كلّ الأنظار متّجهة إلى مسقط، حيث تنطلق اليوم، المفاوضات الأصعب بين الولايات المتّحدة الأميركية وإيران، وما يمكن أن يتمخّض عنها من ارتدادات ستنسحب على الملفّات الإقليميّة والدّوليّة.
في هذا الإطار، اعتبر مرجع كبير لصحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "مجرّد جلوس الأميركيِّين والإيرانيِّين على طاولة المفاوضات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، ورفع مستوى المفاوضين، هو أمر ينطوي على إيجابيات من حيث الشكل. ويجب ألّا نغفل أنّ الشكل هنا، فيه ما يلامس الجوهر، باعتبار أنّ الجانبين باتفاقهما على المفاوضات يُعطِيان فرصة جدّية للحلّ السياسي والاتفاق، ويُعبّران بصورة غير مباشرة عن رغبتهما بتجنّب التصعيد والمواجهة".
أمّا من حيث المضمون، فأوضح أنّ "ما بين واشنطن وطهران وديان من الخلافات وسنوات طويلة من الصدام والعقوبات، ولذلك لا أقول إنّ المفاوضات سهلة، ولا أقول إنّها ستفشل أو إنّها ستنجح، هي في رأيي مفاوضات رمادية تميل وفق مجرياتها إلى البياض أو السواد، وكل الاحتمالات واردة فيها، وربما تطول هذه المفاوضات بحسب الملفات التي ستُطرح فيها؛ وربما تكون قصيرة. في كل الأحوال فلننتظر، والعبرة تبقى دائماً في الخواتيم".
تفاؤل دبلوماسي
في هذا الإطار، أشار دبلوماسي أوروبي رفيع لـ"الجمهورية"، إلى "أنّه يتوقع أن تكون المفاوضات الأميركية- الإيرانية شاملة، ولا يتوقع نتائج سريعة، كونها لن تكون مقتصرة على الملف النووي، بل أمام الأميركيِّين والإيرانيِّين مجموعة كبيرة من ملفات محل تناقض وتعقيد كبير بينهما، ما قد يستوجب جولات متعدّدة من المفاوضات قد تمتد لأجل غير معلوم، وربما لأشهر على أقل تقدير".
وعمّا إذا كان يتوقّع أن تُفضي هذه المفاوضات إلى تفاهمات وإيجابيات، ركّز على "أنّني لا أملك الحسم، لكن لديّ ما يجعلني أميل إلى التفاؤل أكثر، فالجانبان جادان. وألفت الانتباه هنا إلى أنّه خلال الأسابيع الأخيرة، كان هناك ما يُشبه الخيط الرفيع بين الحرب واللاحرب، لكنّ دبلوماسية الغرف المغلقة والقنوات السرّية غير المنظورة تمكّنت من تمتينه".
وذكر المسؤول أنّ "في اعتقادي أنّ المساهم الأكبر في ذلك، هو إدراك الأطراف لما قد تؤدّي إليه الحرب من تهديد، ليس للسلام الإقليمي بل للسلام العالمي، وهو ما حذّر منه الروس وغيرهم الذين تخوّفوا من كارثة بيئية في منطقة الشرق الأوسط، وإعصار اقتصادي سيضرب العالم بأسره".
ماذا عن لبنان؟
أمّا لبنانياً، فشدّدت مصادر واسعة الإطلاع على أنّ "الثابتة لدى المستويات المسؤولة في الدولة، ولاسيما لدى رئاسة الجمهورية، والتي يُعبِّر عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري أيضاً، هي التركيز على أولوية دفع عجلة إنهاض البلد لقتصادياً ومالياً، والتسريع بالخطوات والإجراءات الحكومية في هذا المجال؛ بمعزل عن أي أمر آخر".
وبيّنت أنّ "المستويات المسؤولة في الدولة تأمل أن تنجح المفاوضات، ولا تملك أكثر من ذلك، إلّا أنّها تتقاطع جميعها على حقيقة أنّ واقع لبنان لا يحتمل ترف تضييع الوقت، أو التباطؤ في الإنجاز في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات".
ونقلت المصادر عن أحد الرؤساء قوله: "المطلوب إكمال المسار الإنقاذي، فإن كانت نتائج المفاوضات سلبية، يكون لبنان قد جمّع عوامل تحصينه، وأمّا إذا ما جاءت إيجابية وانتهت إلى اتفاق بين الأميركيِّين والإيرانيِّين، فهذا الاتفاق إن حصل ستمتد ارتداداته حتماً على مساحة الإقليم، ولبنان من ضمن هذه المساحة بالتأكيد؛ وبالتالي تكون هذه الارتدادات الإيجابية قيمة مضافة ودافعة أكثر لنا إلى مزيد من التقدّم والانجاز في لبنان".
العامل الإسرائيلي
وفي موازاة ضرورات التحصين الإصلاحي والإقتصادي والمالي، شدّدت مصادر رفيعة في "الثنائي الشيعي" على أنّه "تبرز ضرورة تفوقها، وتتجلّى في الارتفاع إلى أعلى درجات اليقظة والحذر من العامل الإسرائيلي، في ظل محاولاته المتكرّرة لإرباك الوضع اللبناني ونسف اتفاق وقف إطلاق النار".
واعتبرت أنّ "المسؤولية في هذا المجال، تقع على السلطة السياسية في توفير كل الوسائل لمنع الإسرائيلي من تحقيق غايته، بالتوازي مع إعلان الاستنفار الدبلوماسي مع الدول المعتبرة صديقة، وفي مقدّمها الولايات المتحدة الأميركية، لردع إسرائيل ونزع فتيل التصعيد الذي تشعله".
استبعاد التصعيد
إلى ذلك، أشار مرجع أمني لـ"الجمهوريّة" إلى أنّ "اعتداءات إسرائيل على لبنان منذ اتفاق وقف إطلاق النار، دافعها داخلي بشكل أساسي، والهدف الأساس منها هو تطمين سكان مستوطنات الشمال وحثهم على العودة إليها، فيما هم يمتنعون حتى الآن. وقد كان هذا الأمر أحد أهداف حرب الـ66 يوماً على لبنان، ولم يتحقق بالشكل الذي أرادته إسرائيل، لاسيما أنّ آخر الإحصاءات الإسرائيلية تتحدّث عن نسبة عودة للمستوطنين تتراوح بين 10 و15% إلى المستوطنات، على رغم من إخلاء "حزب الله" لمنطقة جنوب الليطاني".
واستبعد "لجوء إسرائيل إلى تصعيد كبير لأسباب متعدّدة، أولها الـ"فيتو" الأميركي على استئناف الحرب. وثانيها الأزمة السياسية المتصاعدة داخل المستويات السياسية في إسرائيل، وحتى في داخل حكومة بنيامين نتانياهو"، موضحًا أنّ "السبب الثالث هو أنّ الجيش الإسرائيلي نصفه متفرّغ للحرب في غزة ونصفه الآخر صار في سوريا. والسبب الرابع أنّ إسرائيل ما زالت مقتنعة بقدرة "حزب الله" على مواجهتها وإيذائها، والإعلام الإسرائيلي يشير إلى ذلك بوضوح".
الحريري ممنوع من الانتخابات البلدية: المناصفة بقانون في بيروت
من جهة ثانية، أفادت صحيفة "الأخبار" بأنّ "مع الإعلان عن موعد إجراء الانتخابات البلدية وتأهّب تيار "المستقبل" للعودة إلى الحياة السياسية من بوابة انتخابات بيروت، تفاءلت الأحزاب المسيحية خيراً باحتمال إعادة عقارب الساعة إلى عام 2016، بما يحقّق المناصفة في المجلس البلدي للعاصمة ويمنع التشطيب العشوائي، ويحول دون انتخاب مجلس بلدي من دون المسيحيين. غير أن تردّد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، قبل شهر من موعد الاستحقاق، استدعى استنفاراً مسيحياً لشدّ العصب وفرض المناصفة في بيروت بقوة الوحدة المسيحية".
وعلمت "الأخبار" أن "لقاء عُقد أول أمس، في مركز حزب "الطاشناق" في برج حمود، ضمّ نواب العاصمة المنتمين إلى حزب "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" و"الكتائب" و"الطاشناق"، اتُّفق خلاله على السير بقرار واحد لتشكيل لائحة تحافظ على تمثيل المسيحيين بـ12 عضواً من أصل 24 يسمّونهم بأنفسهم".
ولفتت إلى أنّ "النائب غسان حاصباني تحدث خلال الاجتماع عن احتمال قوي بعدم مشاركة الحريري في الانتخابات كما كان مقرّراً، بسبب معارضة سعودية لهذه المشاركة، وهو ما يعزّز المخاوف من تعمّد رئيس الحكومة السابق ترك الأمور تنفلت في بيروت، بفتح الباب أمام تشطيب المرشحين المسيحيين لإيصال رسالة بأنه وحده ضمانة الوحدة الوطنية في العاصمة".
وركّزت الصحيفة على أنّ "لذلك، يكثّف القواتيون لقاءاتهم مع النائب فؤاد مخزومي، من أجل تعاون محتمل بات في مراحل متقدّمة، علماً أن مخزومي لم يكن بعيداً عن أجواء التفاوض مع الحريري، الذي يبدو أن ممثّليه يتناحرون في ما بينهم في غيابه، وكلّ يعطي ضمانات مختلفة عن الآخر".
وأشارت مصادر مطّلعة في هذا الإطار، إلى أنّ "الأمين العام للتيار أحمد الحريري يسعى إلى الحصول على موقف واضح من الحريري بحلول نهاية هذا الأسبوع، في وقت يبدو الأخير مكبّلاً بالفيتو السعودي الذي لا يزال سارياً، وتمّ تأكيده لـ"القوات" ورئيس الحكومة نواف سلام قبل أسبوع. وبالتالي، فإن الترجيحات لدى عدد كبير من المسؤولين أنه سيستمر في قرار تعليق عمله السياسي والبلدي، لأن الرياض تبدو حازمة في عدم منحه فرصة لـ"التسلل" إلى بيروت كما كان يطمح".