على وقع إقرار مجلس الوزراء آلية التعيينات الإدارية، علمت صحيفة "الجمهوريّة" أنّ "رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، تطرّقوا خلال اجتماعهم قبيل الإفطار الرمضاني الرئاسي الجامع في القصر الجمهوري أمس، إلى ملف حاكمية مصرف لبنان، ولكنهم تركوه لمزيد من التشاور والدرس في الأيام المقبلة".
التعيينات وآليتها
وأوضح مصدر وزاري بارز لـ"الجمهورية"، أنّ "الوقت الطويل الذي استغرقه النقاش حول الآلية سببه الوقوف عند تفاصيل دقيقة جداً في نص الآلية، حتى انّه وفي الجلسة الثانية أمس المقرّرة للقراءة النهائية، هناك من حاول إعادة النقاش إلى نقطة الصفر بعد الموافقة التي أُعطيت في جلسة الاثنين".
ولفت إلى أنّ "النقاش لم يأخذ نفساً سياسياً، بل كان هناك حرص على ضمان الشفافية والكفاية، خصوصاً انّ الشواغر في الفئة الأولى ملحّة جداً ومعظم المرشحين سيُعيّنون من داخل الملاك، وهنا يستوجب التدقيق جيداً في ملفاتهم خصوصاً لجهة خلوها من شبهات فساد وارتكابات. كما انّ الثلث فقط يستطيع ان يعيّنه مجلس الوزراء من خارج الملاك، ويجب ان يكون الأشخاص المرشحون ما دون سن الـ39 عاماً، وهناك وظائف ستتمّ عبر الترفيع من الفئة الثانية إلى الأولى، وكل وزير في وزارته سيكون العين الساهرة على اختيار الأسماء".
وركّز المصدر على أنّ "هذا يعني انّ العملية لن تكون سهلة، واختيار الأسماء لن يمّر كما في السابق "تمرير وسلق تحت الضغط"، ويحتاج الإسم إلى موافقة 16 إسماً داخل مجلس الوزراء (الثلثان) للفئة الأولى"، مؤكّدًا انّ "الحكومة خطت خطوتها الأولى نحو إبداء صورة جيدة إلى الخارج، وتعتمد التعيينات على الكفاية والخبرة والاختصاص والتنوع عبر سلّة تخضع للتصويت، على ان تكون المرجعية في التعيين لمجلس الوزراء بعد اختيار الاسم الأكفأ".
وأشار إلى أنّ "الوزير أُعطي صلاحية لاختيار السلّة، وبالتالي لن تسقط عليه أسماء لا ينسجم معها في العمل، طبعاً ضمن الشروط المطلوبة"، مبيّنًا أنّ "رئيس الحكومة وضع مهلة زمنية مبدئية لا تتعدّى الشهرين لمباشرة التعيينات، بعد فتح باب الترشيح وإخضاع الأسماء للآلية قبل رفعها إلى مجلس الوزراء، إلّا إذا كانت هناك ضرورة ملحّة لتعيين مناصب معينة لها علاقة بالإصلاحات المطلوبة او خطة إعادة الإعمار".
كما كشف عن أنّ "التوافق على حاكم مصرف لبنان الذي لا يخضع تعيينه للآلية لم ينضج بعد، لكن المرجح ان يُحسم خلال الساعات المقبلة قبل جلسة مجلس الوزراء المقبلة".
امتلاك القدرة
في السياق نفسه، اعتبرت أوساط سياسية لـ"الجمهورية"، أنّ "آلية التعيينات الإدارية التي تمّ التوافق عليها، تشكّل نظرياً نقلة نوعية وتطوراً إصلاحياً في نمط اختيار موظفي القطاع العام. والمهمّ ليس وضع الآلية وحسب، وإنما امتلاك القدرة الفعلية على تنفيذها"، مركّزةً على أنّ "المحك الذي يواجه الحكومة بعد الآن، هو ترجمة الحبر على الورق إلى فعل حقيقي يستنهض الإدارة المهترئة، ويضخ في عروقها دينامية جديدة".
وتساءلت "عمّا إذا كانت القوى السياسية ستسهّل على أرض الواقع تطبيق هذه الآلية، التي من شأنها تقليص نفوذ تلك القوى داخل الإدارة، وسحب بساط المحسوبيات من تحت أقدامها، بعدما كان عُرف التوظيف السياسي والمحاصصة الطائفية هما الغالبان على حساب معياري الجدارة والنزاهة".
وشدّدت الأوساط على أنّ "هناك تبايناً بين رئيسي الجمهورية والحكومة حول الإسم الأنسب لتولّي حاكمية مصرف لبنان. فالرئيس عون مقتنع بأحد الأسماء أنّه الأفضل لتحمّل هذه المسؤولية، وهو يفترض انّ خصوصية موقع الحاكمية تمنحه الأحقية في الاختيار بالتفاهم مع رئيس الحكومة".
وعلمت "الجمهورية" انّ "النقاش في هذا الصدد ما زال يدور بين ثلاثة أسماء لا رابع لها لحاكمية مصرف لبنان، وهي: جهاد ازعور، كريم سعيد وسمير عساف، ولم يتمّ الاتفاق على أي منهم بعد. ولذلك تمّ ترحيل هذا الملف إلى الاسبوع المقبل، عسى أن "يأتي الترياق من العراق" حسبما يُقال".
حاكميّة "المركزي" رُحِّلت لما بعد زيارة لودريان... 3 أسماء بالصدارة
من جهتها، ذكرت صحيفة "الديار" أنّه "فيما تتباهى الحكومة بانجاز ملف التعيينات او الغالبية منها، ولو دون المرور بالآلية بتغليب التوافق عليها، علما انها اقرت بجلسة الامس، لا يزال التعيين الابرز الذي تتوجه انظار الخارج قبل الداخل، عالقا بين حسابات الولايات المتحدة من جهة، والجهات الداخلية من جهة اخرى: انها حاكمية "المركزي".
وأشارت إلى أنّ "العين الاميركية تحولت الى مصرف لبنان ومن سيخلف حاكم المصرف بالإنابة وسيم منصوري، لا سيما انه بحسب نظرة الادارة الاميركية على اختلاف العهود السابقة، ان منصب حاكم المركزي يوازي الرئاسة من حيث الاهمّية، وأحياناً يتفوق عليها من حيث التأثير بكثير. وعليه كثرت زيارات الموفدين باتجاه بيروت، حاملة الرسائل المطلوبة وحتى بعض الاسماء، او اقله الايحاءات تماما كما تكشف مصادر مطلعة".
وكشفت مصادر للصحيفة عن أن "حتى الساعة، لا اتفاق حُسم بعد بين اعضاء "اللجنة الخماسية"، وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والسعودية حول الاسم المطلوب لتولي الحاكمية، فلكل دولة اعتباراتها وحتى مرشحها، علما ان الاولوية في هذا السياق تبقى للاميركيين الذين لهم كلمة الفصل بهذا الملف".
وشرحت أن "باريس عادت ودخلت على الخط في هذه النقطة، عبر مرشحها سمير عساف، الذي يسرب انه غير مهتم بما يطرح شاكرًا من يزكيه، علما ان كل المعلومات تتقاطع عند العلاقة الجيدة التي تربط عساف بدائرة القرار الاميركية الجديدة".
وفي الإطار نفسه، أكدت معلومات "الديار" ان "زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الذي سيصل الى بيروت في 25 الحالي، على ان يغادر في 27 قبيل يوم من توجه رئيس الجمهورية جوزيف عون الى باريس للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، تصب باتجاه التسويق لسمير عساف كحل وسط بين جهاد ازعور وكريم سعيد".
ولفتت الصّحيفة إلى أنّ "في بورصة الاسماء والمرشحين الاقوياء، الى جانب المرشح الفرنسي سمير عساف، يبرز بقوة اسم الوزير الأسبق جهاد ازعور الذي كان مطروحا لرئاسة الجمهورية، والذي يشهد له الجميع بعلاقاته القوية وسيرته المهنية النظيفة، ذات الخبرة الطوية بمجال النقد الدولي، وصاحب السمعة الطيبة بالاروقة الاميركية والسعودية".
وعلقت اوساط مطلعة عبر "الديار"، على "ما يكتب وينشر ضد ازعور، في كل مرة يطرح اسمه لاستحقاق هام، للتصويب عليه إما على اخيه المهندس انطوان ازعور او رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة"، بالقول: "نستغرب هذه الحملة، فأنطوان ازعور اصلا خرج من السوق اللبناني منذ ما يقارب الـ10 سنوات، وكل اعماله تتمحور خارج لبنان".
وأوضحت أنّها "ليست المرة الاولى التي يطرح اسم جهاد ازعور، فهو سبق وفوتح اكثر من مرة بموضوع حاكم مصرف لبنان وكان يرفض هذا الامر، واليوم تمت مفاتحته بالموضوع نفسه حتى من بعض الخارج وكان جوابه واضحا انه "غير معني بما يطرح وغير متحمس بالظروف الراهنة التي تمر بها البلاد".
القضاء اللبناني يختم التحقيق في ملفّ رياض سلامة
على صعيد آخر، لفتت صحيفة "الشّرق الأوسط" إلى أنّه "لم تبقَ إلا أيام قليلة تفصل اللبنانيين عن الموعد الذي يصدر فيه قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، قراره الظنّي في ملفّ حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة الموقوف منذ 3 أيلول الماضي، الذي يلاحق فيه مع شخصين آخرين هما المحاميان ميشال تويني ومروان عيسى الخوري، بتهمة اختلاس أموال عامة".
وأفاد مصدر قضائي مطلع للصحيفة، بأن "القاضي حلاوي ختم التحقيق في ملفّ سلامة ورفيقَيه، وأحاله إلى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، لإبداء مطالعته بالأساس كمقدّمة لصدور القرار الظنّي"، مبيّنًا أنّ "النيابة العامة المالية تتجه إلى تبنّي ادعائها ضدّ الحاكم السابق ورفيقَيه، لكن ذلك لا يلزم قاضي التحقيق الذي قد يتبنّى ما ورد في المطالعة، أو يخالفه كلياً أو جزئياً".
وأشارت "الشّرق الأوسط" إلى أنّ "ختم التحقيق عكس ارتياحاً لدى النيابة العامة، التي تستعجل إحالة القضية إلى المحكمة والشروع بالمحاكمة، بما يرفع عن كاهلها مسؤولية المضي بتوقيف سلامة الذي يرفض قاضي التحقيق حتى الآن إخلاء سبيله، كما لاقى ترحيباً من وكلاء الدفاع عن الأخير الذين يجدون في ذلك فرصة لتضع المحكمة يدها على الملفّ، وتبتّ بإخلاء سبيل سلامة الذي أمضى نحو سبعة أشهر في التوقيف الاحتياطي".