لفت رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، في كلمته خلال مأدبة الإفطار الرّمضاني الّتي أقامها في قصر بعبدا، إلى "أنّني اليوم أكون قد أمضيت في هذا الصّرح، سبعين يومًا. ومنذ لحظتها الأولى، كنت أستعين بقراءة "الكتاب"، كما كان يحلو لسلف كبير لي أن يسمّيه، أي الدّستور".
وأشار إلى "أنّني غالبًا ما كنت أتوقّف عند عبارتَين اثنتين: "لا شرعيّة لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك"، و"رئيس الجمهوريّة هو رئيس الدّولة ورمز وحدة الوطن". وأصارحكم الآن القول، بأنّني كنت دومًا أسأل نفسي عن أبعاد هاتين العبارتين، ماذا تعنيان في العمق والجوهر، وماذا تقتضيان منّي أوّلًا ومنّا جميعًا. حتّى تصوّرت هذا المشهد، وتخيّلت هذه الصّورة، ففهمت كل المقصود، وأدركت كلّ المعنى، بل أكاد أجزم بأنّ الوحي الميثاقي والدّستوري بهما قد نزل في لحظة كهذه اللّحظة؛ وفي زمن كهذا الزّمن".
وركّز الرّئيس عون على "أنّني هكذا أدركت أنّ شرعيّة أي سلطة في لبنان، لبنان الكيان والوطن والدّولة، هي في أن نكون معًا، أن نحيا معا... وأن نحيي حياتنا معًا، أن نصلّي معًا وأن نصوم معًا ونفطر معًا، أن نقاوم معًا، أن ننتصر معًا، أن نفرح زمنًا أو نحزن للحظة معًا، وأن تكون معيّتنا هي ترياقنا. لنمسح حزن اللّحظة، ونؤبد فرح كلّ لحظة معًا. وفي كل الأحوال وشتّى الأزمان، أن نبقى معًا".
وشدّد على أنّه "أمّا أن يكون رئيس الجمهوريّة هو رمز وحدة الوطن، فأدركت أنّ هذا يعني ويقتضي أن أكون أنا وأنتم جميعًا هنا، تحت هذا السّقف بالذّات، سقف دولتنا ووطننا وميثاقنا؛ لأنّ وحدتنا هي أغلى ما نملك وأعظم ما نملك. هي قوّتنا وحصانتنا، منعتنا وقدرتنا، هي سلاحنا الأمضى وثروتنا الأغنى وخيرنا الأبقى".
كما أكّد أنّ "بوحدتنا هنا، نحفظ وطننا من كلّ عدوان وأطماع. بوحدتنا هنا، نستعيد كلّ حقوقنا ونحرّر كلّ أرضنا ونستعيد كلّ أسرانا. بوحدتنا هنا، نحقّق ازدهار شعبنا واستقرار مجتمعنا واستقلال بلدنا. بوحدتنا هنا، نعيد بناء ما تدمّر، ونضمن ألّا نسمح بالدّمار مجدّدًا أو دوريًّا. بوحدتنا هنا، نزرع الفرح في عيون أبنائنا والأمل في نفوسهم، فنحصد مستقبلًا يليق بالتّضحيات والشّهادات ويشبه لون تلك العيون".
وأضاف الرّئيس عون: "بوحدتنا هنا، نقوم بعد أي كبوة، وننتصر بعد أي نكسة، ونبلسم أي جرح حتّى يبرأ، ونبتسم لكل غد، إيمانًا منّا بأنّه سيكون أفضل. بوحدتنا هنا، لا تكون جماعة منّا مكلومة، ولا حقوق لنا مهضومة، ولا فئة عندنا مظلومة".
ولفت إلى أنّه "إذا ما سهونا لحظةً عن هذا الأساس في رزنامتنا الأرضيّة، تأتي عناية السّماء من فوق، لتوحّد زمن الصّوم المقدّس بشهر رمضان الفضيل، لتذكّرنا بأنّ الصّومَين سبيلان إلى غاية إيمانيّة واحدة. فصوم المسيحي هو التّمهيد للقيامة، والحديث الشريف يؤكّد للمسلم أنّه "إذا دخل رمضان، فتحت أبواب الجنّة". هكذا يذكّرنا رب السّماوات والأرض، وهو "المذكر"، بأنّنا واحد وأنّنا موحّدين وموحّدين إلى الأبد".
شارك في الإفطار كلّ من: رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري، رؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، تمام سلام، وحسان دياب، وزراء ونواب، ورؤساء احزاب.
وحضر من رؤساء الطوائف المسيحية: البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الكاثوليك مار يوسف الأول العبسي، بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي، بطريرك الأرمن الكاثوليك البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون مينسيان، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان، بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني، رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي، رئيس الطائفة القبطية الارثوذكسية في لبنان وسوريا القمص اندراوس الانطوني، رئيس الطائفة الانجيلية في لبنان وسوريا القس جوزف قصاب، النائب الرسولي للاتين في لبنان المطران سيزار اسايان.
كما حضر من رؤساء الطوائف الاسلامية: مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، شيخ عقل الطائفة الدرزية سامي ابي المنى، رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ علي قدور، اضافة الى عدد من المطارنة والمشايخ، السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا، رؤساء البعثات الدبلوماسية العربية والاسلامية، عميد السلك القنصلي جوزف حبيس، رؤساء السلطات القضائية، قادة الاجهزة العسكرية والامنية، السلك الاداري، المحافظون، اعضاء من لجنة الحوار الاسلامي المسيحي، نقباء المهن الحرة، مدراء وامناء عامون؛ وكبار الموظفين والمستشارين في القصر الجمهوري.
وسبق الافطار، لقاء ضم الرئيس عون وبري وسلام، تطرق الى الاوضاع الراهنة في البلاد، وخصوصاً الوضع في الجنوب وعلى الحدود الشرقية والشمالية- الشرقية، ووجوب إعادة الهدوء والاستقرار اليها.