أعربت أوساط سياسية جنوبية لـ"النشرة"، عن مخاوفها الجدية من التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير ضد لبنان عقب إطلاق 5 صواريخ مجهولة المصدر من الجنوب باتجاه مستعمرة المطلة الحدودية، فاعترضت الدفاعات الجوية ثلاثة منها، وسقط اثنان في الأراضي اللبنانية.

ورأت أن هذا التصعيد العسكري اللافت وضع اتفاق وقف إطلاق النار، الذي جرى توقيعه في 27 تشرين الثاني 2024 وفقًا للقرار الدولي 1701، على حافة الانهيار، وطرح السؤال الأهم: إلى أين يتجه المشهد اللبناني؟ وهل يصل إلى حرب إقليمية؟ أم أنه يبقى تصعيدًا خطيرًا دون انهيار الاتفاق؟.

وتوضح الأوساط مخاوفها من هذا التصعيد بعدما شنت الطائرات الإسرائيلية أكثر من 50 غارة على الجنوب وصولًا إلى البقاع، ما أدى إلى سقوط 7 شهداء وأكثر من 40 جريحًا، إذ جاء:

-بعد أيام قليلة على استئناف إسرائيل عدوانها العسكري على غزة، وبغطاءٍ أميركي، وارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين، وإقفال المعابر، ووقف دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ما يهدد بمجاعة جديدة، وبعد فشل الخطة الأميركية–الإسرائيلية بتهجير السكان طوعا إلى مصر والأردن.

- بعد شهرين على تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة، وقد كرر أكثر من مرة أنه لا يرغب باندلاع أي حرب في المنطقة، فيما الوقائع على أرض الميدان تناقض ذلك، بدءًا من العدوان على اليمن، مرورًا بسوريا وغزة، وصولًا إلى لبنان، ناهيك عن التهديدات الأميركية لإيران، وإرسال حاملة طائرات جديدة إلى المنطقة.

-كما جاء استكمالًا للخروقات الإسرائيلية المتواصلة على لبنان، وأبرزها الإغارة على أهداف مختلفة، وتنفيذ عمليات اغتيال لقادة في "المقاومة"، وعدم الانسحاب من الجنوب بشكل كامل، والإبقاء على وجودها العسكري في خمس نقاط استراتيجية على امتداد الحدود الجنوبية، مما يتيح لها الإشراف على البلدات الحدودية.

ذريعة وضغط

وتقرأ الأوساط أن إطلاق الصواريخ اتخذته إسرائيل ذريعة لممارسة المزيد من الضغط على لبنان في ظل العهد والحكومة الجديدة لنزع سلاح "حزب الله"، بعد ربط المساعدات المالية والاقتصادية وإعادة إعمار القرى المدمرة بذلك.

كما تقرأه بأنه هروب لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الأمام للتخلص من مشاكله الداخلية وأزماته السياسية والعسكرية والقضائية، والضغوط الشعبية التي تُمارس عليه من أجل وقف الحرب وإنجاز صفقة تبادل الأسرى مع "حماس".

وإذ استبعدت الأوساط أن يشكل إطلاق الصواريخ نقطة تحول أو بداية لتغيير المشهد جنوب الليطاني، رجّحت أن تكون ردة فعل على شن العدوان على غزة أو على استمرار الخروقات ضد لبنان، وتاليًا العودة إلى سيناريو الحرب السابقة بين "حزب الله" وإسرائيل بصيغتها التقليدية، فيما يبذل الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل" جهودًا لتطبيق القرار 1701، ومنع تكرار مثل هذه الحالات لنزع أي ذرائع للاحتلال، رغم استمرار خروقاته.

وقبل الحرب الأخيرة على لبنان وإعلان "حزب الله" الجنوب جبهة إسناد لغزة ومقاومتها وشعبها، كانت تُطلَق من الجنوب بين الحين والآخر صواريخ مجهولة المصدر، ربطًا بتطورات عسكرية في الداخل الفلسطيني، وكانت تُتهم بعض القوى الفلسطينية بالوقوف وراءها دون أن يتبنى أي فصيل منها العمليات رسميًا، ودون أن تكون هناك أدلة قاطعة، وهو ما يزيد المشهد تعقيدًا بين هدف النصرة أو استدراج التوتير.

وفيما صعّدت إسرائيل من لهجة تهديداتها، ومنها تصريح وزير الدفاع يسرائيل كاتس بضرب بيروت مقابل المطلة، تحرّك لبنان على المستوى الدبلوماسي للجم التصعيد، حيث أجرى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي، بالتشاور والتنسيق مع رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء، اتصالات مع عدد من وزراء خارجية الدول العربية والأجنبية والمسؤولين، وطلب "الضغط على إسرائيل لوقف العدوان والتصعيد، واحتواء الوضع الخطير على الحدود الجنوبية".

وكان المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى قوات الطوارئ الدولية في لبنان، منير شحادة، قد كشف في تغريدة عبر حسابه على منصة "إكس"، عن "أكثر من 2500 خرق (إسرائيلي) للأجواء والأراضي اللبنانية، استهدفت الجنوب والبقاع بالقصف، كما أبقت قوات الاحتلال على احتلالها لسبع نقاط بعد انسحابها، رغم انقضاء مهلة الثمانين يومًا".

بينما أكد الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة، في تغريدة عبر منصة "إكس"، أن "إدارة الرئيس الأميركي ترمب ستكتشف أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو المتغطرس يورطها كما ورط إدارة جو بايدن، وأن محاولات تغيير الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط لن تمر دون حروب، لن يكون النصر فيها إلا لأصحاب الأرض".