في الأسابيع الماضية، كانت عكار على موعد مع إستقبال أعداد إضافية من النازحين السوريين، نتيجة التطورات التي شهدتها منطقة الساحل، الأمر الذي فاقم من الأزمة المستمرة منذ بداية الحرب في سوريا، في العام 2011، في حين لا تبدو البلديات، في ظل ظروفها الحالية، قادرة على التصدي لها.

حتى الآن، ليس هناك من أرقام دقيقة لأعداد هؤلاء النازحين، في حين تستمر عمليات النزوح بشكل يومي، خصوصاً أن بينهم من لا يبقى في المنطقة، يل يغادر إلى مناطق أخرى، أبرزها طرابلس والكورة، لكن ما ينبغي التوقف عنده هو أنه بات هناك نوعين من النزوح، الذي بدأ في العام 2011 وتحول إلى إقتصادي بالدرجة الأولى، أما الثاني هو الذي بدأ في الأسابيع الماضية لأسباب أمنية.

النزوح مستمر

في هذا السياق، يوضح رئيس بلدية المسعودية علي أحمد العلي، في حديث لـ"النشرة"، أن النازحين من مختلف الطوائف، بالرغم من أن الغالبية من الطائفة العلوية، حيث نزح علويون وسنة ومسيحيون، ويؤكد أن حركة النزوح مستمرة بشكل يومي، مشيراً إلى أن الأعداد أكبر بكثير مما يتم التداول به، حيث يعتبر أنها قد تكون وصلت إلى نحو 40 ألف، في حين أن ما يتم الحديث عنه هو بحدود 15 ألف، ويضيف: "في المسعودية كل منزل يضم عائلتين على الأقل".

من جانبه، يلفت رئيس بلدية تلعباس شرقي محسن محمد صالح، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن حركة النزوح أقل من السابق لكنها مستمرة، نظراً إلى أن الجيش اللبناني أخذ إحتياطاته من أجل إغلاق المعابر غير الشرعية. كما يؤكد رئيس بلدية تلبيرة عبد الحميد سقر، في حديث لـ"النشرة"، إستمرار حركة النزوح، موضحاً أن الرقم المتداول، أي 15 ألف نازح، هو في عكار، لكنه يشير إلى أن العديد من النازحين ينتقلون إلى مناطق أخرى، منها طرابلس والكورة.

أكبر من طاقة البلديات

هذه الأزمة، التي تأتي في ظل الوضع الصعب الذي تمر فيه المجالس البلدية، خصوصاً أن غالبية القرى والبلدات التي تستقبل النازحين تصنف نائية، تدفع إلى طرح الكثير من الأسئلة حول الجهات التي تتولى الإهتمام بهم. حيث يؤكد العلي أن هذا الملف يفوق طاقة البلديات، خصوصاً أن المساعدات لم تصل إلى المستوى المطلوب، مشيراً إلى أن الصليب الأحمر هو الجهة الأساسية، بالإضافة إلى جميعات من المجتمع المدني، التي تعمل على الأرض، بينما هناك مؤسسات أخرى لا تزال في مرحلة إجراء الدراسات.

بينما يلفت صالح إلى أن العديد من الجمعيات تعمل على تقديم المساعدات إلى النازحين، منها التضامن الدولي والأمم المتحدة وكاريتاس والصليب الأحمر ومؤسسة رينيه معوض، لكن حتى الآن لا يزال ينتظر موضوع الخدمات، مؤكداً أيضاً أن الموضوع أكبر من طاقة البلديات، لا سيما أن واقعها منذ العام 2019 سيء جداً، بينما تقيم العائلات النازحة في المنازل والقاعات العامة والجوامع.

بدوره، يوضح سقر أن مفوضية اللاجئين بدأت بتحريك العديد من الجمعيات المتعاونة معها، كما أن هناك جمعيات مدنية في عكار تتحرك، وبالتالي يتم توزيع مساعدات غذائية إلى جانب الأغطية والفرش، لكن هناك نقص في مواد النظافة العامة.

العودة صعبة

التجارب الماضية مع النزوح السوري، تؤكد أنه لن يكون من السهل توقع عودة هؤلاء إلى بلادهم، على الأقل في وقت قريب، لا سيما في ظل الطابع الأمني لهذا النوع، في حين أن موجات النزوح السابقة باتت إقتصاديّة بالدرجة الأولى.

في هذا الإطار، يؤكد رئيس بلدية المسعودية على أن الجميع يريد العودة إلى سوريا، لكن في المقابل فان المطلوب هو العودة الآمنة. بينما يلفت رئيس بلدية تلعباس شرقي إلى أن العائلات لا تفكر بالعودة لأن المجازر لم تتوقف حتى الآن، بالرغم من أنها غير سعيدة بالواقع الحالي وتتمنى العودة في أقرب وقت ممكن.

وفي وقت يشير إلى أنه بات لديه اليوم نوعان من النزوح: العائلات التي نزحت في العام 2019 وتلك التي وصلت اليوم، فالأول لا يريد العودة بسبب المساعدات التي يحصل عليها، بينما الثاني يخشى الخطر على حياته. ويرى رئيس بلدية تلبيرة أن النازحين السابقين لم يعد عليهم الخطر الذي كانوا يتحدثون عنه، إلا أنّ المساعدات المالية تحول دون عودتهم، ويطالب بأن يتم تقديم مساعدات إلى الجدد، من منطلق المساواة بين الجميع.