أشارت صحيفة "الشّرق الأوسط"، إلى أنّ "لبنان الرّسمي يترقّب الزّيارة الموعودة من نائبة المبعوث الخاص للرّئيس الأميركي إلى الشّرق الأوسط مورغان أورتاغوس، إلى بيروت، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر المبارك، ليدافع الرّؤساء الثّلاثة عن موقفهم برفض تطبيع العلاقات اللّبنانيّة- الإسرائيلية، عبر إشراك دبلوماسيّين في الوفد العسكري المفاوض شرطًا لبدء الاجتماعات المخصّصة لإطلاق الأسرى اللّبنانيّين لدى إسرائيل، وانسحاب الأخيرة من النّقاط الّتي لا تزال تحتفظ بها، وترسيم الحدود بين البلدين طبقًا لاتفاقيّة الهدنة الموقّعة بينهما؛ على أن تشمل النّقاط الـ13 المتنازع عليها منذ عام 2006".
ولفت مصدر سياسي بارز للصحيفة، إلى أنّ "دعوة أورتاغوس لبنانَ إلى تطبيع علاقاته بإسرائيل ليست شخصية، بل تستمدها من مطالبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لبنانَ وسوريا بالتوصل إلى معاهدة سلام مع إسرائيل".
وأكّد أن "انتقادها الجيشَ اللبناني ليس في محله، على خلفية تحميله مسؤولية حيال إطلاق 5 صواريخ على مستعمرة المطلة، فيما تلوذ بالصمت ولا تتطرق إلى الخروق الإسرائيلية التي لم تتوقف منذ أن وقّع لبنان على اتفاق وقف النار، ولا تلقى رداً من حزب الله".
وأوضح المصدر أنّ "حزب الله تجاوب مع طلب رئيس الجمهورية جوزاف عون، وبادر إلى إصدار بيان ينفي فيه علاقته بإطلاق الصواريخ الخمسة"، مبيّنًا أنه "تمكن من خلال الاتصالات الدولية والعربية، فور إطلاقها، من استيعاب رد فعل إسرائيل، التي استعاضت عنه بمواصلة ملاحقتها الكوادر العسكرية والأمنية للحزب، واستهدافها جواً، كما تدّعي، ما تبقى من بنيته العسكرية في شمال الليطاني امتداداً إلى البقاع والحدود اللبنانية- السورية".
وذكر أن "رئيس الحكومة نواف سلام كان قد استبق إطلاق الصواريخ، عندما قال إن صفحة سلاح "حزب الله" قد طُويت، وأن ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" أصبحت من الماضي"، معتبرًا أنّ "سلام توخى من موقفه هذا توجيه رسالة إلى المجتمعَين العربي والدولي، ومن خلالهما إلى الولايات المتحدة الأميركية، يؤكد فيها أن الدولة وحدها من تحتكر السلاح، لكن لا بد من منح الحكومة فرصة لسحب سلاح "حزب الله" طبقاً لما نص عليه اتفاق الطائف ولاحقاً القرار 1701".
كما شدّد على أن "إسرائيل تعطّل الجهود الحكومية لسحب سلاح الحزب، بمواصلة خرقها اتفاق وقف النار"، ولا يرى في المقابل من "جدوى للحملات السياسية التي استهدفت سلام، على خلفية موقفه من سلاح الحزب". وتساءل: "كيف يمكن تأمين المساعدات لإعادة إعمار ما دمّرته إسرائيل، ما لم يقل مباشرة ما أعلنه بهذا الخصوص، باعتبار أن الولايات المتحدة هي من يملك القرار بإعطاء الضوء الأخضر لإيصال المساعدات العربية والغربية إلى لبنان؟".
وسأل المصدر أيضًا "كيف توفّق واشنطن بين انتقاد أورتاغوس الجيش، وإشادة رئيس لجنة المراقبة الدولية المشرفة على تثبيت وقف النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز بجاهزية الجيش اللبناني في توسيع انتشاره بمؤازرة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، رغم أن إسرائيل بعدم انسحابها من عدد من المواقع، عطّلت استكمال انتشاره؟".
وتساءل كذلك "لماذا تتجاهل واشنطن الدور الذي قام به رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ليس بالتوصل مع الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين، وبتفويض من "حزب الله"، إلى اتفاق لوقف النار فقط، وإنما لموقفه برفض الربط بين جبهتي الجنوب وغزة، الذي ينسحب على عدم تعليقه على إسناد الحزب لحركة حماس؟".
واعتبر أنّ "بري بمواقفه تمايز عن حليفه الاستراتيجي، وشكل رافعة لإنهاء الحرب، من دون أن يدخل معه في خلاف، إصراراً منه على احتضانه وإحاطته لضبط إيقاعه، الذي كان في محله بتأييد "حزب الله" اتفاق وقف النار واللّجنة التي ترعى تطبيقه؛ رغم أن جنرالاً أميركياً يقف على رأسه؟".
إلى ذلك، أكّد المصدر السياسي أن "واشنطن تدرك جيداً وجود استحالة أمام لبنان لتطبيع علاقاته بإسرائيل، وأنها تضغط عليه بعدم اعتراضها على الخروق الإسرائيلية شرطاً للتوصل إلى اتفاق"، سائلًا: "هل هي على استعداد لسحب التطبيع من التداول، ومقايضته بالتوصل إلى اتفاق أقل منه، وأكبر من اتفاقية الهدنة؟".
وأعرب عن اعتقاده أن "الضغط الأميركي على لبنان يهدف إلى التوصل إلى ترسيم دائم للحدود، لن يتحقق ما لم يتلازم مع سحب سلاح "حزب الله" تطبيقاً للقرارات الدولية واتفاق الطائف"، مشيرًا إلى أنّ "وقوف الحزب خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي لتثبيت مستدام لوقف النار، يعني حكماً أنه بات على قناعة بوجوب الاستجابة لمتطلبات انخراط لبنان في مرحلة سياسية جديدة غير السابقة، وتحديداً عندما قرر منفرداً، من دون العودة إلى الدولة، إسناده غزة، وبالتالي فإن سلاحه مع مرور الوقت يبقى دون وظيفة في حال استعاد الجنوب استقراره ولم تعد من أخطار تهدده، واطمأنت إسرائيل إلى استعادة الدولة سيطرتها على كامل أراضيها، وإلا فلماذا وافق على البيان الوزاري؛ وقاعدته الأساسية حصره بيد الدولة؟".
وأوضح أنّ "المقصود بالتوصل إلى اتفاق أكبر من اتفاقية الهدنة، وأقل من تطبيع العلاقة، يكمن في ضبط الحدود على نحو لن يسمح لـ"حزب الله" باستخدام سلاحه، وربما استندت أورتاغوس، بمطالبتها إشراك دبلوماسيين في اجتماعات مجموعات العمل الثلاث، إلى سابقة تمثلت في إشراك لبنان دبلوماسياً في مفاوضاته مع إسرائيل للتوصل إلى اتفاقية الهدنة؛ وإن كان التوقيع عليها حمل اسم الضابط الذي ترأس الوفد اللبناني".