أكّد وزير العدل عادل نصار، "أننا نعمل راهنا على ترسيخ جو عام تنبع منه الثقة لدى المجتمع، بأن الامور تسير نحو التطور، وهذا ما يجب ان نلمسه يوميا، اذ من دونه لا نستطيع أن نخلق ثقافة جديدة في لبنان".
كلام وزير العدل جاء خلال رعايته إطلاق نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان، برعاية وزير العدل عادل نصار وحضوره، "شاهدة التدقيق الجنائي"، في احتفال اقيم في مقر النقابة، شهد توقيع بروتوكول التعاون بين النقابة وديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام ليعزز هذا الدور الريادي في مكافحة الفساد وترسيخ معايير النزاهة في القطاعين العام والخاص.
ولفت نصار إلى "أننا ننا جميعا في ورشة، وهذا البروتوكول يظهر أن هناك تعاونا جديا من قبل مؤسسات الدولة مع مدققي المحاسبة، مما يعني وجود رغبة وجهود مبذولة من اجل ترسيخ الشفافية في لبنان".
واذ شدد على أن "موضوع الثقة اساسي"، رأى نصار أن "المشكلة في البلد تتمثل بفقدان الثقة"، وقال: "بالتالي، علينا مهام اساسية لا تتوقف على الاعمال التي نقوم بها، بل ايضا علينا ان نجعل المجتمع يدرك ان هناك ثقافة جديدة في البلد يمكن بالاستناد اليها ان يثق بالقدرات المحلية".
وأضاف: "إذا كان هناك بعض الحالات السيئة، فهذا لا يعني ان نفقد الثقة بمؤسساتنا في القطاع العام أو الخاص".
وشدد على أن "القضاء اللبناني عانى الكثير، خصوصا انه تحمل كل وزر المشاكل في لبنان"، لافتا إلى أن "القضاء يواجه ويعمل في ظروف صعبة جدا"، متمنيا "أن يحصل على الدعم ويجد كل القدرات اللازمة التي تساعده في متابعة الملفات الشائكة"، وقال: "القاضي لا يواجه فقط صعوبات ناتجة من تدخلات سياسية، بل هو ايضا يواجه كل الضغوط الآتية من الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح عمل القاضي صعبا جدا لان ظروف العمل تزداد صعوبة، حيث الاستقلالية والحيادية تتطلبان جهودا اكبر واكبر لان المجتمع بدوره يتغير".
وأضاف: "لبنان اليوم امام تحديات عدة منها الصدقية التي بدورها تشكل تحديا للقضاء كي يستعيد هيبته"، ونتمنى خلال فترة سريعة ان نقول اننا نحب قضاءنا، كما نقول اننا نحب جيشنا".
وتابع نصار: "إن العمل سيكون دؤوبا فمواجهة الشوائب بدأت، ولكن لا يجوز أن نفقد الاساس، والاساس هو أن لدينا قضاء فاعلا يصدر احكامه، وفي معظمها يمكن أن نفتخر بها ونترجمها ونظهرها أمام كل دول العالم. في المقابل، هذا لا ينفي أن الورشة الاصلاحية ضرورية، لكنها لا تعني أن ما كان موجودا هو عاطل. علينا استعادة الثقة بقدرتنا، ونعترف للقضاة بالجهود التي يقومون بها".
وقال: "أصبح التدقيق الجنائي في لبنان ضرورة. وفي الوقت عينه، لا نتوقع النتائج بين ليلة وضحاها، لأن الثقة تبنى يوما بعد الآخر"، موضحًا أنّه "علينا ان نصالح المجتمع اللبناني مع أجهزة الدولة، والمدخل يكون من خلال التدقيق الجنائي المحلي، فالخبرات موجودة لكن الثقة مفقودة".
ورأى أن "الخطوة الاولى تكون ببناء الثقة بين المجتمع والقضاء، وهذا ما سيمنح الصدقية، لكل العاملين في قطاع العدالة في لبنان".
وكان نقيب خبراء المحاسبة المجازين في لبنان إيلي عبود قد قال في كلمة: "إننا اليوم في صدد استعادة موقعنا لنصبح الصرح النقابي المهني الوطني الأول في لبنان، إن هذا الصرح هو نقابتكم، نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان التي بدأت بتقديم تدريب مهني مستمر يواكب متطلبات العصر وممارسة المهنة لأعضائها وبما له أيضا من أهمية على الصعيد الوطني".
وأكد عبود أن "محاربة الفساد وكشف الفاسدين الذين اختلسوا المال العام من خلال استغلالهم لنفوذهم وسلطتهم لا يتحقق بالشعارات الموسمية وبتصريح من نائب من هنا أو نائب من هناك أو من رئيس لجنة برلمانية يبادر بمساءلة وزير من هنا أو من هناك، وهذا حقه وواجبه، لكنه يتم بشكل انتقائي"، وقال: "رغم مشروعية هذه المساءلة، تبقى هناك علامات استفهام حول خلفياتها وأسبابها والمستفدين من ورائها".
وختم: "بناء على نتائج هذا التدقيق، تتم محاسبة ومساءلة جميع المرتكبين ومختلسي المال العام. وفي هذا السياق، ستكون النقابة الضامن الأول لمسيرة هذا العهد، مسيرة الإصلاح المالي في لبنان، ولن تثنينا بعض الطفيليات والأقلام المغمورة والمأجورة من هنا ومن هناك عن القيام بدورنا الوطني من خلال إنفاذ مهام التدقيق الجنائي الموكلة، والتي ستوكل إلى أعضاء النقابة".
ثم تحدث رئيس هيئة محققي الاحتيال المعتمدين في مصر والاردن حسام الشافعي عن "أهمية التدقيق الجنائي وقوته وهدفه"، وقال: "في ظل التطور السريع للمشهد المالي اليوم، ازدادت عمليات الاحتيال والفساد وسوء السلوك المالي تعقيدا، وبالتالي التدقيق التقليدي، رغم أهميته، لم يعد كافيا. ولذا، يجب أن يتجاوز التدقيق الجنائي مجرد الأرقام".
وألقى رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية كلمة قال فيها: "إن رؤية دولة الحق والقانون لا تكتمل ولا يمكن التماسها ما لم يوضع المفسد والفاسد في المكان المناسب. غاب عن إداراتنا ومؤسساتنا مبدأ كرسه قانون الشراء العام هو مبدأ التخطيط، فأوجب في المادة 11 منه على الجهات المشمولة بأحكامه وضع خطط سنوية للشراء العام. كما كرس النزاهة في النص، فعرف في المادة الثانية منه الفقرتان 29 و30 تضارب المصالح والتواطؤ. وربطا بهذا التعريف، أورد في المادة 110 منه قواعد ملزمة للنزاهة معرفا الممارسات الاحتيالية والممارسات القهرية والممارسات الفاسدة في مجال الشراء العام".
ثم القىرئيس ديوان المحاسبة القاضي الدكتور محمد بدران كلمة نوه فيها بـ"إطلاق شهادة التدقيق الجنائي، التي تمثل علامة فارقة في مسيرة تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في لبنان"، وقال: "هذه المبادرة تأتي في وقت نواجه فيه تحديات جسيمة في مجال حماية المال العام، وتتطلب منا اتخاذ خطوات حاسمة لتعزيز الحوكمة المالية وترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة، وهي بذلك، خطوة متقدمة نحو تعزيز العمل الرقابي وتأهيل الكوادر القادرة على مواجهة التحديات المتزايدة في مكافحة الفساد والاحتيال المالي".