أكّد الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، أنّ "إسرائيل تريد احتلال لبنان وتريد التحكم في مصير لبنان"، مضيفًا "لبنان ضمن لائحة الضم للكيان الغاصب، على الأقل على مستوى جنوب لبنان، استيطانًا وتوطينًا".
وأوضح، في كلمة له بمناسبة "يوم القدس العالمي"، أن "إسرائيل عدو توسعي، لن يكون لديها حدّ، وستتجاوز كل الحدود دائمًا. ومقاومتنا هي ردّ فعل دفاعي، وحقٌّ مشروع، ويجب أن تستمر هذه المقاومة".
وقال الشيخ قاسم: "المقاومة لا يمكنها أن تمنع الاعتداء بمعنى الاعتداء، لكنها يمكنها أن تحبطه ويمكنها أن تمنعه من تحقيق أهدافه، وهذا ما حصل"، لافتا إلى أن "العدو لم يستطع أن يُحقّق أهدافه، وهذا هو الانتصار بالنسبة إلينا، أن تستمر المقاومة، ألا يتمكن العدو من تحقيق أهدافه، وهذا أمر مهم. لقد منعناه من تحقيق أهدافه، ومع الزمن، ضربة بعد ضربة، مواجهة بعد مواجهة، استمرارية للمقاومة، نصل إلى نقطة مُعيّنة تُسقط هذا الاحتلال إن شاء الله".
وشدد قاسم على "أننا استطعنا أن نوقف إسرائيل عند حدّها. استطعنا أن نمنعها من أن تتقدم على الحدود لفترة من الزمن أثناء معركة "أولي البأس". استطعنا أن نتوصّل إلى وقف إطلاق النار من خلال الدولة اللبنانية. هذا يعني أنّ هناك قدرة معينة استطاعت أن تمنع إسرائيل من تحقيق الأهداف، فذهبت إسرائيل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، ونحن وافقنا مع الدولة اللبنانية".
وذكر أنه "منذ عقد اتفاق وقف إطلاق النار غير المباشر مع الدولة اللبنانية، أصبحت المسؤولية عند الدولة اللبنانية. مسؤوليتها أن تُنهي الاحتلال. مسؤوليتها أن توقف العدوان. مسؤوليتها أن تضغط على الدول الكبرى التي رعت. مسؤوليتها أن تفتش عن الأساليب المناسبة والطرق المناسبة لإنهاء الاحتلال. مسؤوليتها أن تخرج عن الدائرة الدبلوماسية في لحظة معينة من أجل مواجهة هذا الاحتلال. على كل حال، هذه مسؤولية الدولة اللبنانية الآن".
وأضاف "نحن كحزب الله التزمنا، التزمنا بالاتفاق بشكل كامل، لم يكن لدينا تواجد مسلح في جنوب نهر الليطاني، ولكن إسرائيل لم تنسحب من كامل الأرض اللبنانية، وبقيت محتلة لنقاط، وإسرائيل تخترق وتعتدي في كل يوم، سواء على الأفراد أو على الممتلكات أو على المناطق، سواء في الجنوب أو في البقاع أو في كل مناطق لبنان، وهذه كلها سُميت في فترة معينة خروقات، لكن بعد ذلك لم تعد خروقات، لأنها عدوان تجاوز كل حدّ".
وأشار قاسم إلى أن "كل التبريرات الإسرائيلية لا معنى لها، وكل شروط العدوان التي يتحدث عنها لا معنى له. هنا يوجد اتفاق، فلينفذ الاتفاق كما نفذ لبنان الاتفاق. كل العالم يشهد أنّ لبنان نفّذ الاتفاق، لبنان مع مقاومته نفّذوا الاتفاق، لكن إسرائيل هي التي لم تُنفّذ الاتفاق".
وأعلن أنه "لا يمكن أن نقبل بالتطبيع، ولا يمكن أن نقبل بهذه المسارات السياسية التي تُحاول إسرائيل من خلالها أن تأخذ مكاسب تتجاوز بها الاتفاق وضوابط الاتفاق وما حشرها فيه هذا الاتفاق لتحصل بالسلم على ما لم تحصل عليه بالحرب، هذا أمر غير ممكن".
وتابع: "إسرائيل هي في موقع العدوان، هذا العدوان يجب أن يوضع حدًّا له. لقد تجاوزت بأن قصفت الضاحية الجنوبية لأول مرة منذ وقف إطلاق النار، وكذلك اعتدت على مناطق عدة في جنوب لبنان، وارتقى شهداء وجرحى، وهناك أضرار في البنى التحتية وفي الأماكن المختلفة. لا يمكن أن نقبل أن يستمر هذا المنهج".
وشدد قاسم على أنه "إذا كانت تظن إسرائيل أنها تصنع معادلة جديدة في أن تتذرع بذرائع واهية من أجل أن تقتل وأن تدخل إلى هذه الأماكن المختلفة، وأن تعتدي على الضاحية والبقاع والجنوب، فهذا أمر مرفوض"
وقال: "على الدولة اللبنانية أن تتصدى، ما زال الوقت يسمح بالمعالجة السياسية والدبلوماسية، لكن لا يمكن أن نقبل بأن تكون هناك معادلة تستبيح فيه إسرائيل لبنان وتسرح وتمرح في أي وقت تريد ونحن نتفرج عليها. كل شيء له حدّ، وكل شيء له مجال معين، لا تستخفوا بما نقول، اعلموا أن هذه المقاومة موجودة وحاضرة وملتزمة في هذه المرحلة بالاتفاق، لكن إذا لم تلتزم إسرائيل نهائيًا، ولم تتمكن الدولة اللبنانية من القيام بالنتيجة المطلوبة على المستوى السياسي، فلن يكون أمامنا إلا أن نعود إلى خيارات أخرى لا تنسجم مع الوضع الحالي، ولا تُكرّس المعادلة التي تريدها إسرائيل".
وأضاف قاسم "لتعلم إسرائيل أنها لن تأخذ بالضغط، ولا من خلال احتلالها للنقاط الخمس، ولا من خلال عدوانها المتكرر، ولا من خلال جرائمها التي تحاول أن تستخدمها أن تُحقّق ما تريد، أبدًا، هذا أمر لا يمكن. مع وجود المقاومة لا يمكن، مع وجود هذا الشعب لا يمكن، مع وجود هذا التماسك الداخلي المهم لا يمكن. لن نسمح لأحد أن يسلبنا حياتنا، وأرضنا، وعزّتنا، وكرامتنا، ووطنيتنا، لن نسمح على الإطلاق. لن نسمح لأحد أن يحرمنا قوتنا وإمكاناتنا في مواجهة هذا العدو".
ولفت إلى أنه "إذا كُنّا صبرنا خلال المرحلة السابقة حتى الآن، فهو صبر الذي يريد أن يعطي الفرصة لحلول تُخفّف من الآلام والضحايا. لكن إذا وصلنا إلى مرحلة يُصبح فيها العمل الإسرائيلي هو القتل والتدمير والاحتلال، فهل نبقى مُتفرّجين؟ لا يمكن أن نبقى متفرجين".
وأوضح أن "على المسؤولين أن يعرفوا أن لكل شيء حدًّا، وأنّ هذا الحد لا نعلم متى يأتي ومتى نُقرّر، أمامكم فرصة من أجل أن تزيدوا من الضغط، فإسرائيل مكشوفة وواضحة، هي تقوم بأعمال إجرامية وهذه الأعمال مرفوضة".
وأوضح أنهم "يواجهون شعبًا مميزًا، كل العالم رأى عظمة هذا الشعب، رأى عظمة الشعب الفلسطيني، رأى عظمة الشعب اللبناني، رأى عظمة هذه المقاومة".
وكشف قاسم أن "خلال الأسابيع الماضية، جاءتني عدة رسائل من عدد من الإخوة المجاهدين، يقولون: نحن مستعدون لأي عمل استشهادي، ونريد الإجازة. فقلت لهم: تمهلوا، أنتم في قلب العمل الاستشهادي، اليوم المواجهة وما يُقدّمه الشباب أمر عظيم جدًا".
إلى ذلك، أشار قاسم إلى أن "حزب الله وحركة أمل أنجزا نقلة نوعية للبنان بانتخاب الرئيس التوافقي جوزاف عون وبإكمال عقد الحكومة اللبنانية ومنحها الثقة وبالاندفاع المستمر من أجل بناء الدولة".
وأضاف "حن جزء لا يتجزأ من شراكة وبناء هذه الدولة. حتى أريد أن أذكّركم بتاريخ 20/11/2024، أي قبل وقف إطلاق النار بستة أيام، قلت في إحدى كلماتي، والبعض استغرب، قلت - وهنا أنقل النص -: "ثانيًا، سنقدم مساهمتنا الفعالة لانتخاب رئيس للجمهورية من خلال المجلس النيابي بالطريقة الدستورية. ثالثًا، ستكون خطواتنا السياسية وشؤون الدولة تحت سقف الطائف بالتعاون مع القوى السياسية".
وشدد على أن "لبنان لا ينهض إلا بجميع أبنائه، لا أحد يحاول التذاكي أو وضع العراقيل تحت عنوان أن هذه الفئة نقيّضها وهذه الفئة نضربها وهذه الفئة نزعجها".
وأكد أنه "يجب أن تنسحب إسرائيل، وأن نكون جميعًا يدًا واحدة لتنسحب إسرائيل من دون قيد أو شرط، ومن دون نقاش بأي موضوع آخر قبل هذا الانسحاب".
وأضاف "يجب أن تبدأ الحكومة بمناقشة موضوع الإعمار دون ربط الإعمار بأي شيء أو أي شرط. من حق الشعب اللبناني على دولته أن تعيد إعمار ما دمّره العدو الإسرائيلي. ألا يكفي أنّه قدّم تضحيات كبيرة من هؤلاء الناس، وأيضًا نتركهم! لا. نعم، نحن كحزب الله سنكون إلى جانب الدولة، في المزيد من الدعم والمساندة".
ولفت إلى أنه "يجب أن نتابع جميعًا عملية الإنقاذ والإصلاح، ونعمل معًا إن شاء الله تعالى".
إلى ذلك، قال قاسم "لا علاقة لحزب الله بما يحدث في الداخل السوري على الإطلاق، ولا علاقة لحزب الله بما يحصل من اعتداءات على الحدود اللبنانية السورية، والجيش اللبناني هو المسؤول عن الدفاع عن حدود لبنان على الحدود اللبنانية السورية، وهذه وظيفة الدولة".
وفي كلمته بالمناسبة، أشار الشيخ قاسم إلى أنّ "حزب الله يؤمن أنّ القضية الفلسطينية هي قضية حق"، و"نحن نؤمن بتحرير المقدسات ونحن نؤمن بالحق ويجب أن ننصر الحق".
وأوضح "أننا نلتزم بالاتلزام الشرعي والأمر الشرعي يتجاوز الجغرافيا وكل الاعتبارات"، مشيرًا إلى "أننا نعتبر أن مصلحتنا في لبنان هي في نصرة المستضعفين في منطقتنا وفي نصرة فلسطين، وهذا يرتد خيرًا على فلسطين وعلى لبنان"، وقال: "نعلن بوضوح أننا على العهد يا قدس والدعم الذي قدمه حزب الله تجلى بشهادة سيد الأمة السيد حسن نصرالله كتعبير حقيقي أننا مع القدس".
ولفت إلى أنّه "لدينا إيمان بالمساهمة في تحرير فلسطين، ولدينا مصلحة في تحرير لبنان وحمايته في هذه المرحلة التاريخية الحساسة".