من المفيد حتماً ان يكون للبنان مطاران، فعلى الرغم من صغر مساحة هذا البلد جغرافياً، فإن مكوناته الاجتماعية وتنوعه الطائفي والمناطقي، يجعلان من المهم جداً وجود مطار آخر اضافة الى مطار بيروت الدولي في بيروت. وبعد ان كان مصدر اخذ ورد، وبعد فيتو من هنا ومعارضة من هناك، يبدو ان الخطوات الاولى لترسيخ اقامة مطار القليعات، اصبحت على المسار الصحيح، ومن المتوقع (وفق ما يقال على لسان المسؤولين والسياسيين)، ان يكون في لبنان مطاران في وقت غير بعيد. ولكن، ازاء هذه الايجابية، اعتدنا ان نتحضر كلبنانيين للامور السلبية وما اكثرها، وفي حالة اقامة مطار جديد، سنركّز فقط على نقطتين سلبيتين:
النقطة الاولى لا علاقة للبنان بها، وتتمثل بسهولة استهداف المطار من قبل اسرائيل، حيث ستكون اكثر راحة في استهداف مطار بيروت ربما او مطار القليعات، لارسال رسائل سياسية للبنانيين او لمن يهمه الامر من الدول العربية والغربية. اما السبب في الراحة للاستهداف، فتكمن في انه لم يكن امام لبنان سوى مطار وحيد للتواصل مع العالم، وهذا ما ادّى، من خلال اتصالات مع الدول المؤثّرة في الغرب، الى تحييد مطار بيروت عن الحرب الاسرائيلية الاخيرة، ولا يزال مشهد الطائرات التي كانت تقلع وتهبط، من وفي المطار، عالقاً في الاذهان وسط نيران ودخان القذائف والصواريخ التي كانت تنهمر على ضاحية بيروت من دون توقف. وكان المسار سالكاً بالتالي امام الرعايا الاجانب والمسؤولين من خارج لبنان، لزيارة البلد او لايصال المساعدات العينيّة اليه. اما في حال توافر مطار ثانٍ، فيصبح من الاسهل على اسرائيل ضرب احدهما، والتذرع بأنه يمكن استعمال المطار الآخر لاهداف انسانية او غيره، ولن يكون هناك ايّ رادع، في ظلّ غياب السلاح اللازم لمنع الاعتداءات والغارات.
اما النقطة الثانية، فلبنانية مئة في المئة، وتتعلق بمشاكل التعيينات في المطار الجديد، ان من الناحية المدنية (رئيس المطار والاداريين فيه)، او من الناحية العسكرية (قائد جهاز امن المطار وباقي الجهات العسكرية الرئيسية فيه). ومن المؤكد انّ الطائفية ستكون اول من يفتتح هذا المطار، وسيبدأ شدّ الحبال، والكلام عن موافقة من هنا وفيتو من هناك على هذا الاسم او ذاك، ارضاء لهذه الطائفة او هذا الحزب او هذا التيار السياسي او هذا المسؤول، او حتى بما يلبي طلبات هذه الدولة او تلك.
لن يكون من السهل تخطّي كل هذه العقبات، ولا يحتاج لبنان الى عوائق سياسيّة جديدة يتم وضعها وتؤدي الى خلافات وانقسامات بين اللبنانيين، خصوصاً وانه لم يتم بعد اعتماد آليات محددة وموضوعيّة وشفافة لاقرار التعيينات، ولا تزال المحسوبيات وارضاء الاطراف هي السائدة بحيث ستشعر فئة انها "مهمشة" وستطالب بمساواتها بالفئات الاخرى، وستعمل كل ما في وسعها للتعطيل حتى تحقيق مطلبها. وما يزيد الامر تعقيداً هو ان ليس هناك ايّ مؤشّر يدلّ على ان هذه الآلية ستبصر النور في الوقت الذي سيتم فيه العمل فعلياً على انشاء المطار في القليعات، او انه سيتم العمل بها في حال تم اقرارها، لان الخوف سيكون في ان تنضمّ الى العديد من القوانين والمراسيم والشروط التي تم وضعها لحلّ العديد من المشاكل في المؤسسات والادارات العامة، ليتمّ نسيانها في الجوارير والتغنّي فقط بعناوينها وبنودها، فتبقى مجرد حبر على ورق، او استعمالها عندما تتلاقى مع مصلحة احد الاطراف للانتقام من طرف آخر.
فهل تكتمل فرحة حصول لبنان على مطارين، ام انه وحتى انشاء المطار، وبعد هذه الخطوة، سيكون اللبنانيون امام ويلات ومصائب جديدة تضاف الى تلك التي تعترضهم كل يوم؟.