اشارت صحيفة "الاخبار" الى ان الاجتماع الذي عُقد بين وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى ووزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة في جدة برعاية وحضور وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، نتج عنه اتفاق، أكّد خلاله الجانبان اللبناني والسوري على الأهمية الاستراتيجية لترسيم الحدود بين البلدين، وتشكيل لجان قانونية ومتخصّصة بينهما في عدد من المجالات، وتفعيل آليات التنسيق بين الجانبين للتعامل مع التحدّيات الأمنية والعسكرية، وملفات التهريب والنزوح.

وفي باريس، انضم الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع إلى اجتماع الرئيسين جوزف عون وإيمانويل ماكرون عبر خاصية الفيديو لـ"مناقشة عدد من القضايا العالقة بين البلدين، وعلى رأسها قضية الحدود السورية اللبنانية". وفي هذا السياق، قالت مصادر دبلوماسية إن "باريس تحاول لعب دور بين لبنان وسوريا، بعدَ أن تقصّدت الرياض تثبيت دورها في الملف اللبناني – السوري باعتبارها اليوم واحداً من الشركاء الأساسيين في إدارة اللعبة السياسية في لبنان بعد الحرب". وتحاول باريس مواجهة استفراد واشنطن بإدارة الملف اللبناني، وهو ما تحاول الرياض قوله أيضاً.

لكنّ هاجس السعودية هو القول بأنها "حاضرة وأن التحكّم بالملفات السورية ليس في يد القطري والتركي وحدهما، وأنّ مفتاح الحل والربط في الجزء المرتبط بلبنان يبدأ من المملكة". وقالت مصادر مطّلعة إن "النقاش الذي دارَ بين عون والشرع تناول ملفات مرتبطة بمزارع شبعا ومرتفعات كفرشوبا، وترسيم الحدود بين البلدين في هذه المنطقة وضرورة حسم هويتها، فضلاً عن التعاون الأمني والسيطرة على الحدود بين البلدين".

رعاية اميركية للحدود

كيف يمكن قراءة هذه الأحداث التي تلاحقت يومي الخميس والجمعة تباعاً؟ تقول مصادر وزارية بارزة لـ"نداء الوطن" إنه "لا بد من ربط لقاء جدة الذي استضافته السعودية بين وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى ونظيره السوري مرهف أبو قصرة، بلقاء الرئيس عون مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وما تخلله من اتصال مع الرئيس السوري أحمد الشرع. وقالت المصادر إن هذين الحدثين المتلاحقين يؤكدان:

أولاً، تلازم ما حصل في جدة وباريس مع الرعاية الأميركية للحدود الجنوبية.

ثانياً، بعد الحوادث على الحدود مع سوريا، لم يُترك هذا الأمر لهمة اللبنانيين بل تولّت رعايته السعودية كي توجه رسالة واضحة المعالم وأكملتها فرنسا أمس، ما يعني أن الحدود اللبنانية السورية باتت خاضعة لترتيب سعودي - فرنسي على غرار الحدود اللبنانية الإسرائيلية الخاضعة لترتيب أميركي".

وخلصت المصادر إلى القول "إن الاضطراب مطلوب إيرانياً لتبقى الساحات في لبنان وسوريا وكذلك غزة واليمن غير مستقرة وجزءاً من أوراق التفاوض مع الولايات المتحدة".

العدوان على الضاحية

وأوضحت مصادر مطلعة لـ"اللواء" ان العدوان الاسرائيلي على منطقة الضاحية الجنوبية للمرة الأولى بعد اتفاق وقف إطلاق النار سيبحث في اجتماعات يتوقع أن يعقدها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بعد عودته مساء من فرنسا .

وأشارت المصادر إلى أن الاستهداف الذي جرى هو رسالة إلى الدولة اللبنانية بشأن ملف سلاح حزب الله وتفكيك البنى التحتية ومنشآته العسكرية وهي مسؤولية ملقاة على عاتق السلطات والأجهزة الأمنية ولاسيما الجيش اللبناني. ولم تستبعد انعقاد المجلس الأعلى للدفاع أو مجلس الوزراء لبحث الوضع المستجد.

الحزب ملتزم

إلى ذلك، أكّدت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية" انّ لبنان ملتزم كلياً باتفاق وقف اطلاق النار. وبمعزل عن الصواريخ المشبوهة التي ليس معلوماً أي أيدٍ خبيثة تحرّكها من الخارج، لم يبدر من الجانب اللبناني أي خرق، وهو ما اكّد عليه التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة.

اما ما يتعلّق بـ"حزب الله"، تضيف المصادر، فإنّه على التزام أكيد بالاتفاق، ونفّذ المطلوب منه في الاتفاق لناحية إخلاء منطقة جنوب الليطاني من المسلحين ومن أي مظاهر مسلحة، ولم يظهر اي مظهر عسكري منذ الإعلان عن الاتفاق لا جنوبي الليطاني ولا شمالي الليطاني، وهذا ما هو موثق ومتيقن منه من مختلف الجهات المعنية باتفاق وقف اطلاق النار. والجيش اللبناني العامل في منطقة جنوب الليطاني يقوم بمهمّته بصورة دقيقة، ولاسيما في مجال تسلّم الاسلحة، التي يعمل على تفجيرها بصورة علنية في أماكن وجودها".

قلق من تصعيد

بدوره، أعرب مرجع سياسي عن قلقه من ان "تشهد الامور تدحرجاً خطيراً تفتعله اسرائيل". وقال لـ"الجمهورية": "انّ إسرائيل تحاول انّ تفرض وقائع جديدة مع لبنان، مستغلة ما تشعر به من فائض قوة منحتها ايّاها تداعيات العدوان على لبنان والتطورات المتدحرجة في المنطقة، وتسعى لإلزام لبنان بخطوات تحقق فيها مصلحتها، وهذا الأمر مستمر، وفي ظل التفلّت من أي رقابة دولية او أي رادع جدّي خصوصاً من الولايات المتحدة، فإنّ قلقي كبير من أن تدفع الامور إلى تصعيد كبير كان اخطر تجلّياته بالأمس، وأخشى ان تنزلق الامور أكثر في الآتي من الايام".