كشف وزير المالية ياسين جابر أن بلاده تسعى لتبدأ بعد فترة الدخول في مفاوضات مع حاملي اليوروبوندز لإعادة جدولة الدين. ولفت الى إن صغار المودعين ممن تقل ودائعهم عن 100 ألف دولار يمثلون 84% من المودعين في لبنان، وأن القيمة الإجمالية لودائعهم تصل إلى نحو 20 مليار دولار، وأن الحكومة بصدد وضع خطة لمعالجة قضية المودعين ومن الطبيعي أن تبدأ بصغار المودعين.

ولفت جابر في حديث الى "الانباء" الكويتية، الى انه اليوم تعود الأمور إلى نصابها مع انتخاب رئيس الجمهورية والحكومة الجديدة التي لديها برنامج إصلاحي واضح، مبينا أن هناك خططا توضع لبدء المعالجات، ولا أقول إنها سهلة ولكن هناك نية جادة لأن تكون الحكومة الحالية إصلاحية بامتياز، وسنسعى بكل جهد للعودة إلى الانتظام المالي.

وكشف جابر أنه سيتم تعيين طاقم جديد من نواب حاكم مصرف لبنان، وكذلك لجنة رقابة على المصارف لعودة انتظام العمل المصرفي، مبينا أن هناك قوانين جديدة يسعى إلى إقرارها مثل قانون رفع السرية المصرفية ليتيح للجهات الرقابية أن تقوم بأعمالها، متوقعا أن يتم إقرار القانون في البرلمان خلال أيام، خصوصا أن قانون السرية المصرفية تم إقراره في الحكومة وهو ليس قانونا جديدا، حيث تم رفع السرية المصرفية بشكل كبير في 2022، وأن المطلوب هو تعديل فقرة واحدة لفتح المجال بشكل أكبر للجنة الرقابة على المصارف للدخول للحسابات.

وتحدث عن توجه لبنان لإقرار قانون متخصص لتسوية أوضاع البنوك وهو ما يسمى بـ (bank resolution law)، مبينا في الوقت ذاته أن لبنان لديه قوانين ولكن هذا القانون يحدثها ويجمعها في إطار واحد ما يساعد على بدء التأسيس لإيجاد حل لوضع المصارف والمودعين بشكل عام.

وأكد أن هناك سعيا للبدء بعد فترة في مفاوضات مع حاملي اليوروبوندز لإعادة جدولة الدين، مبينا أن لبنان سيسعى من خلال الإصلاحات إلى محاولة وقف الخسائر في القطاعات التي تسببت بها، وتعزيز الإيرادات من خلال معالجة قطاعات هامة مثل الجمارك والضرائب لتعزيز واردات الدولة.

وذكر ان لبنان يسعى ليصل إلى مرحلة من الاستقرار تمكن من عودة النمو للاقتصاد، مبينا أن كل الإجراءات تستهدف تعزيز الوضع الاقتصادي وعودة النمو وعودة القطاعات الهامة كالسياحة، إلى جانب تعزيز الصناعة والزراعة، كونهما أمرين مهمين في ضوء ما يحدث في التجارة العالمية بعدما طوى العالم صفحة العولمة وبات على كل دولة او كيان أو منطقة الاعتماد على نفسها. وتابع "لحسن الحظ الحكومة وجدت أمامها الكثير من الإمكانيات لتحقيق النجاحات لأن هناك قوانين جاهزة المطلوب فقط البدء في تطبيقها وهذا ما سنقوم به في الفترة المقبلة".

وحول عمليات إعادة الإعمار، لفت الى إن العالم يريد مساعدة لبنان بشكل عام ولكن علينا في البداية أن نثبت أن التغيير قادم ويحدث فعليا، وعمليا صندوق إعادة الإعمار جزء أولي لان تكلفة إعادة الإعمار وفق تقديرات البنك الدولي تبلغ حوالي 6.9 مليارات دولار للأضرار المباشرة فقط، وأن صندوق إعادة الإعمار الذي يبدأ بمليار دولار يعد تأسيسيا للبنى التحتية للمناطق.

وذكر أنه كلما تقدم لبنان في برنامجه الإصلاحي وبدأ في معالجة هذه المشاكل كانت هناك قابلية أكثر على أن يكون هناك دعم مالي وهذه ما يعبر عنه العالم كله سواء الأشقاء العرب أو صندوق النقد والبنك الدولي. وزاد قائلا: "لبنان يسير باتجاه الإصلاح الحقيقي مع هذه الحكومة".

وأضاف: "لحسن الحظ في عام 2023 و2024 تمكن لبنان من ان يصل إلى توازن بين الإنفاق والإيرادات وسنسعى إلى تعزيز المداخيل، والمطلوب في هذا الأمر شيئان، الأول هو القضاء على الفساد والفوضى في الكثير من القطاعات، ومن جهة أخرى العمل على تنمية الاقتصاد".

وحول كيفية تخطيط الإدارة الجديدة لدعم الليرة اللبنانية والسيطرة على معدلات التضخم، أكد الوزير أن معدلات التضخم شهدت انخفاضا بشكل جيد جدا مؤخرا، أما السيطرة على الليرة فأشار إلى أنه حين يكون هناك تحسن في ميزان المدفوعات بشكل مباشر سيستقر وضع العملة، فكلما استطعنا إعادة الثقة إلى الاقتصاد اللبناني والاستقرار إلى البلاد استطعنا تنمية الاقتصاد وإعادة السياح، ولحسن الحظ ما يساعد هذه الأيام هو ان اللبنانيين رغم انتشارهم ما زالوا يؤمنون ببلدهم وهم اليوم أكبر مصدر للتحويلات الخارجية إلى لبنان ما يعني أن أكبر مصدر لدعم الاحتياطي النقدي الأجنبي للبنان هو تحويلات لبنانيي الخارج.

وحول تعويل لبنان على السياحة لعلاج جزء كبير من الخلل في ميزان المدفوعات، قال الوزير: "السياحة تعالج ميزان المدفوعات والإنفاق في البلد وتزيد مداخيل الدولة فتنمي الاقتصاد أكثر، ولكن كل شيء يجب أن يسير بالتزامن، فمثلا عودة لبنان إلى التصدير إلى الخليج أمر ممتاز وعودة الخليجيين والعرب إلى لبنان كذلك، ولكن يجب أن نقوم بدورنا في الأساس".

وذكر جابر أن لبنان يتفاوض حاليا مع البنك الدولي على قروض عديدة أحدها لتأسيس صندوق لإعادة البنى التحتية في المناطق المتضررة، مشيرا إلى أن البنك الدولي وضع لهذا الصندوق 250 مليون دولار كمبلغ تأسيسي.

وحول توقعاته لمساعدات خليجية، قال إن دول الخليج وقفت بجانب لبنان واليوم هم ينصحوننا بمعالجة وضعنا، ففي السنوات الماضية لم يكن أداؤنا جيدا ونحن بحاجة لأن نهتم بتحسين أدائنا.