اشارت صحيفة "الاخبار" الى انه كما كان متوقّعاً، أصدر رئيس تيار المستقبل سعد الحريري أمس، قراره بإعلان عزوف "تيّار المستقبل" عن المُشاركة في الانتخابات البلديّة ترشيحاً وتأييداً، محذّراً من "أي محاولة من أي طرف في العاصمة بأن يُنصِّب نفسه متحدّثاً باسم التيار أو وصياً على جماهيره".

ولفتت الى انه صحيح أن الحريري عزا عدم تدخّله إلى أنّ "الانتخابات البلدية هي انتخابات أهلية إنمائية غير سياسية"، إلّا أنّ السبب الحقيقي يكمن في عدم قدرته على القفز فوق الإيعاز السعودي بمنع تياره من المُشاركة في الترشيح ولا حتّى في تشكيل اللوائح، بما يُظهر نيّة واضحة لدى الرياض بالقضاء على "الحريريّة السياسيّة" من دون الأخذ في الاعتبار ما يشكّل الحريري من حيثيّة شعبيّة، ولما له من قدرة على تشكيل لائحة ائتلافيّة تضمن مبدأ المناصفة في مجلس بلديّة بيروت. وهكذا وضعت الكيد السياسي فوق كلّ اعتبار، لتبدأ بخطّتها التنفيذيّة في "إبادة" التيار شعبياً وسياسياً، من بوابة الانتخابات البلديّة، علماً أن قرار السعودية شمل المقرّبين من الحريري، وتحديداً رئيس "جمعيّة بيروت للتنمية الاجتماعيّة" أحمد هاشميّة الذي تبلّغ من رئيس "التيار" مساء أمس الأوّل ضرورة انسحابه من أي مفاوضات لتشكيل لائحة ائتلافيّة من العائلات بدعمٍ من الأحزاب.

وفي السياق ذاته، فقد جمّد "الفيتو" السعودي الاجتماعات بين القوى السياسية في العاصمة من أجل تشكيل لائحة ائتلافية بالتنسيق مع الأحزاب المسيحيّة بما يضمن مبدأ المناصفة في المجلس. كما تسبّب بخلط الأوراق على مستوى الحصص التي كان متفقاً عليها، خصوصاً أن الخطة السعودية تقضي أيضاً بأن يتولى النائب فؤاد مخزومي بالتنسيق مع "القوات اللبنانية" استغلال غياب الحريري لتشكيل لائحة بالتحالف مع رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، والاستحواذ على الحصة التي كانت محسوبة لـ"المستقبل" والتّعامل كما لو أنّهم يشكّلون الأكثرية البيروتيّة باستبعاد القوى الأُخرى. ولم يُعرف بعد ما إذا كانت "جمعية المشاريع الخيريّة الإسلاميّة" سترضى باستمرار هذا الحلف في حال غياب القوى الأُخرى، إذ يشير مسؤولوها إلى ضرورة انخراط السياسيين في دعم الكفاءات من العائلات.

كلّ ذلك دفع إلى التريث في اتّخاذ القرارات وعودة الماكينات الانتخابية إلى "حسبة" جديدة توضح كيفيّة توجّه جمهور "المستقبل"، وعمّا إذا كان القرار السعودي سيؤدي إلى ردّة فعل شعبيّة تنتج هزالة في التصويت في بيروت، إلّا في حال كان هناك قرار بالدعم من تحت الطاولة، خصوصاً أنّ غياب أصوات "المستقبل" وزيادة الخلاف بين القوى السنيّة قد يؤدّيان إلى الإطاحة بالمناصفة.

كما انسحب هذا الإرباك على الأطراف الأُخرى، وتحديداً الأحزاب المسيحيّة والثنائي الشيعي، إذ يقول مقرّبون من رئيس مجلس النوّاب نبيه بري إنّ "انسحاب الحريري سبّب خلطاً للأوراق، خصوصاً لناحية دور "المستقبل" في كوْنه مايسترو تشكيل لائحة تحفظ المناصفة، إلا أنّ القرار لم يكن مفاجئاً بالنسبة إلينا"، لافتين إلى "أنّنا لا نزال نعمل ونتواصل مع جميع الأطراف لتشكيل لائحة ائتلافية تضمن المناصفة وتمثّل كلّ أطياف العاصمة، بهدف وصول مجلس بلدي متجانس يعمل من أجل الإنماء عبر مرشّحين لديهم الكفاءة والخبرة والنزاهة. ولذلك، نريد أن تكون اللائحة من العائلات على أن تدعمها الأحزاب".

إزالة الأعلام والصور والشعارات الحزبية

انطلقت في العاصمة اللبنانية بيروت عملية إزالة الأعلام والصور والشعارات الحزبية من جميع الشوارع والأحياء وصولاً إلى مطار بيروت الدولي، تنفيذاً لتعليمات وزير الداخلية أحمد الحجار ومحافظ بيروت مروان عبود، وبدأت بلدية بيروت بمؤازرة من وحدة شرطة بيروت في قوى الأمن الداخلي تنفيذ هذا القرار منذ الساعات الأولى من صباح الأربعاء.

وأوضح وزير الداخلية والبلديات اللبناني أحمد الحجار، لـ"الشرق الأوسط"، أن عملية إزالة الصور والشعارات "تأتي من ضمن خطة الحكومة الشاملة لتحسين صورة لبنان تجاه الوافدين إلى لبنانيين وأشقاء وأصدقاء ولتنشيط السياحة في لبنان". وشدد على أن "رئيس الجمهورية تعهد في خطاب القسم ببسط سلطة الدولة على أراضيها كما التزمت الحكومة بذلك ليس فقط بمسألة حصر السلاح بيد السلطة الشرعية، بل أيضاً بما تقدمه للناس من توفير مقومات الحياة وتحسين صورة العاصمة والمدن الكبرى".

بدوره، أوضح محافظ بيروت القاضي مروان عبود أن الدولة "أطلعت الأحزاب على القرار الذي اتخذته بمسألة نزع الصور والشعارات من داخل العاصمة وعلى طريق المطار". وأكد لـ"الشرق الأوسط" أن حزب الله وحركة أمل وكل الأحزاب أبدت تفهمها، حيث باشرت الأجهزة المكلفة بهذه المهمّة عملية تجريد طريق المطار من كل الصور والشعارات. وقال: هناك قرارٌ بأن يكون المطار وطريقه والعاصمة الصورة المعبّرة عن الدولة اللبنانية والعهد الجديد، وأن يكون طريق المطار آمناً وبعهدة الدولة ومؤسساتها الشرعية ولا تأثير لأي طرف آخر".

وشدد محافظ بيروت على أن "التعليمات أعطيت لإزالة كلّ الصور بما فيها الإعلانات التجارية الموضوعة على أملاك الدولة، وأن يكون طريق المطار ووسط العاصمة مضاءً بشكل جيّد". وأضاف: "نستعدّ لموسم اصطياف واعد لاستقبال السياح من الأشقاء العرب والأصدقاء والمغتربين اللبنانيين وتكون بيروت بحلّة جديدة، أي حلّة الفرح التي تحميها الدولة"، لافتاً إلى أن "مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وها نحن بدأنا خطوة كبيرة، إذ ننتهي الأربعاء من تنظيف طريق المطار من كل الشعارات الحزبية، ونستكمل ذلك في جميع شوارع وأحياء العاصمة، ونتوقّع إنجاز هذه المهمّة في غضون أسبوع واحد أو 10 أيام على أبعد تقدير".