يُدرك حزب الله بتبدل الوقائع في المنطقة، وأن ما كان قبل عملية طوفان الأقصى ليس كما بعدها، من الباب اللبناني تحديداً وبعده السوريّ كانت التبدلات الكبرى التي تفترض تبدلاً يرافقها في طريقة العمل، فالمطلوب من لبنان اليوم هو التسليم بقوة الإحتلال، ونزع السلاح ووقف تمويل الحزب، أي ضربه تنظيمياً وعسكرياً ومالياً.

لا يتعامل الحزب مع الوقائع الجديدة بنفس آلية وطريقة التعامل معها سابقاً، فهو منذ لحظة الإتفاق على وقف إطلاق النار قرر تسليم الدولة اللبنانية كامل المسؤولية بردع الاحتلال والرد على خروقاته، فلم يُطلق طلقة رصاص واحدة، وكان متعاوناً إلى أقصى حدّ في عملية تسليم الجيش اللبناني كل ما يُريد تسلمه في منطقة جنوب الليطاني، ورغم ذلك لم يسلم الحزب لا من التجني الإسرائيلي، ولا من التواطؤ الداخلي اللبناني، لذلك هو يدرس اليوم مساره المستقبليّ.

اليوم لا حديث سوى عن السلاح، فالبعض يعيب على رئيس الجمهورية جوزاف عون مثلاً اعتباره مسألة السلاح بحاجة إلى حوار لبناني وتوافق حول استراتيجية الأمن الوطني، علماً أن مهاجمي عون هم أنفسهم من صفق له عندما نطق بخطاب القسم في المجلس النيابي، والخطاب كان واضحاً لجهة الإشارة إلى استراتيجية الأمن الوطني، بينما يهاجمونه اليوم لأسباب انتخابية، مهما بلغ الضرر الداخلي.

منذ بداية عهده يسعى رئيس الجمهورية لإيجاد الحلول لمسألة السلاح، هو مقتنع بذلك ويعلم الثنائي الشيعي وحزب الله جديته في هذا الامر، بعيداً عمّا هو مطلوب من لبنان أميركياً، ومما نقل عنه أول من أمس قوله أن حزب الله أبدى ليونة ومرونة في مسألة سلاحه، يُضاف إلى الكثير من التقارير التي باتت تتحدث عن موقف حزب الله من مسألة السلاح، ولكن بحسب مصادر مطّلعة فإن الحزب لم يتخذ موقفاً بشأن مستقبل سلاحه على الإطلاق، لأسباب كثيرة أبرزها أن الصورة ليست واضحة لديه بخصوص كيفية التعامل بهذا الخصوص ومستقبل المنطقة ووضع الاحتلال، ولكن بنفس الوقت هو مقتنع بأن الواقع لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه، إنما ما يشدد ويسعى إليه هو أن يكون التعامل مع السلاح انطلاقاً من مصلحة لبنان.

هكذا يمكن اختصار موقف الحزب بحسب المصادر، مشيرة إلى أنّه يُبدي مرونة حول قبوله بمبدأ البحث في السلاح، بعد ترتيب الأولويات التي يجب أن تنطلق من واقع أن سيادة لبنان مغتصبة ومنتهكة، ولا أولوية تعلو فوق أولوية استعادة السيادة، أي تحرير الأرض وردع العدوان، لا مرونة بخصوص تسليمه، علماً أن البعض بات يتحدث عن آلية التسليم، فبالنسبة للحزب يجب بناء استراتيجية أمن وطني أو استراتيجية دفاعية بناء على أوراق قوة لبنان ومن ضمنها السلاح، لا تسليمه وتدميره.

كل ما يُقال حول قرار نهائي للحزب بخصوص سلاحه لا يجب تصديقه، تقول المصادر، مشيرة إلى أنّ الرؤية المستقبلية لديه ليست واضحة بعد، وما يسوق له البعض من وضع لملف السلاح على جدول أعمال الحكومة لن يُساهم سوى بتأزيم الوضع السياسي الداخلي ووضع الحكومة أيضاً.