أعلن وزير الزراعة نزار هاني أن قانون زراعة القُنّب الهندي أُقر في مجلس النواب، وأن العمل جارٍ لتعيين الهيئة الناظمة، ما يعني انطلاق تنفيذ القانون رسميًا. واعتبر أن هذا النموذج يجب أن يُعتمد في مجالات أخرى، مشددًا على أن التحديات الزراعية والمناخية تفرض إعادة توزيع الإنتاج الزراعي وفق رؤية علمية دقيقة تعتمد على ما يُعرف بـ"الأطلس الزراعي" الذي يحدد أنواع الزراعات بحسب الجغرافيا والجدوى.
وخلال حلقة نقاش ضمن معرض "هوريكا" في نسخته الـ 29 حول "الأمن الغذائي والنمو الصناعي في لبنان" نظمّتها شبكة القطاع الخاص اللبناني "LPSN" بالتعاون مع نقابة الصناعات الغذائية في لبنان وجمعية الصناعيين اللبنانيين، أوضح أن خطة الوزارة ترتكز على تحديد أولويات زراعية لكل منطقة:
• الجنوب: الحمضيات، الخضار، تربية الدواجن.
• البقاع: محاصيل أساسية مثل القمح.
• عكار: تحديد الزراعات الأنسب بناءً على التربة والمناخ.
• جبل لبنان: الزيتون، الأشجار المثمرة والتفاح.
وأكد أن الدولة لن تدعم الزراعات بشكل عشوائي، بل ستخصص الدعم للمحاصيل التي تُثبت جدواها في مناطق معينة. من هنا، سيتمكن المستثمرون في الصناعات الغذائية من تحديد اتجاهاتهم الاستثمارية بشكل دقيق، وفق الخطة التي ستتركز على 6 إلى 8 محاصيل رئيسية (Crops) مدروسة.
وأضاف أن الزراعات الصغيرة ستبقى موجهة لتلبية الاحتياجات المحلية في الأرياف، مما يخلق توازنًا بين الإنتاج التجاري والاستهلاك الأسري، بما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد، ويدعم الصادرات ويخفف من الاستيراد.
وفي سياق حديثه عن الابتكار الزراعي، شدد الوزير هاني على ضرورة سن قانون لحماية البذور، باعتبار أن البذور هي "ملكية فكرية" تتطلب حماية قانونية، مشيرًا إلى أن بعض مراكز الأبحاث العالمية تعمل لعشر سنوات لتطوير بذرة واحدة مقاومة للتغيرات المناخية. وقال: "لدينا شركات لبنانية تنتج البذور، ولكنها تُضطر إلى إنتاجها خارج لبنان بسبب غياب البيئة القانونية الحامية، وتقوم بتصديرها إلى مختلف دول العالم. علينا أن نوفّر لها السياسة الصحيحة لتنتج محليًا".
ولفت إلى أن الحيازات الزراعية الصغيرة، خصوصًا في جبل لبنان، تجعل من إنتاج البذور خيارًا اقتصاديًا رابحًا، داعيًا إلى تطوير السياسات الزراعية على أسس علمية واضحة تتماشى مع التحديات الحالية. وختم بالتأكيد على أن دور الوزارة هو بناء السياسات وتنظيم القطاع الزراعي، معتبراً أن الزراعة المستدامة ليست مجرد خيار بل ضرورة وطنية في بلد يعاني من تداعيات الأزمات الاقتصادية والمناخية، ويملك في الوقت ذاته جذورًا زراعية عميقة.
من جهته، رأى رئيس جمعية الصناعيين، سليم الزعني، أن القطاع الزراعي اللبناني يشكّل ركيزة أساسية في الاقتصاد، حيث يمثل 25% من حجم الصادرات اللبنانية. إلا أن النظرة إلى القطاع الصناعي تختلف، إذ لا يمكن للبنان المنافسة عالميًا من حيث الكميات بسبب محدودية المساحات الزراعية، ما يجعل الصناعة اللبنانية مضطرة للتميز من خلال الابتكار والجودة وتقديم قيمة مضافة على المنتج.
وشدد الزعني على أهمية تشجيع الاستثمار في لبنان عبر تقديم حوافز مالية واقتصادية للمستثمرين، وهو ما تفتقر إليه البلاد حاليًا. كما وجّه تحية للصناعيين الذين لا يزالون مؤمنين بلبنان ويواصلون الصمود رغم التحديات التي واجهوها منذ عام 2020 حتى اليوم.
وأعرب عن أمله في أن يتمكن الوزراء الجدد، الذين يضعون نصب أعينهم العمل على تحسين الإنتاجية وتصحيح المسار الإداري، من إنهاء حالة الفوضى التي استمرت لأكثر من 50 عامًا في مختلف الإدارات.