اشار النائب أديب عبد المسيح الى ان نزع سلاح حزب الله وكل سلاح غير شرعي مطلب لبناني قبل أن يكون مطلبا دوليا، لاسيما أن العهد الجديد رئاسة وحكومة، أكدا في كل من خطاب القسم والبيان الوزاري على حصرية السلاح بيد الشرعية وبسط نفوذ الدولة على كامل الأراضي اللبنانية.

واردف عبد المسيح في حديث إلى "الأنباء" الكويتية، إلا أن السؤال الأبرز في هذا المقام يتمحور حول كيفية وآلية نزع السلاح غير الشرعي، بعيدا من تعريض البلاد لخضات أمنية سياسية طائفية مناطقية لا تحمد عقباها، خصوصا أن هذا الملف الضاغط داخليا يقع بين مطرقة الإصرار الإسرائيلية - الأميركية على استعجال تنفيذه، وسندان حكمة العهد بتنفيذه على البارد، بعيدا من أي حماوة من شانها إقحام البلاد في نفق مظلم.

ولفت الى انه تقضي وجهة نظر الكيان الإسرائيلي المدعوم أميركيا وأمميا، بعدم انسحاب جيشه من جنوب لبنان، وعدم وقف ملاحقة مسيراته لقيادات وكوادر حزب الله، قبل تطبيق كامل القرار 1701 وملحقاته في اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك لمنع تكرار تجربة حرب يوليو 2006، والتي انتهت إلى إعادة تنظيم حزب الله لصفوفه وتعزيز ترسانته العسكرية وقدراته المالية. وبالتالي لن يقبل الإسرائيلي هذه المرة، لا بإعادة الإعمار ولا بتدفق المساعدات والاستثمارات إلى لبنان قبل نزع السلاح غير الشرعي، وخضوع كل الأراضي اللبنانية لسلطة الدولة وإمرة الجيش اللبناني. فيما تقضي وجهة نظر العهد اللبناني بقيادة الرئيس العماد جوزف عون والى جانبه غالبية القوى السياسية لاسيما السيادية منها، بعدم تكرار التجارب اللبنانية السابقة التي أثبتت بالوقائع والحيثيات ان ​سياسة​ الفرض والإجبار والإكراه لا تأتي بالمطلوب، بل من شأنها سوق البلاد باتجاه فوضى أمنية واسعة النطاق، قد تصل إلى حد اندلاع مواجهات مسلحة لا أحد يعلم أين وكيف تنتهي.

واردف "فرض الدولة اللبنانية لهيبتها وإرادتها ونفوذها على كامل أراضيها هو العامل المشترك بين وجهتي النظر المذكورتين. إلا انه من العقل والمنطق والبصيرة الثاقبة، ان وجهة نظر العهد والحكومة في كيفية نزع السلاح هي الأسلم والأكثر ضمانة لعدم انزلاق الداخل اللبناني إلى أزمات تعيق مشروع قيام الدولة. ولابد من وضع خطة زمنية لسحب السلاح بالتوازي مع إنجاز الإصلاحات المطلوبة على المستويات كافة، لاسيما ان لبنان يقف على أرض زجاجية، وأي خطوة غير محسوبة النتائج قد تنكسر ويقع الجميع في دهليز من متاهات مرفوضة سلفا وبالمطلق".

ولفت الى ان ما شهدناه ونشهده اليوم في لبنان والمنطقة من تطورات عسكرية ومتغيرات سياسية أبرزها انهيار نظام الأسد في سورية، يندرج في سياق خطة ممنهجة مدموغة بموافقة المجتمع الدولي تقضي بقطع الأوصال بين إيران وأذرعها في المنطقة العربية، تمهيدا لضربها وإنهاء مشروعها النووي، وبالتالي إعادتها إلى حدودها الجغرافية. هذا الأمر تلقفته إيران بدقة، فأطلقت موقفها الأخير بالتخلي عن الحوثيين في اليمن وفصائلها المسلحة في العراق، ناهيك عن أن البيئة الشيعية الحاضنة لسلاح حزب الله، أدركت أن الخبز الإيراني لا يسمن ولا يغني من جوع، وان الدولة اللبنانية وحدها تحمي وتبني. والدليل هو تماهي وتناغم رئيس مجلس النواب نبيه بري الممثل الرئيسي للطائفة الشيعية الكريمة في لبنان، مع المسارين الإصلاحي بقيادة الرئيس جوزف عون والإنقاذي بإدارة حكومة الرئيس نواف سلام.

واكد ان لبنان انطلق بقيادة الرئيس جوزف عون في اتجاه العودة، أولا إلى الخارطة الدولية، وثانيا إلى الحضن العربي لاسيما الشق الخليجي منه. وبالتالي فإن انتصار الديبلوماسية اللبنانية على الخيارات الإسرائيلية قادم لا محال.