يُطلب من لبنان والمسؤولين فيه الكثير من الأمور المتعلقة بالأمن والسياسة والعلاقات مع المحيط، ولكن بعيداً عن ضجة السياسة والمشاريع التي تُحاك لهذه المنطقة، طُلب من لبنان بداية العهد الحالي "تفعيل المحاسبة"، فما يُريده المجتمع الدولي من أجل عودة ثقته بلبنان هو رؤية "بعض الرؤوس" في السجن، وهو ما بدأت السلطات بفعله.
في وقت سابق، قبل انطلاق العهد وقبل الحرب الإسرائيلية على لبنان، وإبان الأزمة الإقتصادية التي عصفت بلبنان، أبلغ جهاز أمني لبناني من يعنيهم الأمر بوجود لائحة تطول من أسماء القضاة الذين تدور حولهم شبهات فساد، ولكن أحدا لم يتحرك، بل على العكس حصلت تسويات مع قضاة اتهموا بالفساد فاستقالوا وحصلوا على كامل حقوقهم، فكان الغطاء السياسي لهم أهم بكثير من العدالة والمحاسبة، واليوم هناك من يُريد ان يقول هناك أمر ما تبدّل.
بدأت القصة مع القاضي المتقاعد ع. ز الذي أصدر بحقه قاضي التّحقيق لدى الرّئاسة الأولى لمحكمة التّمييز القاضي بيار فرنسيس مذكّرة توقيف وجاهيّة، وبحسب مصادر متابعة فإن المحاسبة لن تقف عند هذا القاضي فهناك عدة أسماء ستكون ملاحقة خلال المرحلة المقبلة بتهم فساد وتلقي رشاوى، علماً أن تُهم الفساد في لبنان وتحديداً لمن هم في وظائف رسمية لا تحتاج لكثير من الادلة، إذ يكفي مقارنة الرواتب مع "اللايف ستايل" لهذا الموظف أو ذاك، إجراء المقارنة، وعندها سيجد الباحث آلاف من الفاسدين الكبار.
تُشير المصادر عبر "النشرة" إلى أن مطلب رؤية مسؤولين بالسجن سيتحقق قريباً، سواء في القضاء أو الإدارة العامة، وحتى الوزارة، إذ من غير المستبعد محاكمة وزراء سابقين وسجنهم بحال إدانتهم، وهذا ما سيحصل بحال إدانة وزير الإقتصاد السابق أمين سلام الذي أصدر المدعي العام التمييزي، القاضي جمال الحجار قرارًا الخميس بمنعه من السفر، بعد إخبار مُقدم من لجنة الإقتصاد الوطني النيابية، من خلال رئيسها النائب فريد البستاني.
وتكشف المصادر أن هذا الملف الذي بدأ من خلال قرارات منع السفر سيُستكمل بمثول المدعى عليهم في القضية أمام القاضي خلال أيام، وبناء على نتائج التحقيق سيتم اتخاذ القرار إما بتركهم أو بطلب الإدعاء عليهم وتوقيفهم.
من الجيد أن نرى المحاسبة تأخذ مجراها في لبنان، ولو كان المطلب خارجي بالدرجة الأولى، ولكن من الجيد أكثر لو تكون المحاسبة شاملة عامة والأهم أن تكون عادلة، بمعنى محاسبة الجميع من أعلى الهرم إلى أسفله وعدم الإكتفاء بمن تقاعدوا أو استقالوا أو من لا ظهر لهم في السياسة، وتعتبر المصادر أن المسار الحالي لن يكون كما يتمنى اللبنانيون، لأن المحاسبة لن تطال الجميع.
كذلك تتوقف المصادر عند ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، مشيرة إلى أن القاضي طارق البيطار بعد عودته إلى التحقيق لا ينوي القيام بأي مفاجأة قبل الوصول إلى نهاية عمله واقتراب إصدار القرار الظني، لأنه يخشى أن يتوقف عمله مجدداً، مشيرة إلى أن القرار الظني يُفترض أن يصدر خلال شهر ونصف الشهر، وأيضاً سيكون هذا القرار محط أنظار كل اللبنانيين الذين ينتظرون نتيجة واقعية وسليمة لما حصل لا تطويع الملف بيد البعض للإنتقام أو الاستثمار السياسي.