رأت صحيفة "عكاظ" السعودية أنه "لم يكن مفاجئاً التمرُّد الذي حصل مؤخراً في سوريا من فلول النظام المخلوع، ومنهم ملاحقون أمنياً لجرائمهم بحق الشعب في ظل النظام المخلوع، لكن حتى لا يتوسع التمرد بحكم العصبية والحمية الطائفية يجب أن تكون هناك جهود وساطة عربية تحيد تأثير العصبية والحمية الطائفية، وتعمل على التوفيق بين الطوائف وبين نظام الحكم الجديد، لكي تستقر سوريا ويتم عزل العناصر المثيرة للشغب والفتنة عن الحاضنة الشعبية، وبالتالي منع وقوع ضحايا مدنيين ضمن عمليات إخماد التمرد، لأنه إن لم تتدخل أطراف عربية لاحتضان الطوائف في سوريا والعمل على التوفيق بينها وبين نظام الحكم الجديد ستستغل أطراف إقليمية هذا الصراع لكسب ولاء هذه الطوائف، وهذا سيكون عامل عدم استقرار ويشجع على الإرهاب الطائفي وتوسع التمرد".

واعتبرت الصحيفة، أن "الوضع في سوريا يحتاج لاتفاق طائف جديد كالذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، وأقر الوفاق بين مختلف الطوائف والذي تم بوساطة سعودية، والسعودية بادرت منذ الأيام الأولى للحكم الجديد إلى مدِّ جسر من المساعدات الإنسانية والخدماتية، ودعمت نظام الحكم الجديد دبلوماسياً وفي المحافل الدولية، ولذا هي مؤهلة أكثر من غيرها للعب دور الوساطة بين الطوائف الخاضعة لتجاذبات فلول النظام والقوى الإقليمية وبين نظام الحكم الجديد حتى لا يخرج الوضع في سوريا مجدداً من الحاضنة العربية إلى تلاعبات القوى الإقليمية التي لا تريد الاستقرار لسوريا ولجميع الدول العربية وتنفخ في نار أي فتنة داخلية وتدعم أطرافها لزعزعة استقرار الدول العربية".

وأشارت إلى أنه "يمكن للجهات الوسيطة فتح قناة تفاوض مع فلول النظام المخلوع لإنهاء تمردهم سلمياً ولو مقابل صفقات؛ لأن العمل على إنهاء تمردهم عسكرياً أوقع ضحايا مدنيين وحصلت فيه تجاوزات من عناصر فردية أساءت إلى سمعة الحكم الجديد وشابهت المشاهد التي كانت في عهد النظام المخلوع، وهذا أكبر خطر وضرر على نظام الحكم الجديد؛ لأنه يفقده المشروعية الأخلاقية على الساحة الدولية، خاصة أن هناك موقفاً دولياً وإعلامياً عالمياً لا يزال غير ودي تجاه نظام الحكم الجديد في سوريا؛ لأن نواته جماعة إسلامية كانت معاقبة دولياً، ويتصيد مثل تلك الأحداث الفردية ويضخمها ويصورها على أنها سياسة طائفية من النظام الجديد، ولا تغطي وسائل الإعلام أخبار القبض على العناصر التي ظهرت في مقاطع التجاوزات".

كما لفتت إلى أن "إسرائيل دخلت على الخط بإعلانها تبني قضية الدروز في سوريا ووصلت لدرجة تهديد النظام الجديد بصددهم، وأعلنت إرسال مساعدات لهم، مع العلم أنه مؤخراً قام وفد من مشايخ دروز سوريا بزيارة علنية الى إسرائيل، وهنا يكمن خطر استغلال الأطراف الإقليمية للطوائف في سوريا، وقد بدأت بوادره في هذا التدخل الإسرائيلي السافر الذي يضاف إلى سجل إسرائيل في قصف مستمر لمنشآت سوريا وانتشار قواتها البرية على الأراضي السورية مما يمس بأمن واستقرار وسيادة سوريا ويشكل استفزازاً مستمراً لنظام الحكم الجديد، ولذا الوساطة العربية ستكون الحاضنة البديلة عن إسرائيل وروسيا وغيرهما، وستشكل خطاباً إعلامياً يحضّ على التوافق بدل الخطاب السائد حالياً في مواقع التواصل في سوريا الذي يحض على الفتنة ويهيج الحمية والعصبية الطائفية مستغلاً أعمال تمرد فلول النظام المخلوع والتجاوزات الفردية التي حصلت ضمن عمليات إخماد التمرد".

واعتبرت أن "الجهد الدبلوماسي العربي سيشكل خطاب توافق بديلاً عن خطاب الفتنة الطائفية كما فعل اتفاق الطائف الذي أنهى خطاب التهييج الطائفي وقلبه إلى خطاب التوافق الوطني، فالوضع في سوريا مرشح للمزيد من التأزم وعدم الاستقرار إذا لم تتدخل وساطة عربية. ومثل هذه الأحداث تمنع عودة اللاجئين لأنها توحي بعدم الأمان والاستقرار والفوضى الأمنية".