على هامش اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، برز إعلان الأوّل تهنئته للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أخذه سوريا عبر وكلائه، بالرغم من رفض الأخير لهذا التوصيف خلال الإتصال بينهما، لكن في مطلق الأحوال طرح هذا الموقف الكثير من علامات الإستفهام، حيث أن البعض ذهب إلى إعتبار ذلك بمثابة التسليم بالواقع الجديد في سوريا، في حين رأى البعض الآخر أن الرئيس الأميركي حمل أنقرة مسؤوليات كبيرة.
في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن قراءة ما أدلى به ترامب، لا يمكن أن تُفصل عن الإطار الذي جاءت فيه، لناحية الحديث عن التوترات التركية الإسرائيلية، بسبب التنافس بينهما في سوريا، حيث أراد أن يؤكد أنه قادر على منع حصول أي صدام بينهما، من خلال العلاقات التي تجمعه مع أردوغان، وهو ما تُرجم من خلال الكشف، بعد ذلك، عن إتصالات بين أنقرة وتل أبيب، بهدف إنشاء آلية تفادي الصدام.
بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا المسار لم يكن مستبعداً، منذ اليوم الأول، خصوصاً أنه من الصعوبة بمكان تصور ما يُطرح عن صدام بين الجانبين، وبالتالي من الطبيعي أن تتجه الأمور إلى المعالجة، في المرحلة المقبلة، إنطلاقاً من الدور الذي سيلعبه ترامب على هذا الصعيد، على قاعدة أنه يبقى الأكثر قدرة على التأثير على كل من تركيا وإسرائيل في الوقت نفسه.
في هذا الإطار، من الضروري التشديد على أن هذا الواقع، يدفع إلى البحث في وضعية السلطة الجديدة برئاسة أحمد الشرع، حيث لا تزال واشنطن ترفض الإعتراف بها، بدليل أنها أبلغت البعثة الدبلوماسية السوريّة في الأمم المتحدة، في الأسبوع الماضي، قرار تغيير وضعها، من بعثة دائمة إلى بعثة لحكومة غير معترف بها من قبل الولايات المتحدة، ما يشير إلى إمكانية عدم الإعتراف بها في وقت قريب، بالإضافة إلى عدم إمكانية رفع العقوبات عن دمشق بشكل كامل.
هنا، من الممكن أيضاً الإشارة إلى الإنتقادات التي تتعرض لها السلطة الجديدة، من قبل بعض الجهات الإقليمية التي من المفترض أن تكون حليفة لها، بسبب عدم قدرتها على تأمين النموذج الذي يستطيع أن يجمع السوريين، ما يعني عدم قدرتها على البقاء في موقعها لفترة طويلة، بالإضافة إلى عدم معالجتها القضايا التي تعتبر ضرورية في مسار تحسين علاقاتها الخارجية.
في قراءة المصادر المطلعة، ما تقدم لا يمكن أن ينفصل عن الموقف الأميركي، على قاعدة أن ليس هناك من جهة مستعدة للمغامرة في توتير العلاقات مع إدارة ترامب، للدفاع عن الشرع، الذي لم ينجح في تقديم النموذج الذي من الممكن أن يبرر ذلك، خصوصاً في ظل التحديات التي برزت في الداخل السوري، لا سيما لناحية العلاقة مع باقي المكونات، ما قاد إلى تعزيز الدعوات للإنفصال والمطالبات بالحماية الدولية.
من وجهة نظر هذه المصادر، هذا الواقع يعني ضعف وضعية الشرع، على إعتبار أن التفاوض بين القوى الإقليمية والدولية الفاعلة، برعاية أميركية، سيعني تقديم تنازلات متبادلة، من المرجح أن تكون على حساب سلطته، خصوصاً في ظل تحميله، من قبل البعض، مسؤولية الواقع الراهن، على قاعدة أن الممارسات التي تقوم بها الفصائل، التابعة أو المتحالفة معه، هي التي عزّزت الإنقسام الداخلي والمخاوف التي تعبّر عنها غالبية المكونات.
في المحصّلة، تشير المصادر نفسها إلى أنّ الدعوات، التي خرجت من قيادات علويّة في الأيام الماضية، للمطالبة بالحماية الدولية، بالإضافة إلى تلك التي كانت قد صدرت عن قيادات درزيّة، لا يمكن أن تنفصل عن هذا الواقع، على إعتبار أن السلطة لو قامت بما هو مطلوب منها منذ البداية، بعد المجازر التي حصلت في الساحل السوري، ما كانت لتخرج هذه الدعوات بهذا الشكل، لكنها تعرب عن أسفها لأنّ طريقة التعامل معها، بالإضافة إلى إستمرار التجاوزات، تعني أن هذه السلطة غير معنية بالسعي إلى إحتوائها.