تشكّل قضية النزوح السوري أزمة حقيقية فلهذا الملف القلق الحقيقي الضاغط على الوضع اللبناني والاقتصاد بشكل عام. فمنذ العام 2011 ولبنان يعاني جراء توافد ملايين السوريين اليه ناهيك عما حصل مؤخراً في الداخل السوري والذي أدى الى هروب المزيد من هناك، ولطالما كان لبنان نقطة عبور الى دول أخرى، هذا في الظاهر أما في الحقيقة فكان الملجأ.
"ملف النزوح السوري هو أخطر ملف شائك، ويُحكى فيه الآن خاصة مع وجود نزوح قسري بعد الابادات على الساحل السوري وقد بلغ عدد السوريين 50% من عدد سكان البلد". هذا ما أكده خبير المحاسبة المجاز ورئيس المجلس المالي والاقتصادي للدراسات الدكتور علي كمّون، لافتا الى أن "الأمور زادت بعد استلام الرئيس السوري أحمد الشرع السلطة في سوريا، وقد شكل ذلك عبئا اضافيا نتيجة قدوم السوريين بطريقة شرعية وغير شرعية، وإذا لم تتحرك الدولة فإن عمليات السلب ستزداد"، وأضاف: "الموازنة التي أقرت في لبنان غير عادلة وعاجزة، وقد توقفت المساعدات بما فيها تلك التي من الولايات المتحدة عبر الـUSAID عن تقديم اي مساهمة، اضافة الى تجميد المساعدات الدوليّة خاصة خلال أزمة أوروبا".
وشدد الدكتور كمون على أنه "في الأردن وتركيا تمرّ المساعدات عبر الدولة التي تأخذ 60% منها، أما في لبنان فقد كان هناك مساعدات تصل من 200 الى 300 مليون دولار والدولة اللبنانية لم ترَ منهم شيئاً"، ولفت الى أنه "في كل الدول التي تستضيف نازحين فانّ حصّة الدولة 60% من الهبات لابقائهم ويحولون النقمة الى نعمة، لأنهم يجبرون من يريد افتتاح مؤسسة او شركة على تسجيلها بالمكان الّذين هم فيه ويتم دفع الضرائب وتشغيل العمّال ودفع الرسوم للأمن العام ووزارة العمل حتى يتم السماح لهم بتسجيل الشركات والعمل".
"في لبنان لا أوراق ثبوتية يقدمها النازحون السوريون". هنا يشير الدكتور كمون الى أن "كلّ يوم ما يقارب 100 ولادة سوريّة، وإذا استمرّ الامر على هذا المنوال بالتزايد فإن عدد هؤلاء سيوازي عدد الشعب اللبناني، ومما يزيد من الأعباء أيضا هو استهلاك الكهرباء، الطبابة، المدارس ووسائل النقل، مع العلم أن السوريين يعملون دون أوراق ثبوتيّة ويتهرّبون من دفع الضريبة، ومن ضمن نفقات الموازنة هناك انفاق بقيمة 4.5 مليار دولار يستفيد منها السوريون غير الشرعيون أي ما يقارب ثلث النفقات في الموازنة". هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي ميشال فياض أيضًا، مشيرا الى أن "البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومصرف لبنان أكدوا على وجود 2.2 مليون نازح في لبنان يكلّفون الدولة بحدود 4.5 مليار دولار بشكل مباشر أو غير مباشر".
يعود الدكتور علي كمّون ليشدّد على أن "كل السوريين الموجودين في لبنان يخرجون من مخيّماتهم للعمل ويعودون اليه مما يؤثر على اليد العاملة اللبنانية وعلى الحركة الاقتصاديّة في لبنان وعلى كلّ الخدمات التي تقدّم".
إذاً، للنزوح السوري تأثير كبير على الاقتصاد اللبناني وهو مع تقدّم الوقت وتفاقم الوضع في سوريا فهو حتماً سيزداد سوءاً.