عادت قضية شطب الودائع إلى الواجهة من جديد، وهو الاجراء الذي لا تجد الدولة اللبنانية حلاً آخرَ سوى تطبيقه الا أنه يصعب عليها القيام بذلك لعدّة أسباب، أبرزها أن أي قرار من هذا النوع قد يؤلّب الرأي العام عليها. ومع أنّ ما صدر على لسان حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، منذ عدّة أيام، حين أشار إلى أن صندوق النقد الدولي يقف ضد شطب الودائع، يجدر التوقّف عنده مع العلم أن هذا البند كان أساسياً لديهم، وهم من كانوا يعتقدون أنه يجب شطبها.
إذا أردنا أن نتحدث عن قصّة شطب الودائع، علينا بداية أن نتطرق إلى موضوع صندوق النقد الدولي الذي تدور حوله كلّ الأحاديث. إذ تشرح مصادر متابعة أن " الدين العام إرتفع إلى 20 مليار دولار وبلغت الفوائد عليه 110 مليار دولار، ممّا يعني أنه أكثر بخمس مرّات من الناتج المحلّي، وبهذه النسبة من الدين كلّ المؤسسات الدولية في العالم لن تديّن لبنان، وحتى تعود هذه المؤسسات للقيام بذلك يجب أن ينخفض الدين العام على الناتج المحلي من 500% إلى 100%".
وتلفت المصادر إلى أن الدين العام أُخذ من 33 مليار دولار، التي هي سندات اليوروبوند، أما البقية فهي سندات خزينة لمصرف لبنان علاقة بها، واذا تم شطب الدين العام فعليهم فعل ذلك مع اليوروبوند أو الدين من الداخل، وتضيف المصادر: "17 مليار من أصل 33 مليار من حاملي اليوروبوندز هم من المؤسسات العالميّة، وبالتالي إذا شطبت ديونهم سيرفعون دعاوى على الدولة اللبنانية الّتي اتّجهت للحديث عن شطب الدين الداخلي، أي كلّ ما هو مستحقات لمصرف لبنان ومستحقات المصارف على الدولة، والهدف منه هو الوصول إلى 100% للدين العام، بينما هو الآن 500%، وهذا يعني أن أموال المودعين بخطر".
في هذا الاطار، يشرح الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، عبر "النشرة"، أن "هناك حلولا لموضوع الودائع، إذ لا يُمكن اعادة أموال المودعين دفعة واحدة اواستردادهم نقدًا فوراً، بل يجب أن يتم العمل عبر القطاع المصرفي الذي هو اليوم متوقف عن العمل"، ويضيف عجاقة: "الناس ستتهافت لسحب أموالها في حال كانت الفرصة سانحة، لأنها أولاً، خائفة، من هنا يجب أن يخاطب رئيس الحكومة نواف المودعين ويطمئنهم إلى أن أموالهم مضمونة ومحفوظة، كما يمكن أن يرد ثقتهم بالدولة من خلال إعادة تكوين الاموال والعمل عبر القضاء، لاعادة حقوق الناس، والأهم من هذا كله إيقاف اقتصاد الكاش، كما يجب اقرار قانون الكابيتال كونترول والسماح للمودعين بالتصرف بأموالهم والدفع بـCredit Card أو الشيك".
"بالنسبة لدين الدولة على الحكومة أن تتعاطى بطريقة عقلانية". هنا يشير عجاقة إلى أنه "إذا قام مجلس الوزراء بإصلاحات يمكنه الاستدانة مجدداً، خصوصاً وأننا مقبلون على فترة اقتصادية يفترض أن تكون واعدة، مع تحريك ملف النفط والغاز واعادة الاعمار وغيرهم...".
الواضح أن عملية شطب الودائع ليست أبدا بسهلة بالنسبة للمسؤولين، يصعب تنفيذها.