أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أن "هناك حديثا في الآونة الأخيرة عن إصلاحات في المجالات كافة: إصلاحات في المجال القضائي، إصلاحات في المجال الاقتصادي، إصلاحات في قطاع المصارف، إصلاحات في ما يتعلق بمحاربة الفساد، وغير ذلك، لكن هذه الإصلاحات كلها لا يمكن أن تنجح، ولا يمكن أن تعطي أي نتيجة قبل حصول الإصلاح الأول، ألا وهو استعادة الدولة سلطتها وسيادتها، باعتبار أنه ما لم تكن هناك دولة فعلية، فلا إصلاح يمكن أن يعطي أي نتيجة".

وفي كلمة له، عقب قداس شهداء زحلة توجه جعجع الى اهالي المدينة بالقول :"أعتقد أنكم من ناحيتكم، ومن موقعكم، رأيتم كيف أنه بعد عقود من التأخير، انتشر الجيش اللبناني على حدود لبنان الشرقية مع سوريا. ولكن ينبغي ألا يكتفي بالانتشار، بل أن يبسط سلطته بالكامل، ويطبق القانون بالكامل على الجميع، إذ لا فضل للبناني على آخر إلا بقدر التزامه القانون"، مشددا على أن "هذه المسيرة مسيرة طويلة حتما، ولكن على الأقل، بدأت الآن".

وتابع: "لم يصح الصحيح فحسب ورحل الأسد، بل رحل الأسد، ومن بعده بقليل أو قبله بقليل، رحل معظم ودائعه، والقسم المتبقي من ودائعه يستعد للرحيل، وبدأت مسيرة بناء الدولة الفعلية في لبنان، هذه الدولة الفعلية التي نناضل منذ عقود للوصول إليها. هذه الدولة التي لا حياة لنا من دونها. هذه الدولة التي نحلم بها منذ زمن طويل. والآن بدأت مسيرة الوصول إلى هذه الدولة الفعلية، اللهم أن يبذل المسؤولون، وخصوصا الكبار منهم، جهدهم لتسريع هذه المسيرة، كي نصل في أقرب وقت ممكن إلى الدولة الفعلية".

واعتبر أن "شعب لبنان نشيط ومنتج، ولم يكن يوما شعبا متسولا أو خاملا أو عاطلا عن العمل، ولكن إلى جانب ذلك، لبنان بحاجة إلى أصدقاء خارجيين، كما هو حال دول العالم كلها، حيث لا توجد دولة في زمننا هذا قادرة بمفردها على فعل شيء"، وقال: "رأيتم كيف أن الولايات المتحدة نفسها، بسبب مجموعة من الرسوم، وهي الدولة العظمى ذات الاقتصاد الأكبر في العالم، واجهت ردات فعل من الجهات كلها، ووجدت نفسها في حالة من الحصار، وإن كان حصارا معنويا في الوقت الراهن".

ورأى جعجع أن "لا أحد منا قادر على الاستمرار أو على إنجاز شيء في هذه الأيام من دون أصدقائه. ونحن لحسن الحظ لدينا أصدقاء، لدينا أصدقاء عرب، ولدينا أصدقاء في الغرب، لا ينقصنا الأصدقاء أبدا، وهؤلاء الأصدقاء أكدوا مرارا وتكرارا نيتهم في مساعدة لبنان، لكن مساعداتهم كلها مشروطة بقيام الدولة الفعلية. فإذا لم تكن أنت جادا، فلا تتوقع من أحد أن يساعدك. إذا لم تساعد نفسك، فلا تتوقع من أحد أن يساعدك. وبالتالي، فإن كل النهضة الجديدة التي ننتظرها، والتي ينتظرها الشعب، رهن بإثبات الدولة وجودها، وأن تكون دولة فعلية، وبالتالي أن تبسط سلطتها وسلطانها على الأراضي اللبنانية كلها".

وشدد على أن "هذا ليس مطلبا أجنبيا، أو مطلب احد معين في الخارج يريده، أو أنه ناجم عن ضغط الإسرائيليين كما يحاول البعض تصويره، بل هو مطلب لبناني بحت يخصنا نحن، وكان ينبغي أن يتحقق منذ ثلاثين عاما، منذ إقرار اتفاق الطائف. فقد كان من المفترض أن تبسط سيادة الدولة بعد ستة أشهر من إقرار الطائف، وهذه الأشهر الستة انتهت ثلاثين مرة، وما زلنا ننتظر أن تبسط الدولة سيادتها، بقواها الذاتية، على أراضيها كلها وعلى قراراتها كلها"، وقال: "أتمنى على المسؤولين، وخصوصا المسؤولين الكبار، أن يأخذوا هذا الأمر في الحسبان، وإلا، وللأسف، سنبقى في الوضعية التي نحن فيها. فالمستقبل كله مفتوح أمامنا، والطرق كلها أصبحت مفتوحة أمامنا، والمهم أن نسلكها".

وشدد على ان "زحلة، في نظر الأسد الأب أو الأسد الابن، كانت دائما شوكة في أعينهم، لم يتركوا وسيلة إلا وحاولوا بها إخضاع زحلة. حاصروها، مارسوا عليها الضغوط بمختلف الأساليب ومن الجهات كلها، اعتقلوا أبناءها، جروا رجالها بل وحتى نساءها إلى أقبية التحقيق والتعذيب، لكن كما قلت، إن ذلك كله لم يجد نفعا. ظلت زحلة هي زحلة، وفي نهاية المطاف رحلوا هم، وبقيت زحلة"، مشددا على أن أرض المقاومة لا يمكن في يوم من الأيام أن تتحول إلى أرض استسلام، وهكذا بقيت زحلة أرض مقاومة بلا أي استسلام".

من جهته، أكد راعي أبرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم ابراهيم، أن "زحلة كانت ولا تزال، خط الدفاع عن البقاع، عن الحرية، عن المسيحية المشرقية، عن لبنان الذي يشبه البشارة أكثر مما يشبه المزرعة. ومن هنا، من هذا المقام المقدس، حيث العذراء تنظر إلينا بعينين من حنان وسيف، نفهم كيف يصبح الإيمان مقاومة، وكيف تصبح الأم مدرسة أبطال. من هذا التل، لا يرفع تمثال فحسب، بل يرفع شعب بأكمله. من هنا، يبدأ الرجاء، حين يظن الآخرون أن الظلام قد انتصر".