أكّد وزير الخارجيّة والمغتربين يوسف رجي، أنّ "لبنان يقوم بكل ما يلزم من جهود دبلوماسيّة مع المجتمع الدّولي لوقف العمليّات العسكريّة الإسرائيليّة المستمرّة عليه بشكل نهائي، وتحقيق الانسحاب الفوري غير المشروط من كلّ شبر من الأراضي اللّبنانيّة المحتلّة".
وأشار، في مقابلة مع "فرانس 24"، إلى أنّه "يقع على الدولة اللبنانية مسؤوليّة الحفاظ على المواطنين وعلى أرضها، لكن علينا أن نتذكر دائمًا من كان السّبب وراء الدّمار الهائل والخسائر البشريّة، ومَن تسبّب بدخول الجيش الإسرائيلي إلى القرى والبلدات الجنوبيّة واستمراره في النّقاط الخمس"، مشدّدًا على أنّ "الدّولة اللّبنانيّة تقوم بكل واجباتها، وتعمل ليلًا نهارًا للوصول إلى انسحاب كامل وفوري للقوّات الإسرائيليّة، على أمل أن نصل إلى نتيجة بمساعدة المجتمع الدولي".
وعن تحميله "حزب الله" مسؤوليّة ما حصل، أوضح رجّي "أنّني لست أنا من يحمّله المسؤوليّة، بل الوقائع هي الّتي تؤكد ذلك"، معلنًا أنّ "الدّولة اللّبنانيّة سترفع شكوى ضدّ الحكومة الإسرائيلية لمحاسبتها على الجرائم الّتي ارتكبتها بحق لبنان، إذ لا يمكن مسامحتها على ما تسبّبت به من دمار هائل وأضرار بشريّة، لكننا نسأل في المقابل من تسبّب بكل هذه الخسائر؟ ومن ادعّى مساندة غزة، وأعلن مرارًا وتكرارًا أنّه سيحرّر القدس؟".
وإذ دعا إسرائيل إلى "الانسحاب الفوري من النّقاط الخمس الّتي احتلّتها ووقف عمليّاتها العدائيّة"، اعتبر أنّ "الشّرط الأساسي لوقف إطلاق النّار كان الالتزام بتنفيذ القرار الدّولي 1701 بكامل مندرجاته، وإحدى هذه المندرجات هي القرارات الدّوليّة ذات الصّلة الّتي هي 1559 و1680، والّتي تتحدّث عن حصريّة السّلاح بيد الدّولة اللّبنانيّة، وهذا لم يطبَّق بعد".
كما ركّز على أنّ "الجيش اللبناني يقوم بعمل جبّار في جنوب لبنان ويتسلّم كلّ المواقع الّتي يجب أن يتسلّمها، وهذه بشهادة الدّبلوماسيّين في المجتمع الدّولي"، لافتًا إلى أنّ "الدّولة اللّبنانيّة لا تقدّم ذرائع لإسرائيل لكي تستمر في احتلالها للنّقاط الخمس، فالحكومة تقوم بكل ما يلزم لإنهاء الاحتلال والعدوان الإسرائيلي، ولا يحق لإسرائيل أن تستمر بما ما تقوم به لأي سبب كان".
وذكّر رجّي بأنّ "اتفاق وقف إطلاق النّار تحقّق بفضل الضّغط الدّولي على إسرائيل، والإتفاق يفرض في المقابل على لبنان، تحديدًا أن يكون السّلاح حصريًّا في يد الدّولة اللّبنانيّة، وحدّد في نصّه المجموعات الّتي يمكنها أن تحمل السّلاح، وهي الجيش اللّبناني وقوى الأمن الدّاخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك وعناصر الشّرطة التّابعة للبلديّات".
أمّا عن مطالبته داخل الحكومة وعدد من الوزراء بتحديد جدول زمني لنزع كلّ سلاح غير شرعي، فرفض إعطاء أي تفاصيل عن المداولات الّتي تحصل داخل مجلس الوزراء، مؤكّدًا أنّ "رئيس الحكومة نواف سلام هو المخوّل الوحيد التّحدّث عن مداولات مجلس الوزراء، ومن يتحدّث باسم لبنان هما رئيس الجمهوريّة جوزاف عون ورئيس الحكومة".
وحول الرّضوخ لشروط إسرائيل والولايات المتّحدة الأميركيّة في حال المطالبة بنزع سلاح "حزب الله"، أشار إلى أنّ "بغضّ النّظر عن رأي المجتمع الدّولي، فإنّ أغلبيّة الشعب اللبناني تطمح أن تعيش في بلد طبيعي مثل كل بلدان العالم، حيث لا يوجد سلاح آخر غير سلاح الدّولة".
وأضاف وزير الخارجيّة: "الشّعب اللّبناني تعِب ولديه أزمة اقتصاديّة خانقة، ويريد أن يعيش في بلد طبيعي بأمان. أغلبيّة الشّعب اللّبناني تريد دولة قانون ودولة لديها حصريّة السّلاح، وهذا واجب على الدّولة لتتمكن من تأمين الأمن والمساواة لجميع اللّبنانيّين".
وشدّد على أنّ "الحكومة اللّبنانيّة تعمل على إعادة الإعمار والنّهوض الاقتصادي، لكن المجتمع الدّولي المموّل الوحيد يفرض شروطًا قبل تقديم المساعدات، وبالتّالي علينا نحن الاختيار بين "أكل العنب أو قتل الناطور".
وتابع: "من لديه حل آخر فليتفضّل. جرّبوا السّلاح والحرب، ورأينا أين وصلنا والكارثة الّتي حلّت بنا. فليقل لنا هذا الفريق الّذي لا يريد قيام دولة فعليّة ودولة طبيعيّة، ما هو الحل لديه لإخراج القوّات الإسرائيليّة ووقف العدوان وإزالة الاحتلال؟".
إلى ذلك، أكّد رجّي أنّ "التّطبيع مع إسرائيل غير وارد لدى الحكومة اللّبنانيّة، كما فكرة المفاوضات المباشرة"، موضحًا أنّ "الطّرح الأميركي ينصّ على تشكيل ثلاث لجان متخصّصة، أولى للبحث في النّقاط الحدوديّة العالقة، ثانية لتأمين الانسحاب الإسرائيلي من كل المواقع الّتي احتلّها، ولجنة ثالثة للبحث في ملف المعتقلين اللّبنانيّين في إسرائيل".
وكشف أنّ "هذا الطّرح يمكن أن يتم على مستوى تقني وعسكري، كما حصل في ملف ترسيم الحدود البحرية"، جازمًا أنّ "المباحثات السّياسيّة المباشرة غير واردة إطلاقًا"، ونافيًا "أي ضغط أميركي أو دولي في هذا الاتجاه".
وعن التّطوّرات العسكريّة الحاصلة على الحدود الشّرقيّة، أفاد بأنّ "التّواصل بين لبنان وسوريا قائم لمعالجتها"، تاركًا للمسؤولين العسكريّين "الحديث عن تفاصيل الاتصالات والإجراءات الّتي اتُخذت".
وركّز على أنّ "الجيش اللّبناني يتصدّى لأي محاولات خرق للسّيادة اللّبنانيّة، لكن المشكلة الأساسيّة هي غياب ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا في السّنوات الماضية، الّتي كانت سوريا ترفض خلالها الاعتراف باستقلاليّة لبنان. لكن النّظام الجديد اعترف علنًا وخلال المحادثات الجانبيّة مع وزير الخارجيّة السّوريّة، باستقلال لبنان واحترام سيادته وعدم التّدخل بشؤونه الدّاخليّة، ونحن متفائلون في هذا الخصوص؛ ونتطلّع إلى خطوات عمليّة على الأرض تثبت ذلك".
وختم: "ملف ترسيم الحدود البريّة الشّماليّة والشّرقيّة والبحريّة، هو أحد الملفّات الشّائكة الّتي سيعمل لبنان على معالجتها مع الحكومة السّوريّة الجديدة، وهو المقدّمة لمعالجة كل المشاكل الحدوديّة بين البلدين".