في الانتخابات البلدية والاختيارية الماضية، في العام 2016، سعت العديد من الوجوه المحسوبة على المجتمع المدني إلى الدخول على خط المنافسة في بعض المدن، لا سيما تلك التي يتراجع فيها الدور العائلي الذي يطغى في القرى والبلدات، من منطلق السعي إلى إثبات حضورها، لكنها لم تستطع أن تحقق النجاح الكبير الذي كانت تطمح إليه.
اليوم، تتحضر التيارات المحسوبة على المجتمع المدني إلى خوض المنافسة على نحو أوسع، خصوصاً أنها الأولى بعد الإنتفاضة الشعبية في العام 2019، بالإضافة إلى وجود نواب محسوبين عليها، مستفيدة من عدة عوامل ترى أنها تصب في صالحها، أبرزها الأزمات التي تمر بها الأحزاب التقليدية، بالإضافة إلى أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام يعتبران من خارج تلك الأحزاب.
في هذا السياق، تلفت مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن تلك التيارات تنشط في العديد من المدن، في محاولة لتشكيل لوائح قادرة على خرق تلك التي ستكون مدعومة من الأحزاب، لا بل حتى الفوز عليها في حال توفرت الظروف المناسبة، خصوصاً أن تلك الأحزاب تعيش حالة من الإرباك في التعامل مع هذا الإستحقاق، يدفعها إلى تفضيل تأجيله، أو البحث عن خوضه بأساليب مختلفة.
في هذا الإطار، تستطيع تلك الأحزاب الإختباء وراء عباءة العائلات، في القرى والبلدات الصغيرة، لنسج تحالفات قد لا تكون مفهومة من الناحية السياسية، وبالتالي هي تفضل خيار التوافقات التي تجنبها الدخول في معارك قاسية، لكنها في المدن لن تكون قادرة على ذلك، نظراً إلى أنها، في حال نجاحها في إنجاز تفاهمات فيما بينها، ستكون مضطرة إلى التنافس مع تيارات المجتمع المدني، التي تريد أن تكرس حضورها في هذا الإستحقاق، كنوع من "البروفا" التي تسبق الإنتخابات النيابية في العام المقبل.
من حيث المبدأ، تستطيع تلك التيارات أن تخاطب الناخبين بشكل أفضل في الإستحقاق البلدي، لا سيما أنه في المدن يأخذ الطابع الإنمائي بالدرجة الأولى، على عكس ما هو الحال في القرى والبلدات، في حين أن الأحزاب كانت، في السنوات الماضية، قد سجلت فشلاً على هذا الصعيد، لا بل هي، خصوصاً في الأماكن التي نسجت فيها تحالفات، تسببت في تعطيل عمل المجالس البلدية، بسبب الخلافات التي كانت تنتقل إلى طاولة المجالس البلدية.
على هذا الصعيد، ترى مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن التحدي الأبرز أمام هذه التيارات، كما كان عليه الأمر في الإنتخابات النيابية، هو النجاح في تشكيل لوائح موحدة، على إعتبار أن فرص نجاحها في هذه الحالة أكبر من الإنقسام على أكثر من لائحة، بالإضافة إلى الإعتماد على شخصيات تكون قادرة على جذب الناخبين، خصوصاً أنها في المدن، بحسب الأجواء الحالية، قد تواجه تحالفات حزبية كبرى، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
في المحصلة، ترصد هذه المصادر حراكاً للعديد من النواب المحسوبين على المجتمع المدني، في بيروت وبعض البلدات الكبرى في محافظة جبل لبنان تحديداً، حيث هناك من يؤكد ضرورة تحقيق إنتصار، في هذا الإستحقاق، مهما كان الثمن، على قاعدة أن ذلك سيكون له تداعياته على الإنتخابات النيابية، لكنها تلفت إلى أن الحذر يكمن في مدينة بيروت حيث القلق من أن تقود المنافسة الحادة، في حال حصولها، إلى إسقاط مبدأ المناصفة، بسبب التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك.