كتبت صحيفة "الجمهورية"، "مرّت غيمة الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس، وانشغلت مختلف الأوساط الداخلية في التنقيب عن النتائج الحقيقية التي انتهت إليها زيارتها إلى بيروت. واللافت في هذا السياق، تركيز المقاربات الاعلامية والسياسية التي تناولت هذه الزيارة على الشكل، وتقاطعها على قراءة ليونة علنية في الخطاب الذي اعتمدته اورتاغوس في المقرّات الرئاسية، ولكن مع تشدّد في مضمون الملفات التي تضعها الإدارة الأميركية في رأس قائمة أولوياتها في لبنان".

في عذا السياق، لم تقرأ مصادر سياسية خبيرة بال​سياسة​ الأميركية "أي نتائج جوهرية لزيارة أورتاغوس"، مشيرة في حديث لـ"الجمهورية"، الى انّ "زيارة اورتاغوس تُختصر بأنّ الغاية منها لا تعدو أكثر من تأكيد متجدّد للحضور والدور الأميركي في لبنان، حيث تعتبر واشنطن نفسها اللاعب الأول والأوحد على المسرح اللبناني، والمدير لكل السياسات فيه. وكذلك توجيه رسالة حثّ مباشرة وعاجلة للعهد الرئاسي الجديد والحكومة الجديدة على التعجيل بإنجازات في مسار الإصلاحات الاقتصادية، وهو ما قالت اورتاغوس صراحة بأنّها خطوات مطلوب تنفيذها من لبنان ليثبت جدارته في أن تكون الولايات المتحدة الأميركية شريكاً مساعداً له، ودون هذه الإجراءات لن يحظى لبنان بهذه الشراكة، وبمعنى أوضح لن يحظى بالمساعدات التي ينتظرها لإعادة إنهاض نفسه، وخصوصاً تلك المرتبطة بملف إعادة إعمار ما هدّمه العدوان الاسرائيلي".

ولفتت المصادر عينها إلى انّه "بعيداً من التنظيرات التي يتحمس لها البعض في لبنان، فمما لا شك فيه انّ نزع سلاح حزب الله هدف استراتيجي للولايات المتحدة الأميركية، ولكن خلافاً لما سبق وصول أورتاغوس إلى بيروت، لم تطرحه في لقاءاتها بالمسؤولين كبند عاجل التنفيذ، ويُقرأ ذلك في إطلالتها الإعلامية التي أعادت تكرار الموقف الأميركي التقليدي القديم – الجديد من سلاح حزب الله، ولكن من دون ان تتحدث عن جدول زمني لنزع السلاح. وكان لافتاً في هذا السياق ايضاً إعلانها انّها لم تطرح ملف التطبيع مع أي من المسؤولين اللبنانيين. ما يعني انّ اورتاغوس تجنّبت إثارة أي ملفات حساسة لإدراكها انّ الوضع اللبناني لا يحتملها في هذه المرحلة او حتى في مراحل اخرى".

يُضاف إلى ذلك، كشفت المصادر أنّ "اورتاغوس لم تقدّم أي التزام قاطع بممارسة أي ضغوط على إسرائيل؛ سواء حول وقف الاعتداءات الاسرائيلية، او الانسحاب من النقاط الخمس التي تحتلها، وهذا يعني انّ الوضع باقٍ على مراوحته السلبية في دائرة التوتر لمدى زمني مفتوح، علماً انّ جهوداً تُبذل على اكثر من خط خارجي لإعادة إحياء اجتماعات لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار".

إلى ذلك، اشار مصدر مطلع عن كثب على أجواء محادثات اورتاغوس إلى "الجمهورية"، الى انّ "هناك فارقاً كبيراً جداً ما بين زيارتها الحالية وزيارتها السابقة، لقد كنا بالفعل أمام شخص آخر قارب أمور البحث بهدوء ملحوظ. ونحن تعاملنا بالمثل ومن هنا كان الجو ايجابياً".

ورداً على سؤال عمّا إذا كانت الإيجابية دائمة ام موقتة، نصح المصدر عينه "بعدم الوقوع في خطأ التحليلات والتفسيرات المتسرّعة، فما نأمله ان تكون هذه الإيجابية دائمة وليست موقتة، مع اني شخصياً أرجّح الإيجابية الموقتة، وخصوصاً انّ هدوء نبرة الموفدة الأميركية لا يعني حصول تطور او تبدّل في الموقف الأميركي المتصلّب حيال مجموعة الملفات، بل كان يغلّفه. ومن جهتنا بادلناها الليونة بمثلها، وعرضنا كل ما لدينا بكلّ صراحة وتفصيل، والتركيز الاول والأخير كان من قبلنا على إعادة إنهاض البلد مع ما يتطلّب ذلك من إجراءات إنقاذية وإصلاحية، وتحقيق كل ما يحفظ أمن وسيادة لبنان، وحمل الإسرائيلي على وقف اعتداءاته والانسحاب من المناطق المحتلة".

ورداً على سؤال لـ"الجمهورية"، رأى مسؤول رفيع "أي كلام عن إيجابية يصبح واقعاً في حال لمسنا هذه الإيجابية بالفعل. جو المحادثات بالفعل كان مريحاً، ولا نقول إنّ هناك تبدلاً قد حصل في الموقف الأميركي، فربما استجابت الموفدة الاميركية لنصائح قبل مجيئها بعدم إثارة المواضيع بطريقة صدامية، بل عبّرت عنها بطريقة اخرى، يعني لا تغيير في الموقف الاميركي، بل تغيير في اسلوب التعاطي مع الملفات. ولذلك ما زلت في قرارة نفسي، آمل الّا تكون في أفق الخطاب الهادئ الذي لمسناه مناورة تخديرية، تليها عاصفة من الضغوط السياسية أكثر شدّة وقساوة، وخصوصاً حول ملف سلاح حزب الله".

وكشفت المصادر وفقاً لما تأكّد لها من المحادثات مع اورتاغوس، انّ "لبنان امام فرصة جدّية لإجراء الإصلاحات والعودة إلى سابق عهده من الاستقرار والازدهار، فالاصلاحات مطلب لبناني وعربي ودولي، وواشنطن تضع ثقلها في هذا المجال، والسبيل الوحيد الى تحقيق هذه الاصلاحات هو إنهاء الحزب ونزع السلاح بصورة عاجلة، وفي تقديرنا إن تمّ هذا الأمر فإنّه سيفتح الباب واسعاً على تدفق المساعدات العربية والدولية".