تنتظر الإنتخابات البلدية في المدن التي يتواجد فيها الصوت السنّي بكثافة قرار تيار "المستقبل" ورئيسه سعد الحريري بخصوص المشاركة وعدم المشاركة، مع العلم أن الحريري خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت في شباط الماضي أوحى وكأن تياره سيعود إلى ممارسة الحياة السياسية في لبنان انطلاقاً من الاستحقاق البلدي، تمهيداً لخوض الاستحقاق النيابي.
بعد خطاب الحريري في شباط كانت كل المؤشرات تدلّ إلى تولي عمّة الحريري، بهية، شؤون رئاسة التيار، الأمر الذي أزعج المقربين من الشيخ سعد، من مستشارين أو قياديين بالتيار يعتبرون أنهم الأحق بهذه المهمة كونهم عملوا طوال فترة غيابه على محاولة حفظ التيار، وأداروا شؤون جمهوره في المناطق اللبنانية، وهم أنفسهم اليوم بحسب معلومات "النشرة" لم يتقبلوا بعد فكرة إدارة بهية الحريري لتيار المستقبل، ولكن يبدو أن كل ذلك سيسقط بحال قرّر العزوف عن المشاركة بالاستحقاق البلدي.
ترى مصادر سياسية متابعة أن قرار الحريري سيكون له تأثير كبير على مستقبل التيار الذي لم يُحدد بشكل واضح خلال خطابه الاخير من وسط بيروت، رغم اعتبار بعض جمهور "المستقبل" أن التيار سيعود للحياة مجدداً، متجاهلين كل الإشارات التي كانت تصدر عن المملكة العربية السعودية بخصوص الفيتو الموجود على شخص الشيخ سعد، ولذلك فإن هذا الإستحقاق والتوجه فيه سيعطي إشارة واضحة حول مصير التيار وإمكانية مشاركته في الإستحقاق النيابي المقبل، علماً أن الحريري كان ولا يزال يُراهن على المتغيرات، كونه يُدرك حقيقة الموقف السعودي منه.
خلال الفترة الماضية حاول كثيرون تعبئة الفراغ الذي تركه قرار الإعتكاف الذي اتّخذه مرغماً، دون أن ينجح أحد بذلك، ولكن وقتها كانت عجلة الدولة تسير ببطء، ولم يكن هناك قرار بإلغاء وجود تيار المستقبل في الدولة اللبنانية، على عكس ما هو الحال عليه اليوم، إذ تُشير المصادر عبر "النشرة" إلى وجود قرار بإضعاف وجود التيار في الدولة بشكل كامل، مشيرة إلى أن هذا المسار انطلق من خلال التعيينات التي تُجريها حكومة نواف سلام حيث يبدو واضحاً أن رئيس الحكومة يعمل وفق هذا التوجه، رغم الغزل الذي كان يحمله الحريري بحقه، فتعيينات قوى الأمن الداخلي ومن بعدها فرع المعلومات والتشكيلات الأمنية كلها تؤكد أن تيار "المستقبل" كان المستهدف، إذ لم يعد له وجود في هذه المؤسسة بعد أن سيطر على التعيينات فيها لفترة طويلة.
كل هذه الوقائع تجعل من العودة، وإن حصلت بطريقة أو بأخرى، صعبة للغاية، فالتيار كان يمتاز بأمرين أساسيين، قوته الماليّة، التي شهدت تراجعاً ضخماً، سواء على مستوى رئيسه أو المقربين الذين كانوا يسيطرون على المشاريع التي تقوم بها الدولة اللبنانية، وقوته داخل أجهزتها حيث شهدت أيضاً تراجعاً، وباتت اليوم شبه معدومة بسبب حرب الإلغاء التي تواجه "المستقبل"، وبالتالي ترى المصادر أن قرار التيار بشأن الإنتخابات البلدية سيكون مهماً ولكنه لا يقدم كل الصورة الصعبة التي تُعانيها الحريريّة السياسية في هذه المرحلة من عمر لبنان، ولو أن سعد الحريري يعوّل على تسونامي سياسي وشعبي سيقع بحال حصل على الضوء الأخضر السعودي للعودة.