما صرح به عدة مسؤولين أميركيين، وأشار إلى أن إعادة الاعمار مرتبط بالتطبيع مع إسرائيل، لكنه يشدد على أن هذا لن يحصل أبداً، حيث أن هناك فئة كبيرة في لبنان قدمت الاف الشهداء، منذ العام 1978 وحتى الآن، ولا يمكن بعد كل هذه السنوات وهذه التضحيات أن يكون هناك تطبيعاً مع إسرائيل.

وفي حين اعتبر أن جل ما يمكن الوصول إليه هو اتفاقية هدنة، على غرار ما حصل في العام 1949، حتى ولو قامت سوريا بالتطبيع مع إسرائيل، متوقعاً ذلك بأسرع وقت ممكن بالنسبة لها، سيبقى لبنان وحده بعيدا عن هذا الأفق، "وإلا سنكون في خضم حرب داخلية بهذا الخصوص".