على وقع زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى الشّرق الأوسط مورغان أورتاغوس، في ظلّ استمرار الخرق الإسرائيلي لوقف إطلاق النّار والقرار الدولي 1701، أشارت صحيفة "الجمهورية" إلى أنّ "زيارة أورتاغوس إلى لبنان جاءت في سياق سياسي لحضّ اللبنانيين على حل موضوع سلاح "حزب الله"، وضبط الحدود اللبنانية الجنوبية والشرقية. لكن الموفدة الأميركية خصّصت مساحة أساسية من زيارتها للبحث في الملفات المالية والاقتصادية اللبنانية. ومن هنا جاء اجتماعها المشترك مع كل من وزيري المال ياسين جابر والاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد".
وعلمت "الجمهورية" أنّ "المبعوثة الأميركية اكّدت للمجتمعين أنّ دول العالم لن تُقدم على مساعدة لبنان وإعادة الإعمار فيه، كما حصل عام 2006، من دون إصلاحات مالية ومأسسة وشفافية"، لافتةً إلى أنّ "هنا بالذات يتضح أنّ الاميركيين يهتمون بمقدار كبير بملف الدعم المالي عبر مؤسسات الدولة، لا غير، وتحديداً عبر مجلس الإنماء والإعمار، لمنع أي مسار مالي يستفيد منه "حزب الله" او الهيئات البلدية والإنمائية التي تصبّ في بيئته الحزبية".
وأوضحت الصحيفة أنّ "بحسب المعلومات، فإنّ اهتمام المجتمع المالي الدولي، وواشنطن، يتركّز حالياً على ثلاثة عناوين تشكّل اختبار نيات الإصلاح:
ـ أولاً، تعديل قانون السرّية المصرفية، بشكل يتيح للمصرف المركزي مراقبة الحسابات المصرفية بدون قيود، أي الأسماء إلى جانب الأرقام. وهو مشروع أحالته الحكومة إلى مجلس النواب، بعدما كان آخر تعديل منذ ثلاثة أعوام اقتصرعلى مراقبة الأرقام فقط.
ـ ثانياً، قانون تنظيم المصارف، الذي وضع على طاولة البحث، وسيُستكمل درسه غداً.
ـ ثالثاً، تعيين مجلس إدارة جديد لمجلس الإنماء والإعمار".
وأفادت معلومات "الجمهورية"، بانّه "تمّ عرض تنفيذ القوانين السهلة التطبيق، وهي تتعلق بالهيئات الناظمة في كل القطاعات مع إصلاحات جوهرية في الكهرباء. لكن الجواب الدولي ومنه ما سألته اورتاغوس: متى التنفيذ؟".
وبيّنت أنّ "على هذا الأساس، يتّجه مجلس النواب إلى تكثيف دراسته للملفات المطروحة، علماً انّ صندوق النقد الدولي كان طلب من لبنان إرسال القوانين المنجزة في العناوين الثلاثة السابقة، قبل جلسته الدورية المرتقبة بعد أسبوعين، من أجل تسريع اتخاذ قرارات الدعم المالي للبنان، لكن من الصعوبة بت البند المتعلق بتنظيم قطاع المصارف بهذه السرعة".
وكشفت أنّ "المسؤولين الدّوليّين أبدوا اهتماماً لافتاً بما قدّمه وزير المال ياسين جابر، عبر قانون واحد لتنظيم القطاع المصرفي، جمع فيه قوانين بالمفرّق كانت موجودة: 1967- الهيئة المصرفية العليا، و1991- قانون النقد والتسليف".
كما علمت "الجمهورية"، أنّ "الأميركيين راضون عن العناوين التي قدّمها جابر، وتلك التي حدّدها حاكم مصرف لبنان في خطابه، خلال تسلمّه الحاكمية، في اعتبارها تشكّل مساحة بنيوية أساسية لحل الأزمات المصرفية، لتُصبح معالجة الودائع أمراً مطروحاً في المرحلة الثانية بعد إقرار لبنان الإصلاحات المطلوبة حالياً؛ قبل بتّ قرار مساعدته عبر صندوق النقد الدولي".
حضّ على الإصلاح
في هذا الإطار، لفتت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية"، إلى أنّ "الإجتماع الذي عُقد بين أورتاغوس وكل من جابر والبساط وسعيد، تركّز على الإصلاحات التي يجب أن يطبّقها لبنان في مجالات مختلفة"، مشيرةً إلى أنّ "أورتاغوس اعتبرت انّ تنفيد تلك الإصلاحات هو ممر إلزامي لكسب ثقة المجتمع الدولي، وللحصول على دعمه في عملية النهوض الاقتصادي والمالي".
وأوضحت أنّ "أورتاغوس حضّت الوزيرين والحاكم على المضي في الإصلاحات الضرورية، ولا سيما منها تلك المتعلقة بالوضع المصرفي وبمكافحة الفساد، لأنّ احداً لم يعد مستعداً للمساعدة المجانية من دون وجود بيئة ملائمة"، مركّزةً على أنّ "أورتاغوس بدت في مواقفها وكأنّها لا تمثل إدارتها فقط، بل المجتمعين الدولي والعربي".
"سقف الكلام انخفض لكنّ التحذيرات استمرّت" | أورتاغوس: لا جدول زمنياً لنزع سلاح حزب الله
في سياق متّصل، شدّد صحيفة "الأخبار" على أنّ "نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس لم تلتزم الصمت طويلا بعد محادثاتها في بيروت، وقد وجدت في التسريبات الرسمية عن اللقاءت ما يتعارض وهدف الزيارة. واطلقت ليل أمس مجموعة من المواقف، التي تؤكد فيها على أولويات حكومتها، خصوصا لجهة الضغط على اللبنانيين السير في خطة لنزع سلاح حزب الله".
وذكرت أنّ "ما توافر عن لقاءاتها مع الرؤساء الثلاثة، جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام، أكّد أن الدبلوماسية الأميركية وازَنت، على طريقتها، بين المطالب الأميركية ومحاذير الساحة اللبنانية، ولم تستخدم أسلوباً عالي النبرة ولا شروطاً جديدة ولا تهديدات علنية، بل كرّرت أسئلتها حول سلاح حزب الله وانتشار الجيش في الجنوب، وعن الإصلاحات المالية والنقدية كشرط للمساعدات الخارجية وإعادة الإعمار".
ولفتت الصحيفة إلى أنها "أتبعَت أسئلتها بإبلاغ لبنان أولاً بـ"بضرورة إنجاز الإصلاحات لأن هناك وقتاً محدداً للمساعدات، والتأكيد على أن يتفق لبنان مع صندوق النقد الدولي لحل أزمته"، وثانياً بـ"الاستيضاح عن الوقت الذي يحتاج إليه لبنان لتنفيذ الاتفاق في ما يتعلق بسلاح حزب الله، لأن عدم التنفيذ سيحول دون الانسحاب الإسرائيلي"، مع التأكيد أن المهلة الزمنية ليست مفتوحة".
وأوضحت أنّ "على عكس ما قيل عن وضع لبنان أمام "الفرصة الأخيرة وإلّا التصعيد"، لم تعلن أورتاغوس أي موقف في هذا الشأن، لكنها مرّرت بطريقة "دبلوماسية"، بأن وضعية سلاح حزب الله خارج الشرعية، والتأخر في حل هذا الملف "سيُبقيان البلاد في دائرة الخطر ويمنعان استقطاب الدعم الخارجي"، مُذكّرة بوجوب الانخراط في "مجموعات العمل الدبلوماسية الثلاث" التي سبق أن أعلنت عنها بين بيروت وتل أبيب (بمشاركة أميركية) لبتّ مسألة التلال الخمس التي احتلتها إسرائيل، والأسرى اللبنانيين لديها؛ والنقاط المتنازَع عليها على الخط الأزرق تمهيداً لتثبيت الحدود البرية".
"دبلوماسيّة الشكل وصرامة المضمون"... الموفدة الأميركيّة: طبّقوا المطلوب وإلّا لن نتدخل
بدورها، أشارت صحيفة "الديار" إلى أنّه "فيما كانت انظار اللبنانيين تتجه الى زيارة الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس الى بيروت، وما قد تكون تحمله في جعبتها من رسائل وتهديدات، اعتاد عليها لبنان في زمن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرئاسي، اتت زيارة اورتاغوس مفاجئة لبعض المسؤولين حتى قبل المتابعين للسياسة اللبنانية؛ بعدما تبين ان كل ما كان يروّجه البعض قبيل الزيارة لا يعكس حقيقة مضمونها".
وكشفت مصادر متابعة لجو اللقاءات، للصحيفة، أنّ "أورتاغوس لم تأت الى بيروت هذه المرة بغية التهديد والوعيد، ولو ان عنوان لقاءاتها مع المعنيين اتسم بـ"دبلوماسية في الشكل وصرامة في المضمون"، مبيّنةً أنّ "صراحة اورتاغوس التي وصفها كثر في زياراتها السابقة بالوقاحة، تحولت الى دبلوماسية تعمّدت الولايات المتحدة الارتكاز اليها وسط التصعيد الاسرائيلي المتواصل".
وشرحت أنّ "مختلف اجتماعاتها الرسمية، سواء في قصر بعبدا او السراي الحكومي او حتى عين التينة، لا تهديد وُجه إلى لبنان، لكن الرسائل كانت حازمة، كما ان رسائل لبنان بالمقابل اتت ايضا واضحة وواحدة في المقرات الثلاثة".
وأفادت المصادر بأنّ "في بعبدا، حيث كان لقاء الساعة والعشرين دقيقة، شددت اورتاغوس على وجوب تطبيق الـ1701 كاملا، تماما كما اتى في الاضافات التي شملته في اتفاق 27 تشرين الثاني 2024، وعلى وجوب ان تكون عملية انتشار الجيش اللبناني اسرع مما يحصل راهنا".
ولفتت إلى أنّ "جواب رئيس الجمهورية جوزاف عون كان أن المناطق التي تصبح خالية من اي وجود للاحتلال ينتشر فيها الجيش، وهو يقوم بوجباته كاملة، وعازم على بسط سلطته على كامل الاراضي اللبنانية، لكن على اسرائيل ان تنسحب من الاراضي التي احتلتها خلال الحرب الاخيرة؛ كي يتمكن الجيش من استكمال انتشاره".
وركّزت على أنّ "عليه، طالب الرئيس عون بانسحاب اسرائيل وتطبيق القرار كاملا، وبدء ترسيم النقاط 13 العالقة. واكد عون للموفدة الاميركية ان لا مشكلة في لجان تقنية عسكرية، لكن لا يمكن للبنان ان يقبل بلجان تضم دبلوماسيين".
كما أكّدت المصادر أن "لقاء بعبدا سواء الموسع او الخلوة التي جمعت عون مع اورتاغوس، تطرق الى الحدود السورية- اللبنانية، من باب سؤال توجهت به اورتاغوس حول نتائج اجتماع الرياض، حيث كان اتفاق على وجوب استمرار التنسيق والاتصالات بين الجانبين اللبناني والسوري". وعما كان يحكى حول جدولة نزع سلاح "حزب الله"، واذا كانت اورتاغوس قد حددت للبنان مهلة معينة لنزع سلاح الحزب، ردت المصادر بشكل جازم بالقول: "قطعا فهي لم تأت على ذكر اية مهلة".
وأضافت "الديار": "في الاجتماعات التي انتقتها اورتاغوس، لفت هنا لقاؤها مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي اعتُبر بحد ذاته رسالة اميركية بارزة تجاه مواقف معراب". ورأت مصادر مطلعة على جو اللقاء، للصحيفة، أنه "يأتي انطلاقا من حجم جعجع التمثيلي وموقعه، ووضوح موقفه السياسي الذي لم يتبدل، ولاسيما انه خلال الحرب عقد مؤتمرين للحديث حول وجوب تطبيق القرارات الدولية"، كاشفة عن "تطابق آراء ساد اللقاء بين وجهة نظر جعجع والرأي الاميركي". وشدّدت على أن "كل ما يحكى عن تطبيع غير صحيح، وحدود المسألة اتفاقية الهدنة لا اكثر ولا اقل".
وذكرت أنّ "جعجع قد سمع الرسالة الاميركية بشكل واضح ومفادها: لتطبيق القرار 1701 كاملاً، اضافة لكل ما ورد في البيان الوزاري، والا فلا تطلبوا من الولايات المتحدة التدخل للجم اسرائيل. فانتم امام خيارين: اما تحمل مسؤولياتكم وتطبقوا ما سبق والتزمتم به، والا فلبنان سيبقى كما هو الحال راهنا وبلا اية مساعدات، والقرار لكم ونحن لن نتدخل!".